التقت باميلا كسرواني نور نزّال مؤسسة متجر «ثوب» للتحدث عن ولادة الفكرة التي تعتمد على التطريز الفلسطيني والأردني التقليدي لتجمعها في تصاميم عصرية بأسعار مقبولة. عندما حان موعد ليلة الحناء أحبّت نور نزّال ارتداء ثوب فلّاحي تقليدي كما جرت العادة عند أغلبية الفلسطينيين. وبعد عملية بحث مطوّلة، لم تعثر إلا على متجر واحد في دبي يبيع أثوابا مصنوعة يدويا يساوي ثمن الثوب 10 آلاف درهم. لكنّها أرادت ثوبا سعره معقول. من هذه التجربة، تخبرنا نور نزّال أن فكرة «ثوب» ولدت حيث تقول: «أردت تنفيذ أثواب مصنوعة آليا، ومن ثمّ ذات أسعار لا بأس بها، لتتمكن الفتيات من ارتدائها في المناسبات وحفلات الحنة وغيرها». فبدأت نزّال تصنع أثوابا بأسعار معقولة. لكنها أرادت أن تذهب إلى أبعد من ذلك وتصمّم قطعا يمكن ارتداؤها يوميا ولا تقتصر على بعض المناسبات، ما ساعد علامتها التجارية على التطوّر وتحقيق النجاح. وعندما ذهبنا للقاء نور نزّال في السركال أفنيو على هامش مهرجان «رييل بالستاين» للأفلام الفلسطينية حيث تجمّع العديد من أمثال نزّال لبيع منتجاتهم المتنوعة الفلسطينية، فوجئنا بنشاط هذه الشابة الفلسطينية البالغة من العمر 27 سنة التي ترسم ابتسامة عريضة على وجهها ولا تملّ من شرح فكرتها والحديث مفصّلاً عن التصاميم التي تعرضها كلما توقّف أحد الزبائن عند كشكها. قمصان قطنية كُتب عليها «فلّاح»، وسترات من القماش العادي أو الجينز تحمل تطريزا فلسطينيا، وأثواب تقليدية وبعض الإكسسوارات بطابع فلسطيني أيضا... هنا يمكنك أن تلمس وترى كل ما تصممّه نور نزّال التي نجحت من خلال صفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعي. فـ«ثوب» هو عمل يأتي ليُضاف إلى وظيفة نزّال بدوام كامل وهي التي تعمل محللة اتصالات في هيئة الصحة بدبي، وهي التي ولدت وترعرعت في الإمارات. وتخبرنا أنها أطلقت «ثوب» قبل ثلاث سنوات، وتضيف: «التحدي الأساسي بالنسبة إلي هو أنني اضطررت إلى التوفيق بين وظيفة بدوام كامل وحياتي كزوجة»، من دون أن ننسى تحديات إيجاد الأقمشة وابتكار التصاميم. فنزّال لم تكن تملك أي خبرة في الأزياء والتصاميم ولكنّها تابعت دورة لصنع الجاكيتات لتُساعدها على تطوير أعمالها. كما أنها تخبرنا عن مغامرتها قائلة: «بحثت كثيرا عن المواد التي أحتاج إليها في الإمارات ولم أجدها. بداية، كنت أحضر الأثواب من مخيم الوحدات في عمّان. وبعدها، بتّ أحضر الأقمشة وأنفّذ التصاميم هنا، ولا سيما أنني أردت أن أصنع تصاميمي الخاصة، ولا يمكنني السفر دائما لأصمم القطع». اليوم، تجلب غالبية الأقمشة من عمّان إلا أن تنفيذها يجري بالكامل في مشاغل خياطة تتعامل معها في الإمارات. وإذا كانت الأثواب التقليدية بداية مشوارها إلا أنّها تركّز حاليا على التصاميم المعاصرة لأن غالبية الطلب عليها. وتشرح لنا: «الأثواب ترتبط بمناسبة معينة، إلا أنّ القطع الحديثة يمكنك ارتداؤها في حياتك اليومية، لذلك عليها إقبال أكثر وخاصة من الشباب». فتأتي تصاميمها لتتماشى مع آخر صيحات الموضة. ترى نزّال أن استمرارية مشروعها نابعة من استحسان وإقبال الناس. فحتى لو أن الفلسطينيين، وخصوصا المغتربين، هم الأكثر اهتماما لأنهم يتمسكون بأي شيء يقرّبهم من فلسطين ويتماشى أيضا مع الموضة إلا أن شريحة زبائنها تتوسّع إلى مختلف الجنسيات. تعتمد نزّال على إنستغرام للترويج لمشروعها وهي التي ترسل الطلبات إلى جميع أنحاء العالم، لكنها تشير إلى أن معظم الزبائن من الإمارات والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ولِدت «ثوب» من تجربة شخصية، إلا أن نزّال تؤمن أيضا بدور الشباب في التمسك بالتراث، «لأن كل شيء يزول ونسعى جاهدين للتمسك بما تبقى من تاريخنا وعاداتنا»، على حد قول نزّال. وتخبرنا: «بالنسبة إلي، كل امرأة فلسطينية تمتلك ثوبا، هو بالنسبة إليها ثروة من الممكن أن تهديها لابنتها لأنه مصنوع يدويا». تجدر الإشارة إلى أن الثوب المصنوع يدويا يحتاج إلى 8 أشهر أحيانا لإنجازه؛ ما يبرّر ارتفاع ثمنه. وتشّدد نزّال على أنه من خلال تصاميمها بأسعار مقبولة لا تُقلّل من أهمية عمل النساء التقليدي اليدوي، بل على العكس. وتشرح: «أنا أحترم المطرّزات ولن أتردد في دفع مبالغ طائلة مقابل أعمالهن لأنهن يستحققن ذلك. حاولت تعلّم التطريز وشعرت بصعوبة هذه الحرفة التي تحتاج إلى وقت طويل وتُتعب العيون والجسد». إلا أنها تؤمن بأننا إذا اكتفينا بهذه التصاميم الباهظة فلن يستطيع الجميع ارتداؤها، مشيرة: «أعتقد أنه إذا جعلنا التطريز الفلسطيني بأسعار معقولة فإن أناسا كثر سيرتدونه، وأناسا أكثر سيتعرفون عليه، ومن ثم ستظلّ الرسالة موجودة».
مشاركة :