عواصم - وكالات: توالت تصريحات التنديد من أنحاء العالم بالمجزرة التي ارتكبها يمينيون متطرفون في مسجدَين بنيوزيلاندا -والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى وذلك خلال صلاة الجمعة- حيث وصف بعض الزعماء الجريمة بالعمل الإرهابي، بينما اكتفى آخرون بالتنديد. واعتبر نائب رئيس الوزراء النيوزيلندي وينستون بيترز “الهجوم الإرهابي” على المسجدين “نهاية عصر البراءة” في بلاده، جاء ذلك في تصريحات للمسؤول النيوزيلندي لهيئة الإذاعة البريطانية، وأضاف أن الهجوم سيجعل جميع القوانين الصارمة المعنية بالسيطرة على حمل السلاح في نيوزيلاندا مفتوحة للمراجعة. وتابع “نشاهد حدوث هذه الهجمات الإرهابية في الخارج، لكننا لم نفكر أبداً، رغم استعدادنا لها، إنها ستظهر بالشكل الذي كانت عليه اليوم في نيوزيلاندا؛ فلم نعرف هذا النوع من الرعب في مكان مثل كرايست تشيرتش في جميع الأماكن، أو في أي من أرجاء البلاد”. وردا على سؤال حول الإجراءات التي يعتقد أنه ينبغي اتخاذها، قال بيترز “سيكون من السذاجة الاعتقاد بأننا لن ننظر بجدية في كيفية حصول الأشخاص في نيوزيلاندا على هذه الأسلحة الآلية”. وإلى جانب مراجعة قوانين السيطرة على حمل السلاح في نيوزيلاندا، شدد بيترز على ضرورة زيادة الإنفاق على قطاع الأمن في البلاد. ودوليا قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة بموقع تويتر “أعرب عن أحر مشاعر المواساة وأطيب التمنيات للنيوزيلانديين بعد المجزرة المروعة التي استهدفت المسجدين”. وقبل لحظات، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز “قلوبنا ودعاؤنا للضحايا وذويهم. نتضامن مع أهالي نيوزيلاندا وحكومتهم ضد فعل الشر والكراهية هذا” الذي وقع بمدينة كرايست تشيرش. بوتين: الهجوم مقزز ووحشي وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الهجوم بأنه “مقزز ووحشي وصادم” وأعرب عن تمنياته بأن تتم محاسبة كافة المتورطين. كما أعلنت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية في بيان عن “الحزن العميق جراء الأحداث المروعة” وعن تعازيها لعائلات وأصدقاء الضحايا، وقالت “في هذا الوقت العصيب، قلوبنا ودعاؤنا مع جميع النيوزيلانديين”. وبدوره، أكد بابا الفاتيكان فرانشيسكو “تضامنه الخالص” مع كل النيوزيلانديين والمسلمين منهم بشكل خاص. بابا الفاتيكان حزين قال وزير خارجية الفاتيكان بيترو بارولين في برقية إن البابا “يشعر بحزن عميق لعلمه بالإصابات والخسارة في الأرواح الناجمة عن أعمال العنف العبثية”. وأدان حلف شمال الأطلسي (ناتو) الهجوم الإرهابي المسلح وقدم تعازيه لأسر وأقرباء الضحايا، بينما قالت مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني إن الاتحاد يتضامن بشكل تام مع نيوزيلاندا، معربة عن استعدادها لتعزيز التعاون معها في جميع المجالات بما فيها مكافحة الإرهاب. كما أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن حزنها العميق والصدمة تجاه الاعتداء بسبب العنصرية والكراهية، بينما قالت وزيرة الخارجية السويدية إن بلادها تدين الإرهاب بكل أشكاله وتتضامن مع أسر الضحايا. أستراليا: منفذ الهجوم إرهابي يميني متطرف وفي تعليقه على الحادث، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أن منفذ أحد الهجومين على مسجدين في نيوزيلاندا الجمعة متطرف يميني أسترالي. وقال موريسون إن إطلاق النار على أحد المسجدين اللذين استهدفا في كرايست تشيرتش نفذه مواطن أسترالي وصفه بأنه “إرهابي متطرف يميني عنيف” بدون إضافة المزيد من التفاصيل، مشيرا إلى أن سلطات نيوزيلاندا تتولى التحقيق. وأدان قادة الاتحاد الأوروبي بشدة الهجوم الإرهابي على المصلين في مسجدين بمدينة كرايست تشيرش بنيوزيلاندا، مما أسفر عن مقتل 49 شخصاً على الأقل ..