مواقف السيارات توفر ملاذا آمنا لمشردي كاليفورنيا

  • 3/15/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لوس انجليس - أ ف ب - خلال أمسية شتوية باردة في لوس أنجليس، يناور كامرون جونز بسيارته في موقف للسيارات لاختيار مكان منعزل حيث يمكن أن يتّكئ على مقعده ويمضي الليل، إذ فقد شقته قبل أيام لأنه لم يتمكن من دفع إيجارها، ومثله كثر في كاليفورنيا. ويقول جونز البالغ 26 عاما، والذي كان جنديا في البحرية ويعمل الآن في شركة لبيع الألواح الشمسية "قيل لي إنه مكان آمن وأستطيع النوم فيه حتى أجد شقة جديدة"، مضيفا: "أستطيع أن أنام هنا دون الخوف من شيء". وهو انضم إلى ناد كي يستحم كل صباح قبل الذهاب إلى العمل، وهو يضع بذلته على المقعد الخلفي لتكون جاهزة للاستخدام. وخلال ساعة أو أكثر بقليل، تملأ السيارات وبعضها تضم أطفالا، هذه البقعة التي تعد جزءا من منطقة "مواقف السيارات الآمنة" المتزايدة في كاليفورنيا وغيرها من الولايات الأميركية. فقد انتشرت ستة مواقف مماثلة في لوس أنجليس يراقبها حراس أمن العام الماضي، لتوفير ملاذ آمن موقت لأكثر من 15 ألف شخص فقدوا أماكن إقامتهم ويعيشون في سياراتهم. ويقع أحد "المواقف الآمنة" في الجزء الخلفي من كنيسة، وآخر في كنيس وثالث في حرم مترامي الأطراف تديره وزارة شؤون المحاربين القدامى في أميركا. وتتوافر في هذه الأماكن مراحيض محمولة ومحطات غسل الأيدي للماكثين في سياراتهم والذين يتوجب عليهم التقدم بطلب للحصول على حق بالركن في المواقف. ووصل عدد الأشخاص المشردين في الولايات المتحدة في العام 2017 إلى 554 آلاف شخص وفق وزارة الإسكان والتنمية الحضرية. وتعيش نسبة 25 في المئة من هؤلاء أو ما يعادل 134 ألف شخص في ولاية كاليفورنيا، وهو الرقم الأعلى بين الولايات الأميركية. كما أنه يوجد في كاليفورنيا أيضا أعلى معدل للمشردين "بلا سقف يؤويهم" وهذا يعني الأشخاص الذين يعيشون في سيارات أو في مبان مهجورة أو في متنزهات أو في شوارع، وفق الوزارة. وفي لوس أنجليس وحدها، 53 ألف مشرد تقريبا، وهو عدد ازداد بشكل كبير منذ العام 2010 حين كان عدد المشردين حوالى 38 ألفا و 700 شخص، كما قالت هيئة لوس أنجليس لخدمات المشردين. وتعني المواقف الآمنة للستيني كارلوس غونزاليس جونيور الجندي السابق في الجيش الأميركي الذي مر بأوقات عصيبة بعد تعرضه لإصابة في المرفق وكان يعيش في منزل متنقل على مدار السنوات الماضية، أنه ليس عليه أن ينقل سيارته باستمرار أو يتعرض لمضايقات. وقال لوكالة فرانس برس "هناك أشخاص سيّئون في الخارج وهنا أشعر بالأمان"، مضيفا "أستطيع النوم دون أن أشعر بالقلق من أن يقتحم أحد ما سيارتي". وقد نفذت برامج مماثلة في أماكن أخرى في كاليفورنيا مثل منطقة خليج سان فرانسيسكو حيث أجبرت أسعار المساكن المرتفعة بشكل متزايد السكان ذوي الدخل المنخفض على أن يصبحوا مشردين في الشوارع. وقال إيرا كوهين الذي شارك في وضع برنامج المواقف الآمنة مع زوجته بات "لدينا مدرّسة أخبرتنا بأن قيمة الإيجار أصبحت أعلى مما يمكن أن تتحملها وانتهى بها الأمر في سيارتها". ويضيف "الاقتصاد (متردٍّ) إلى درجة أنه لم يعد باستطاعة بعض الأشخاص العيش داخل منازل... وبعضهم الآخر محظوظ لأنه يملك سيارة توفر منزلا له". يقول خبراء إن قلة وجود مساكن بأسعار تأجيرية معقولة والتكاليف المرتفعة لشراء منازل، هما السببان الرئيسيان وراء الارتفاع الحاد في نسبة التشرد. وهم يلومون السلطات الفدرالية وحكومات الولايات والسلطات المحلية لفشلها في وضع استراتيجية سليمة لمعالجة الأزمة التي تتراكم منذ سنوات. وقال غاري بينتر الذي يرأس معهد بحوث سياسة التشرد في جامعة ساذرن كاليفورنيا "هذا الأمر لم يحصل بين ليلة وضحاها". وأضاف "ارتفعت الإيجارات في لوس أنجليس بشكل أسرع من دخل السكان لعقود... وأعتقد أنه من المعقول أن نقول إننا وصلنا إلى نقطة الانهيار في السنوات الثلاث الأخيرة بحيث أن ذلك الأمر أدى إلى إقامة أشخاص في الشوارع". وأوضح أنه رغم وجود تدفق كبير لتمويل مساكن وملاجئ جديدة ولبرامج التوعية في السنوات الأخيرة، من غير المرجح أن تجد الولاية حلا في وقت قريب نظرا إلى حجم المشكلة. في غضون ذلك، تكتسب برامج مثل "المواقف الآمنة في لوس أنجليس" شعبية فيما تسعى السلطات إلى حلول موقتة. وقال جونز "لو تحدثت معي قبل سنوات وأخبرتني بأنني سأكون في هذا الموقف كنت سأضحك عليك"، مضيفا "اعتقدت أنني كنت أعيش الحلم الأميركي".

مشاركة :