العديد من العائلات العادية التي لا تتمتع بالشهرة تجد صعوبة بالغة، في الاعتراف بمعاناة أحد أفرادها من مشكلات ذهنية، أو تأخر في التعليم، أو غيرها من درجات الإعاقة الذهنية، وفي الوقت نفسه فإن المشاهير ممن يعملون في مجالات مثل الفن والسياسة والرياضة، وغيرها يجدون الأمر أكثر تعقيداً، وفي حال تحليهم بالجرأة والشجاعة، والمقدرة على التعايش مع إصابة أحد أفراد العائلة بالإعاقة الذهنية، فإنهم لا يترددون في التعامل بواقعية مع الأمر، ولا يدخرون جهداً في سبيل دمج هذا الطفل أو الطفلة في المجتمع بأساليب عدة، على رأسها التعلم والرياضة، فضلاً عن الرعاية النفسية والطبية وفقاً لطريق علمية مضمونة، لتكون المحصلة تغيراً كبيراً وبصورة إيجابية في حياة هؤلاء المشاهير. أما التأثير الإيجابي الأكبر للإعلان عن إصابة أحد أبناء المشاهير بمشكلة ذهنية فإنه يرتبط في استفادة المجتمع بأكمله من قصصهم الملهمة، فضلاً عن التأثير الإيجابي في برامج رعاية هذه الفئة على المستويين الوطني والعالمي فيما بعد، وهو ما حدث بعد الكشف عن إصابة روزماري شقيقة السيدة يونيس كينيدي، والرئيس الأميركي جون كينيدي بإعاقة ذهنية، فقد بدأت القصة في منتصف خمسينيات القرن الماضي، حينما كتبت يونيس كينيدي شرايفر، وهي شقيقة الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي، مقالاً في مجلة «ذي سترداي إيفيننج بوست» الأميركية لتكشف عن أن شقيقتها روزماري تعاني إعاقة ذهنية. وتسبب المقال في حالة من التحول التاريخي في التعامل مع الإعاقات الذهنية منذ هذا الوقت، فالعائلة الكبيرة الشهيرة حينما تكشف عن معاناة أحد أفرادها من مشكلة ما، حينها يتحلى جميع من يعانون المشكلة نفسها بالجرأة، ويتحررون من هواجس الشعور بالخجل، أو الخوف من التعامل مع المجتمع المحيط، وهو الأمر الذي تحقق فعلياً في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، فقد أصبحت روزماري كينيدي شقيقة الرئيس جون كينيدي، والتي ولدت عام 1918، وهي أصغر من شقيقها الرئيس بعام واحدة ملهمة على طريق التعامل دون خجل مع الحالات التي تعاني مشكلات ذهنية. ولم تتوقف محاولات عائلة كينيدي التي يمكن وصفها بالعائلة الشجاعة في التعامل مع مشاكل الإعاقة الذهنية، ليتحول الأمر من الاهتمام بحالة خاصة داخل المحيط العائلي إلى اهتمام عام أصبح ملهماً فيما بعد على النطاق الأميركي، وصولاً إلى التأثير العالمي فيما بعد. يونيس شرايفر قامت باستضافة معسكر سنوي في منزلها بولاية ميرلاند للمعاقين ذهنياً، وكان الهدف منه إقامة أنشطة رياضية لهم، فقد لاحظت هي وفريق عملها معاناة هذه الفئة من العزلة على النطاق الاجتماعي، وعدم ممارستها لأي أنشطة، وانطلق الأولمبياد الخاص فيما بعد ليصبح حدثاً عالمياً يجمع بين الجانب الرياضي والإنساني، بل إنه الحدث الملهم بقوة. ضجة أشهر ثنائي سينمائي لم تشهد السينما العالمية وجهاً شهيراً في أفلام «الكاوبوي»، مثل روي روجرز، الذي انتزع لقب «ملك الكاوبوي»، والذي استمر نشاطه في عالم السينما خلال الفترة من بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، وحتى عام 1990، ويعود الفضل للنجم الأميركي الشهير الذي كان يجمع بين التمثيل والغناء الفضل في دفع المجتمع الأميركي، ومن ثم العالم فيما بعد إلى التعامل بطريقة صحيحة مع أصحاب الهمم من المعاقين ذهنياً، حينما كشف عن