ووصفوه بأنه “عمل وحشي على الأبرياء في مكان عبادة”. وقال جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية، في بيان أمس “لقد تلقينا برعب وحزن عميق خبر الهجوم الإرهابي على الجالية المسلمة في كرايست تشيرش”..مضيفاً “ أنه عمل وحشي على الأبرياء في مكان عبادة يتعارض مع قيم وثقافة السلام والوحدة التي يشاركها الاتحاد الأوروبي مع نيوزيلاندا”. موجيريني: المذبحة تدمير لمجتمعاتنا وأكد الاتحاد الأوروبي وقوفه مع نيوزيلاندا بمواجهة “الذين يريدون تدمير مجتمعاتنا وطريقة حياتنا”، وأعربت السيدة فيديريكا موجيريني الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، في بيان منفصل، عن إدانتها للهجوم، وقالت “الهجمات على أماكن العبادة هي هجمات على كل واحد منا”. وشددت على أن “هذه الأعمال تعزز تصميمنا على مواجهة التحديات العالمية المتمثلة في الإرهاب والتطرف والكراهية”، معتبرة الهجومين” اعتداء على حرية التعبير والأديان والتنوع في المجتمع النيوزيلاندي”. وسادت موجة من الغضب في العالم الإسلامي، حيث ذكر وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن الهجوم شيطنة متعمدة للنضال السياسي للمسلمين، وكتب على تويتر “ليس فقط مرتكبو هذه الجرائم البشعة بل أيضا الساسة ووسائل الإعلام الذين يغذون ظاهرة الإسلاموفوبيا المتنامية بالفعل والكراهية في الغرب يتحملون نفس القدر من المسؤولية عن هذا الهجوم الشنيع”. عمران خان: الجريمة سببها الإسلاموفوبيا وبدوره ألقى رئيس وزراء باكستان عمران خان بمسؤولية هذه الهجمات الإرهابية المتزايدة على ظاهرة الإسلاموفوبيا الحالية بعد أحداث 11 سبتمبر (2001) إذ يتحمل 1.3 مليار مسلم بشكل جماعي اللوم عن أي عمل إرهابي”. وقال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في تغريدة إن “النفاق الغربي بالدفاع عن شيطنة المسلمين باعتباره حرية تعبير يجب أن ينتهي.. وإفلات المروجين للتعصب من العقاب في الديمقراطيات الغربية يؤدي إلى هذا”. كما دانت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مرسودي في بيان “بشدة” عملية إطلاق النار هذه “خاصة في مكان للعبادة وأثناء صلاة الجمعة”. وقال ملك الأردن عبدالله الثاني في تغريدة إن ما حدث مذبحة بشعة استهدفت مصلين يؤدون عباداتهم آمنين، كما وصف الهجوم بالجريمة الإرهابية. وأدانت الخارجية الكويتية الهجوم مشددة على الموقف الثابت في مناهضة العنف والإرهاب بكل أشكاله “مهما كانت دوافعه”. واعتبرت الخارجية العراقية في بيان أن “هذا الحادث الذي طال المصلين يُثبِت أنَّ جميع دول العالم ليست في مأمن من الإرهاب، وليس أمام العالم إلا توحيد جهوده للقضاء عليه”. وقالت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان إن الوزير جبران باسيل “كان قد حذر سابقاً من تصاعد اليمين المتطرف في المجتمعات الغربية وذلك لأسباب عدة، كما يحذر اليوم من تصاعد يسار متطرف كردة فعل عليه”. وفي بيانات منفصلة، نددت كل من منظمة التعاون الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ورابطة العالم الإسلامي بالمذبحة، وطالبت بالتحقيق والمحاسبة. ووصف