بسلاح لإطلاق النار مباشرة والكاميرا التي رصدت المجزرة البشعة، باغت الأسترالي برينتون تارانت، صاحب الـ 28 عاما، عشرات المصلين في مسجد النور بنيوزيلندا، أمس، الجمعة، بوابل من النيران، ما أدى إلى مقتل نحو 50 شخصا وإصابة العشرات منهم، هذا الحادث المأساوي الذي حول ساحة المسجد إلى مجزرة كان مشهد النهاية للمصلين.تحول المصلون من الخشوع والراحة التي يشعرها العابد في الصلاة، إلى الذهول الذي جعلهم يقفون دون حراك لاستقبال نهايتهم، وقفوا كالأصنام دون حركة ولم يحاول إلا القليل منهم مقاومة ما يدور، أما معظمهم فتجمعوا في إحدى زوايا المسجد بجوار بعضهم البعض وكأنهم منتظرين لاستقبال الرصاصات تخترق أجسادهم بانتظام.«الإنسان وهو خايف، جسمه يصاب بشلل مؤقت»، بهذه الكلمات أوضحت الدكتورة هالة حماد، استشاري الطب النفسي، لـ «صدى البلد» سبب حالة الجمود التي اصيب بها الضحايا، فالسلاح كان سريع الطلقات، وهذا سبب رئيسي في عدم إقدامهم على أي رد فعل لأن هناك وقتا بين الفعل ورد الفعل والذي كان بالكاد معدوما.وبشكل عام عندما يشعر الشخص بالخوف أو الخطر يبدأ الدم في التدفق بسرعة في العضلات، من أجل تهيئتها لتتخذ رد الفعل المناسب للوضعية المناسبة لها، وأوضحت "حماد" هذه المراحل لـ«صدى البلد»، فأولها التجمد في نفس المكان، وثاني مرحلة هي إفراز الجسم كميات كبيرة من هرمون الأدرينالين ليهرب الشخص، أما الثالثة فهي تحويل الخوف إلى قتال. عدم توقع المصلين لما حدث أو إدراكهم له ساهم أيضا في بطء استجابتهم بالحركة للنجاة، كما أكدت "حماد"، حتى أن البعض منهم تظاهر بالموت اقتناعا بأنه لا مفر من الموت.وتابعت أن الهجوم أو الاستسلام في مواقف الخطر يتوقف على طبيعة استعداد الشخص فقط، مضيفة أن محاولات بعضهم للهرب انتهت بالتحرك في دائرة ضيقة من مكان وجود الإرهابي دون مقاومة، ما مكنه من إطلاق النيران عليهم بسهولة أما عن الشخص الوحيد الذي قاومه وهو الباكستاني الجنسية، فترجح "حماد" أن موقفه الهجومي نتج أيضا عن تصوره استحالة النجاة، فقرر مواجهة الموت بطريقة أكثر شرفًا من محاولات الهرب أو الاستسلام.
مشاركة :