"الطفل المبدع".. صانع المستقبل

  • 3/15/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

موهبة وإبداع الطفل بذرة كامنة في الأعماق، تنمو وتثمرُ أو تذبل وتموت، كلٌّ حسب بيئته ووسطه الاجتماعي، لذا تعد الأسرة المسؤولة الأولى عن تنمية المواهب، وقد أثبتت الدراسات أن العوامل البيئية تلعب دوراً أهم بكثير من الوراثية في التكوين، استناداً إلى أن الإبداع ليس موهبة محصورة في نخبة من الناس، بل موجودة بصورة كامنة عند كل الأفراد، لذلك بمقدورنا التأثير في أطفالنا، ونستطيع أن نصل بهم إلى مستوى إبداعي مناسب. وكي يكون الطفل مبدعاً يكفي أن يتمتع بقدر من الذكاء، علماً أن الإبداع لا يعتمد على الذكاء وحده، ويتطلب الكثير من المهارات الذهنية، والسمات التي تلعب الأسرة والمدرسة دوراً أساسياً في تكوينها، لذلك يقع على الأسرة الجانب الأساسي في تكوين الجوانب المختلفة للشخصية، خاصة في مراحل النمو المبكرة، حيث يرى علماء النفس أن السنوات الأولى في حياة الطفل، هي التي تحدد سلوكه، وأسلوب تفكيره الذي سيواجه به مشوار حياته الطويل، كما يتطلب أن يكون لدى الآباء وعي تربوي، لتوفير جو أسري ملائم وعناية دقيقة تجاه الصغار لتكسبهم الشخصية السوية، حتى تهيئهم للحياة المدرسية، فتتولاهم إدارتها لتكمل الدور التربوي. علياء طفلة الجينات تنتمي إلى عائلة مبدعة علياء المنصوري التي أصبحت اليوم أحلامها تفوق عمرها، منذ فوزها بمسابقة «الجينات في الفضاء» عام 2017، انطلقت في فضاءات الإبداع مبرهنة على كفاءتها وموهبتها المتفرّدة، لتغدو نموذجاً مشرقاً لكل طفل مبدع يتطلع إلى المستقبل، من خلال إنجاز وراء إنجاز ونجاح لا يقف عند محطة واحدة، حيث تركز على التميز والإبداع. علياء التي تدرس في مدرسة المواكب بمنطقة البرشاء في دبي، في الصف الحادي عشر، استطاعت تحقيق إنجاز يضاف إلى سجلها المميز وهو تعيينها زميلة بحث علمي لمدة عامين في جامعة نيويورك أبوظبي، ورغم صغر سنها، فإن النابغة الإماراتية التي فازت بجائزة الجينات في الفضاء ستعمل تحت إشراف الأستاذ المساعد والبحث العلمي في جامعة نيويورك أبوظبي محمد الصايغ الذي يعكف على تطوير المهارات المخبرية خاصة المعارف المرتبطة بخلايا وأنسجة الثدييات والأحماض النووية وخلاصة البروتين والتصاميم الأولية وتفاعل البوليميراز التسلسلي. حول الدعم الذي أوصلها إلى هذا النجاح والإبداع، يقول أحمد المنصوري دكتور علم النفس الاجتماعي، والد علياء «منذ اكتشاف موهبتها تقدم لها القيادة الرشيدة الدعم والتحفيز لتحقيق أحلامها في عالم الجينات في الفضاء، فمنذ صغرها تميل إلى قراءة كتب الأحياء وتطرح الكثير من التساؤلات، التي نحاول قدر الإمكان أن نجيب عنها وهي بعمر 6 سنوات، ولم يقتصر دورنا على دعمها هي فقط، بل هناك أخوتها الذين لم أبخل بوقتي وجهدي مع والدتهم لدعمهم، فابني محمد المنصوري اختار طريق التميز في حياته، وسار على درب التفوق، متسلحاً بالإرادة والرغبة، حيث حصل على درجة البكالوريوس، وتخصص في علم وظائف الأعضاء من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، ثم استطاع الحصول على قبول من جامعة جلاسكو ببريطانيا ليدرس تخصص السموم الجنائي، ويكمل مسيرته بدراسة الماجستير في هذا المجال، حتى عاد