إصابة طفلته روبن بمتلازمة داون، وشاركت معه زوجته النجمة السينمائية الشهيرة دال إيفانز في رحلة تقديم الابنة للمجتمع، ومحاولة دمجها بطريقة صحيحة بعيداً عن مشاعر الخجل، ما عزز من حقوق أصحاب الهمم في المجتمع في مرحلة مبكرة، وتحديداً منذ خمسينيات القرن الماضي. شجاعة نائبة الرئيس أعلنت السياسية الأميركية الشهيرة سارة بالين، المرشحة نائبة للرئيس الأميركي من قبل عن أن لديها طفلاً من مواليد 2008 يدعى تريج مصاباً بمتلازمة داون، وأشارت في تصريح شهير لها أنها وأسرتها لديهما مخاوف وتحديات كبيرة، إلا أنها في الوقت ذاته فخورة لأن القدر اختار هذه الأسرة لكي يكون تريج هو أحد أفرادها، وظهرت بالين مع ابنها في أكثر من مناسبة، سواء عبر المحطات التلفزيونية، أو خلال وجودها في بعض الفعاليات، كما حرصت ابنتها الكبرى بريستول على الاحتفال بيوم متلازمة داون في أكثر من مناسبة في وجود شقيقها الأصغر جريج، وأشارت إلى أن جريج منح العائلة روحاً خلاقة، وجعلها أكثر تماسكاً، فقد أصبح محور حياة جميع أفراد العائلة على حد قولها. ترافولتا يتعلم السعادة في عام 2009 رحل جيت الابن الأكبر للممثل الشهير جون ترافولتا عن عمر ناهز 16 عاماً، ما جعل النجم الشهير يتحدث منذ هذا الوقت عن الابن الذي كان مصاباً بالتوحد، قائلاً إن البعض يعتقد أن رحيل الأب أو الأم هو الحدث الأصعب في حياته، ولكنني أقولها من واقع تجربة، إن رحيل الابن هو الشيء الأصعب، لقد تعلمت من ابني جيت معنى الحب غير المشروط، وهو بدوره جلب لي السعادة الحقيقية طيلة 16 عاماً توليته خلالها بالرعاية، علينا أن نتوقف مع أنفسنا لكي نشكر الله على نعمة الأطفال، وعلينا رعايتهم بأفضل صورة ممكنة، لا يوجد أصعب من رحيل من تعلم على يديك كيف يمشي، وكيف يواجه صعوبات الحياة. جيني مكارثي والابن إيفان صحيح أن كشف الفنانة الشهيرة جيني مكارثي عن إصابة ابنها إيفان بالتوحد تأخر لعامين كاملين، إلا أن الأمر يرتبط في نهاية المطاف بأمر شخصي يحق لها الكشف عنه أو التعايش معه بعيداً عن الأضواء، وقد كان خيارها التحدث في الأمر مع الإعلام، وفي المناسبات كافة، وبدأت المشاركة فيما بعد في حملات دعم الأسر التي يعاني أحد أطفالها هذا المرض، بل إنها أصدرت كتاباً بعنوان «صوت أعلى من الكلمات : تجربة أم طفلها مصاب بالتوحد»، وكشفت عن أن زوجها قرر الانفصال عنها لعجزه عن رعاية طفلهما إيفان، ما جعلت قصة النجمة الشهيرة ملهمة للمجتمع بشكل عام، فمن المعروف أن المشاهير الذين يواجهون هذه الأحداث يؤثرون في المجتمع. روكي.. روح إيجابية لا يظهر سيلفستر ستالون بطل أفلام رامبو وروكي على الشاشة إلا في مشاهد الانتصار، وقهر جميع الصعاب والتحديات، ويبدو أن شخصيته في الحياة وفي الواقع لا تختلف كثيراً عن ذلك، فقد أصيب ابنه سيرجيو بالتوحد، وتم تشخيص الحالة قبل أن يتجاوز الابن الثالثة من العمر، وعلق ستالون على ذلك بقوله إن الله اختار للابن هذا الطريق، وهو طريق هادئ وأكثر خصوصية، وعلى العائلة والمجتمع بأكمله أن يدرك ذلك، وفيما بعد بدأ النجم الشهير في دعم الأبحاث العلمية في مجال التوحد، حيث يرى أن العلم والأبحاث العلمية، والبحث الدائم عن طرق جديدة وفعالة للعلاج هو الحل الأمثل، بعيداً عن إهدار الوقت في مشاعر الحزن، أو الاستسلام لموجات الطاقة السلبية التي قد تحاصر البعض في مثل هذه الحالات.
مشاركة :