الأزهر الشريف في القاهرة الهجوم بأنه “هجوم إرهابي مروع”، محذراً في بيان من أن ما حدث “يشكل مؤشراً خطيراً على النتائج الوخيمة التي قد تترتب على تصاعد خطاب الكراهية ومعاداة الأجانب وانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في العديد من بلدان أوروبا”. دول غربية تشدد الأمن حول المساجد بعد المجزرة عواصم - وكالات: عززت دول غربية تضم جاليات مسلمة كبيرة الأمن حول المساجد، بعد “الهجوم الإرهابي” المزدوج على مسجدين في نيوزيلاندا، الذي نفذه يميني متطرف، وأسفر عن مقتل وجرح عشرات المصلين. فقد أعلن وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير أن سلطات بلاده شرعت في تشديد إجراءات الأمن قرب دور العبادة بعد الهجوم على المسجدين في نيوزيلاندا. وأضاف كاستانير في تغريدة على تويتر أنه طالب السلطات المعنية باتخاذ إجراءات احترازية على الفور، وتوخي أقصى درجات اليقظة، وتسيير دوريات أمنية منتظمة قرب دور العبادة. وأظهرت صور انتشار الشرطة الفرنسية حول مساجد في فرنسا، بينها المسجد الكبير في العاصمة باريس خلال صلاة الجمعة. وفي بريطانيا، أعلنت الشرطة أنها كثفت إجراءاتها الأمنية، وعززت دورياتها حول المساجد في المملكة المتحدة عقب المجزرة التي نفذها متطرف يميني أسترالي في مدينة كرايست تشيرتش بنيوزيلندا. وأضافت الشرطة في بيان أنها تتواصل مع أبناء الجاليات من جميع الأديان بشأن كيفية حماية أنفسهم وأماكن العبادة. وتأتي هذه الإجراءات في وقت تشهد فيه أوروبا والولايات المتحدة تفاقم ظاهرة العداء للإسلام (الإسلاموفوبيا)، وكراهية الأجانب، وفي مقدمتهم المهاجرون. وفي أستراليا، أكدت الشرطة في مقاطعة نيو ساوث ويلز أنها ستكثف الدوريات في محيط المساجد كإجراء احترازي. وقالت الشرطة في بيان “لا يوجد تهديد محدد قائم حاليا تجاه أي مسجد أو دار عبادة”. وبالتزامن، قال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون في مؤتمر صحفي بمدينة سيدني إنه تم اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية جميع الأستراليين. وكانت شرطة نيوزيلاندا طلبت من المسلمين عقب الهجوم الدامي على المسجدين تفادي الذهاب إلى المساجد في كافة أنحاء البلاد. من هو منفذ مذبحة مسجد النور في نيوزيلاندا؟ نيوزيلاندا- وكالات: بدم بارد وعلى أنغام الموسيقى ارتكب الأسترالي برينتون تارانت مذبحة ضد المصلين خلال صلاة الجمعة في مسجدين بمدينة كرايست تشيرش بنيوزيلاندا أمس الجمعة، متذرعاً بالانتقام لضحايا هجمات ارتكبها مسلمون ومهاجرون في أوروبا. بدأ تارانت تصوير جريمته بمنتهى الهدوء من داخل سيارته، مرتدياً دروعاً واقية وزياً عسكرياً وخوذة، قائلاً “دعونا نبدأ هذه الحفلة” ثم سحب واحدة من البنادق الآلية وعدداً من خزائن الذخيرة، متوجهاً مباشرة صوب مسجد النور بالمدينة حيث كانت شعائر صلاة الجمعة قد بدأت للتو. ولم يتوقف إطلاق النار تقريباً طوال الفيديو الذي امتد لنحو 15 دقيقة، والذي بثه القاتل عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أطلق النار على كل من قابله، وطارد الفارين من المسجد، ودخل مصلى السيدات. تارانت الذي يدعم أيديولوجية اليمين المتطرف ويتبنى سياسة معاداة المهاجرين، يبلغ من العمر 28 عاماً، وينتمي للطبقة العاملة ولأسرة فقيرة، بحسب ما كتبه عن نفسه في بيان مطول من 73 صفحة “أنا رجل أبيض من الطبقة العاملة لكنني قررت أن اتخذ موقفاً لضمان مستقبل لشعبي”. وعرف نفسه قائلا “مررت بطفولة عادية بلا مشاكل كبيرة.. كان لدي اهتمام قليل بالتعليم خلال الدراسة.. لم أرتد الجامعة لأنني لا أرى فيها شيئاً يستحق الدراسة”. نشأ السفاح في غرافتون، وهي بلدة صغيرة بشمال نيو ساوث ويلز بأستراليا، والتحق بمدرسة ثانوية محلية، ثم عمل مدرباً شخصياً بمركز للإسكواش واللياقة البدنية عام 2010. وقالت امرأة تعرف تارانت من صالة للألعاب الرياضية إنه كان يتبع نظامًا غذائيًا صارمًا وكان يكرس جل وقته للتمرين وتدريب الآخرين. وأضافت أنها لم تتحدث إليه أو تسمعه يتحدث عن معتقداته السياسية أو الدينية، ولم يبد لها كرجل له أي اهتمام بوجهات النظر المتطرفة. دوافع الجريمة وشرح القاتل في بيانه الذي جاء بعنوان “البديل العظيم” أسباب ارتكابه لهذه المذبحة، مشيراً إلى التزايد الكبير لعدد المهاجرين الذين اعتبرهم محتلين وغزاة، كما فسر سبب اختياره لهذا المسجد تحديداً، وهو أن عدد رواده كثيرون. وقال “إن أرضنا لن تكون يوماً للمهاجرين. وهذا الوطن الذي كان للرجال البيض سيظل كذلك ولن يستطيعوا يوماً استبدال شعبنا”. وزعم أن ارتكاب المذبحة جاء “لأنتقم لمئات آلاف القتلى الذين سقطوا بسبب الغزاة في الأراضي الأوروبية على مدى التاريخ. ولأنتقم لآلاف المستعبدين من الأوروبيين الذين أخذوا من أراضيهم ليستعبدهم المسلمون”. وأعلن القاتل في بيانه تأثره بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، باعتباره “رمزاً لإعادة الاعتبار لهوية البيض”. وقال تارانت إنه استوحى هجومه من أندرس بيهرينج بريفيك مرتكب هجمات النرويج عام 2011، كما زعم أن جريمته هذه تأتي أيضاً انتقاماً لهجوم بالسويد في أبريل 2017 وأودى بحياة فتاة صغيرة من بين ضحاياه. وقال أيضًا إنه تأثر بكانديس أوينز، وهي ناشطة مؤيدة بشدة للرئيس الأمريكي. وأضاف أن الفترة ما بين أبريل 2017 ومايو من العام نفسه غيرت وجهة نظره بشكل كبير، وبعد هجوم استوكهولم في 7 أبريل 2017 “لم يعد بإمكاني أن أدير ظهري للعنف.. كان هناك شيء مختلف هذه المرة”. وقال إنه كان يعتزم في البداية استهداف مسجد في دنيدن، وهي مدينة في جنوب البلاد، لكنه تحول إلى مسجد النور لأن الكثير من “الغزاة” يرتادونه بحسب وصفه. ورغم أنه وصف جريمته بالعمل الإرهابي إلا أنه اعتبرها “عملاً متحيزاً ضد قوة محتلة”. وأضاف أنه لم يخطط قط لارتكاب هذه المذبحة في نيوزيلاندا، لكنه سرعان ما اكتشف أنها بيئة مستهدفة من قبل المهاجرين مثل أي مكان في الغرب. كما أنه “من شأن أي هجوم في نيوزيلاندا أن يلفت الانتباه إلى حقيقة الاعتداء على حضارتنا”. واعترف المجرم بأنه منذ عامين يخطط للقيام بهجوم كهذا، لكن قراره تنفيذ الهجوم في مدينة كرايست تشيرتش اتُخذ قبل ثلاثة أسابيع فقط. وأكد أنه لا ينتمي لأي حركة سياسية، وأنه نفذ الهجوم بدوافع شخصية، فهو يمثل ملايين الأوروبيين الذين يتطلعون للعيش على أرضهم وممارسة تقاليدهم الخاصة، حسب قوله. عبارات تعكس عمق الكراهية للاسلام وقد ملأ القاتل سلاحه بعبارات ومصطلحات عنصرية تلخص فلسفته كلها، ومن بينها “آكلو الأتراك” وهو اسم لعصابات يونانية بالقرن الـ 19 كانت تشن هجمات دموية ضد العثمانيين، وكذلك عبارة “اللاجئون، أهلا بكم في الجحيم”. كما كتب على سلاحه عبارة “1683 فيينا” في إشارة إلى تاريخ معركة فيينا التي خسرتها الدولة العثمانية ووضعت حداً لتوسعها بأوروبا، وكذلك تاريخ “1571” في إشارة إلى معركة ليبانتو البحرية التي خسرها العثمانيون أيضاً.
مشاركة :