لوطنه وعمل كـ «خبير جنائي متخصص في السموم» بقسم الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة بالقيادة العامة لشرطة دبي، وأخته مريم المنصوري التي رغم صغر سنها، فقد أثبتت قدراتها في أكثر من مجال مما أهّلها للعمل في مركز محمد بن راشد للابتكار، عقب انضمامها لفريق عمل مكتب رئاسة مجلس الوزراء، وكانت قد تخرجت في جامعة زايد حاملة درجة بكالوريوس علوم الاتصالات الاستراتيجية المتكاملة، فضلاً عن ترؤسها مجلس دبي للشباب في دورته الثانية، بالإضافة إلى ابني راشد الطالب المبتعث لدراسة تخصص علم الجريمة. لطيفة المزروعي.. الطالبة المبتكرة لطيفة حمدان المزروعي الطالبة في الصف السادس الابتدائي في أكاديمية الشيخ زايد الخاصة، وعضو بـ «الهلال الأحمر» الطلابي، أثبتت حضورها ومساهماتها الخيرية لتعلم لغة الإشارة، حيث أتقنت تلك اللغة وقدمت دروساً لزميلاتها، واستطاعت أن تفوز بالمركز الأول في مسابقة «الطالب المبتكر» عبر ابتكار «بيت مجسم من الفلين»، بالإضافة إلى تخصيص يوم للتبرع، كان هدفه جمع أموال لبناء بيت لإحدى الأسر. وتقول: «تم اختياري لتعلم لغة الإشارة ضمن مبادرة في المدرسة لمساعدة أصحاب الهمم، واخترت «فئة الصُم » لأصل برسالتهم إلى الآخرين، وقررت تعلمها خلال شهرين على يد معلمتي عائشة أنور، حتى لا تكون هذه الفئة معزولة عن العالم، فلا بد أن نساعدهم ونشعر بهم، وبعد موافقة إدارة المدرسة، كنت أحصل على ساعة كل أسبوع لكي أقوم بتدريب زميلاتي على تعلم لغة الإشارة، لمن تريد أن تتعلم. وعن دور أسرتها في دعمها تقول «دعم أسرتي السبب في كل ما وصلت له، فوالداي لم يبخلا عليّ بوقتهما في توجيهي ومساعدتي في كل شيء، ووالدتي الجندي المجهول، فهي تقف دائماً معي في كل أمور حياتي، وأكدت والدتها ذلك، بقولها إن تميز لطيفة في تعلم للغة الإشارة دفعني إلى البحث عن مدرسين في هذا المجال، وبالفعل تعلمت لغة الإشارة في فترة قصيرة، حيث وفرت لها كل الوقت لتتميز، ومؤخراً شاركت في أسبوع الأصم العربي وقد كانت فكرتها عبارة عن «مفتاح لعالم الصم». وتتابع والدة لطيفة «دور الأسرة يبدأ مبكراً، حيث يلاحظ الوالدان علامات التميز عند طفلهما بصورة موضوعية، ويجب عليهما التعرف على قدراته وسماته العقلية، وإتاحة الفرصة له وتشجيعه، وتوفير الإمكانيات والظروف المناسبة له للعب والقراءة والاطلاع والاستكشاف، ومن جهة أخرى يجب مراعاة عدم المبالغة في توجيه عبارات الإطراء والاستحسان، حتى لا يدفع الطفل إلى الغرور فالأصح النظر إلى الطفل الموهوب نظرة شاملة، وإتاحة ممارسة أساليب الحياة العادية الطبيعية مثل غيره ممن هم في مثل سنه، لذا على الوالدين متابعه الطفل المتفوق، والتنسيق فيما يتعلق بمتابعته دراسياً، ونوعية النشاط الذي يحب أن يمارسه، وتنمية مواهبه وهواياته، والعمل على توفير الأمن والاطمئنان الذي يعينه على تحقيق النمو المتكامل لجميع جوانب شخصيته». «حكايات مهرة» من الحلم إلى الواقع من يعرف الطفلة مهرة حسن الرئيسي التي تبلغ من العمر 11عاماً في الصف السادس في مدرسة شيخة بنت سعيد النموذجية في عجمان، يقف كثيراً ليتأمل رصيدها الإبداعي الذي أطلقته في «حكايات مهرة»، والذي يتكون من 14 قصة، بدأت كتابتها مؤخراً، حيث كانت تعيش خيال