قد تكون المعركة العسكرية ضد تنظيم داعش اقتربت من نهايتها، لكن المعركة التي تخوضها الطبيبة النسائية نغم حسن، لا تزال مستمرة؛ لأن الجراح النفسية التي تركتها وحشية عناصر التظيم المتطرف على ضحاياها حفرت عميقًا في حياتهم ونفوسهم. وتقول نغم حسن (41 عامًا): «الحزن لا يزال هنا بين الناجيات» من طائفتها الإيزيدية، التي تعرض أفرادها للتهجير والقتل والعنف والسبي والاغتصاب. وتضيف: «أينما يذهبن يعانين، ولا يمكنهن أن ينسين أبدًا» ما تعرضن له. وأرغمت حسن على الهرب مع عائلتها من بلدة بعشيقة القريبة من الموصل، إلى محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق الشمالي بعد اجتياح تنظيم داعش لمناطق واسعة في العراق وسوريا، بينها إقليم سنجار؛ إذ تقيم أغلبية إيزيدية هناك. ورغم مرور أكثر من أربع سنوات على هذا الاجتياح، وهزيمة التنظيم منذ أكثر من عام في العراق، لم تندمل الجروح الدفينة، خصوصًا تلك التي خلفتها عمليات بيع الإيزيديات في أسواق النخاسة، وجعلهن سبايا استعباد جنسي، إضافةً إلى عمليات خطف واغتصاب الآلاف منهن. في بعض الأحيان، تضطر نغم حسن للإجابة على هاتفها خلال ساعات الليل، أو حتى استقبال مريضات في الشقة التي تسكنها مع والديها وشقيقاتها وأشقائها، بعدما دمر منزل العائلة خلال المعارك ضد الجهاديين. وتقول الطبيبة العزباء: «حياتي العائلية والاجتماعية وعملي، كلها تأثرت بما حصل». وتضيف: «كرّست حياتي من أجل هذا الشيء، لم أتزوج وليس لدي أطفال. أختي الصغيرة تدرس الطب أيضًا لكن نصحتها ألا تحذو حذوي في هذا العمل». كانت نغم في بادئ الأمر تقوم بزيارات منتظمة لمخيمات النازحين أو لعائلات، لكنها سرعان ما قررت وقف نشاطاتها التي تتركز على أمراض نسائية للتوجه إلى العلاج النفسي. ولم يعد في إمكانها وقف جهودها الآن، بعدما أصبح رقم هاتفها، الذي لا يتوقف عن الرنين، في متناول الجميع. في كل مرة ترد الطبيبة على اتصال، تغرق في الاستماع والتفكير في الجراح التي خلفها المتطرفون، تلك المآسي التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها «إبادة محتملة». ولدت نغم نوزات حسن في 1978، هي طبيبة عراقية إيزيدية، وقد نالت جائزة نساء الشجاعة الدولية في عام 2016، وتم الاعترف بها على كونها أشجع أمرأة دولية، وقد منحت «وردة الفضة» أيضًا للعمل على حقوق الإنسان المقررة في يونيو عام 2014 من منظمة «سوليدار الأوروبية».
مشاركة :