أحداث متسارعة ومتلاحقة فى بريطانيا التي كان يطلق عليها يوما ما "إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس"، قد تضعها على حافة كارثة قانونية وسياسية، ويرجع ذلك إلي لاءات ثلاث تمثلت في: رفض مجلس العموم البريطانى أمس الأربعاء، الخروج من دائرة اليورو دون اتفاق، بعد رفضه فى اليوم السابق عليه ( الثلاثاء ) الاتفاق المعدل لـ "بريكست" مع الاتحاد الأوروبى، وكذلك رفضه فى شهر يناير الماضى خطة الخروج من الاتحاد التى أعدتها تريزا ماى رئيسة وزراء بريطانيا من حوالى ٦٠٠ صفحة.لاءات ثلاث تهدد المستقبل السياسى لـ"ماى"، وتكشف عن هشاشة وضعها، فيبدو أن المشهد يقترب من النهاية ويتجه نحو زيادة احتمالات اللجوء لاستفتاء ثان حول انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ففي سباق مع الزمن تحاول ماى وحكومتها إنقاذ الاتفاق ، حيث لم يتبق سوى أسبوعين على الموعد المقرر والمجدول سابقا لخروج بريطانيا رسميا من دائرة اليورو٠واليوم ( الخميس) سيصوت مجلس العموم فى وقت لاحق على طلب التمديد لفترة البقاء فى الاتحاد وفقا للفقرة 50 من معاهدة لشبونة لإتاحة الوقت للمزيد من المفاوضات، ويكمن التخوف هنا من رد الفعل حيال ما قد يعتبره البعض خيانة للناخبين ، حيث ستخرج بريطانيا آليا و قانونيا من عضوية الاتحاد بحلول يوم 29 مارس الحالى ، بموجب القانون الذى أقره البرلمان البريطانى بعد استفتاء البريكست 2016. مفاوضات البريكست فى طريق مسدود وانقسام سياسى منذ اتخذت بريطانيا قرارها بالخروج من الاتحاد الأوروبي عبر الاستفتاء الذى أجرته منذ أكثر من عامين ، و يشعر كثير من البريطانيين بالقلق من اللحظة المصيرية التى تمر بها بلادهم حاليا ، سواء صوتوا بـ "نعم" أو بـ " لا " للبقاء فى الاتحاد الأوروبي ، كذلك يساورهم القلق بشأن مستقبل بريطانيا بعد الانفصال، وما سيترتب عليه اقتصاديا الخروج من اتحاد التعريفة الجمركية والسوق الموحدة. وبصفة عامة فإن لندن على موعد مع اضطراب اقتصادي، وما زالت الأزمة قائمة، فالاتفاق الذي يتمناه الجميع هو الخروج باتفاق مع بروكسل يرضى جميع الأطراف يعد دربا من دروب الخيال، حيث الخيارات المتاحة جميعها لا تخلو من مخاطر ومراهنات قد تضع بريطانيا فى مفترق طرق، انقسام يبدو فى الأفق بين مؤيدي التمديد ورافضيه، فالمؤيدون له لديهم أمل فى التوصل إلى اتفاق منظم للخروج من الاتحاد الأوروبى لحماية الاقتصاد البريطانى، فيما يستند رافضو تمديد مفاوضات البريكست إلى حقيقة إنه ليس من المتوقع أن يغير أي من الطرفين (بريطانيا والاتحاد الأوروبى) رأيه بشكل جذرى خلال الأيام القليلة المقبلة ، وأنه ليس للتمديد هدف سوى المماطلة وكسب مزيد من الوقت، إلا إذا قررت ماى تغيير قواعد اللعبة بإجراء تغيير جذرى على خطتها أو تأييد استفتاء ثان، أو الدعوة لانتخابات عامة مبكرة ، وكلها خيارات تستبعدها ماى حتى الآن.
مشاركة :