القصة كل يوم لتدون مخزونها المعلوماتي في صفحة تدون فيها كل تفاصيل حياتها. دعم والدتها إيمان المهيري لم يكن مجرد متابعة ما تدونه أناملها في تلك الصفحات، بل كان أكثر من ذلك، حيث حفزتها على القراءة كثيراً، ونمّت شعورها الدائم في ميلها للكتابة، ثم أرادت أن تحول الحلم إلى واقع عبرالتواصل مع «مداد للنشر» الذي يدعم موهبة تأليف الكتب والروايات والقصص، لتحجز في النهاية الطفلة الصغيرة مهرة، مكاناً في عالم تأليف القصص. وتقول والدتها إيمان، إن البيت مؤسسة اجتماعية متكاملة، لها تأثير فعال في الطفل، سواء من خلال نمو شخصيته ومداركه العقلية، وإكسابه بعض الأنماط من السلوك؛ لأن البيت نافذة يرى الطفل منها العالم وما فيه، ونبع ينهل منه القيم الفاضلة والأخلاق الحميدة. وتضيف: ميل ابنتي للقراءة والكتابة لم يكن بإجبار مني، بل وجدت فيها شغفا كبيرا، لذلك جعلتها تعتمد على نفسها في كتابة القصص بخطى واثقة لترسم أحلامها على الورق، وتعبر عن ذاتها وتستخدم معجمها اللغوي والثقافي وقلمها الآسر لتوصل رسالة هادفة وقيمة مفيدة لمن يقرأ قصتها. ميرة الخزيمي «عالمية» في الحساب الياباني الحساب الذهني باستخدام «الأباكوس الياباني» طريقة فريدة لإجراء الحسابات والعمليات الرياضية، «الجمع والطرح والضرب والقسمة»، بسهولة وسرعة عالية خلال مسابقة، وذلك على مبدأ إعمال التخيل والعقل من دون استخدام الأدوات المساعدة من قلم وحاسبة وغيرهما.. الطفلة ميرة إبراهيم الخزيمي استطاعت ببراعتها أن تتغلب على الكثير من المشاركين في هذه المسابقة، حيث تأهلت بجدارة الفوز بالمسابقة العالمية لمنظمة «PAMA» العالمية للحساب الذهني الياباني، التي أقيمت في مدينة جوهانسبرج في جنوب إفريقيا. دعم أسرتها وراء تفوق ميرة رغم صغر سنها، وعن ذلك يقول والدها إبراهيم الخزيمي المهندس في مؤسسة الإمارات للطاقة النووية «عندما كانت ميرة في الصف الثالث في مدرسة دبي الدولية، كانت المدرسة تنظم مجموعة من الورش المفيدة للطلبة بعد الانتهاء من المدرسة، وحباً في استثمار الوقت تم الحاقها بورشة الحساب الذهني، الذي يعتمد على الجمع والطرح وإجراء العمليات الحسابية ذهنياً من دون اللجوء إلى الكتابة أو الحاسبة، ويستخدم هذا الحساب على استخدام العداد اليدوي، باليدين «الأصابع العشرة»، حيث من فوائده تنمية المهارات الذهنية والاعتماد على الذاكرة، مما أكسب ميرة الثقة بنفسها والقدرة على القيام بحل عمليات حسابية تفوق الآلة الحاسبة وساهم في تقوية ذاكرتها ومهارات الإدراك والفهم. وأضاف: «ميرة استطاعت أن تحقق إنجازاً من خلال فوزها في المسابقة العالمية لمنظمة «PAMA» العالمية للحساب الذهني الياباني، والتي أقيمت في مدينة جوهانسبرج في جنوب إفريقيا، فقد كانت المشاركة الإماراتية الوحيدة من بين ما يقارب 500 مشارك في المسابقة من كل دول العالم واستحقت الفوز بجدارة ضمن فئتها السنية. والدتها آمنة راشد الحفيتي المهندسة في اتصالات، قالت: «كل ما وصلت له ابنتي ميرة بفضل دعم القيادة الرشيدة التي لم تبخل على أبنائها، كما أن المتابعة الأسرية المستمرة جعلتها تتفوق في هذه المسابقة، بالإضافة إلى تقديم الدعم والمساندة والتشجيع لميرة من أجل تحقيق التميز والنجاح في حياتها العلمية.

مشاركة :