رقابة تحتاج إلى رقابة! «2/2»

  • 3/4/2015
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

إكمالا للموضوع، حول الرقابة وما أدراك ما الرقابة، ولا أخفيكم مقدار التفاعل الإيجابي من عدد من القراء وبعض الزملاء حول الرقابة، وهذا دليل على أن الموضوع مهم وشيق وشائك وشاق - أربعة في واحد!! من قدك يا الرقابة! نحن في زمن متسارع ومتصارع، ولا وجود للرتابة والبيروقراطية، حتى في الدوائر المختصة بالرقابة والتدقيق، وعليه لا بد أن يكون موظف الرقابة أيا كان نوعها وأينما تواجدت في مقدمة الركب فيما يخص التدريب والتطوير، لا يعقل أن يبقى الموظف الذي أوكلت إليه مهام الرقابة بعقلية الرقيب قبل عشرات السنين معزولا عن كل المتغيرات. نريد رقابة تغوص في العمق وتبحث عن القيمة الفعلية، سواء كانت الرقابة على عمل أدبي، ثقافي، إعلامي، مالي، سياسي إلخ، نطمح في رقابة تتابع أعمال الرقابة وتهتم بما تقوم به، عن طريق رقابة الأداء، ولكن تطبيق هذا النوع من الرقابة يحتاج إلى الاستقلالية والتحرر من التدخلات والقيود النظامية وغير النظامية، ولا ننسى أن الرقيب نفسه يحتاج أن يمر من خلال سلسلة من الاختبارات حتى يثبت أهليته في أداء مهامه كرقيب. كم من المبدعين على مستوى العالم العربي دفع ثمن مثل هذه العقليات ممن أوكلت إليهم مهام الرقابة، ولم يحسنوا التصرف بل كان كل ما يقومون به هو التحجير والتضييق على عباد الله، فمات الإبداع واجدبت أرض المبدعين، أو لم يكن هناك رقيب حكيم يستطيع أن يتعامل مع روح القانون في تحليل النص؛ حتى لا تتم مصادرة الفكر والمفكر معا!!. ويرى هنري فايول، وهو أحد مؤسسي مدرسة الإدارة العلمية، أن الرقابة هي: (التأكد من أن كل شيء في المنظمة يتم وفق الخطط الموضوعة، والتعليمات الصادرة، والمبادئ المعتمدة)، وذلك بهدف كشف مواطن الضعف وتصحيحها. أسوق لكم بعض الأمثلة على إخفاق الرقابة على الإعلانات التجارية، هناك إعلان عن (زبدة)، المشهد يحتوي على عدد من الأبقار تحظى بالدلال ويقدم لها الطعام في أوان ذهبية أو فضية، وأثناء المشهد نسمع العبارة التالية، (الدنماركيون يدللون أبقارهم، دلل نفسك) بالله عليكم لو أحد من جيرانكم أو زملائكم قال لكم عندنا جار يدلل بقرته دللوا أنفسكم!! كيف ستكون ردة فعلكم؟ مقارنة الرجل بالبقرة في الغرب مقبولة، ولكن في ثقافتنا لو عملت نفس المقارنة، يمكن يوصل الدم للركب! مثال آخر، دعاية عن نوعية من الرز، تتصل الزوجة على زوجها وتسأله (وينك) يرد عليها في الاستراحة مع الزملاء، اختصر لكم، ما ان تقول له، ترى طبخت الغداء من الرز الذي تحب، على طول يترك (ربعه) ويركض مثل المهبول!! هل نحن شعب (مشفوح) لا والله ولكن سؤالي أين دور الرقيب؟ أعتقد أن الرقابة تركز فقط على العنصر النسائي دون النظر في أبعاد ومعنى الإعلان. وحتى لا يكون المقال انتقاديا بحتا، أطرح بعض المقترحات على دوائر الرقابة الفنية؛ لأهميتها في ايصال الرسائل التثقيفية والتعليمية بحكم جماهيرية الفنانين واللاعبين والمطربين، وأيضا حتى تكون رقابة خلاقة، تفكر خارج الصندوق والبعد عن (المقص)، ولا مانع الابقاء على (مقص الرقيب) داخل الصندوق!!، حيث تقترح الرقابة إمكانية إضافة رسائل إيجابية توعوية في الإعلانات وفي بعض المشاهد، لا حذف كما عهدناها، وهذه المشاهد تحمل رسائل تثقيفية حول السلامة المرورية، ومكافحة المخدرات ومساعدة رجال الدفاع المدني ورجال الأمن وغيرهم دون الاخلال بالمشهد أو بالإعلان. يا حبذا لو أعيد سيناريو تلك المشاهد، التي فيها قيادة للمركبة دون أن يكون السائق رابطاً حزام الأمان، بحيث يقوم الفنان بربط الحزام قبل الانطلاق، وعند الاتصال به، يقف جانبا ثم يجيب على الاتصال دون أن ينبس ببنت شفة عن السلامة المرورية؛ لأن الفعل أبلغ وهذا ما نريد، وقس على ذلك الرحلات البرية في المشاهد الفنية، تطعم تلك المشاهد برسائل تثقيفية من قبل الدفاع المدني، ونفس الكلام ينطبق على المساهمة في مساعدة مكافحة المخدرات، بذكر أضرار المخدرات عن طريق رسائل إيجابية مبطنة توصل للمتلقي وخاصة الأطفال دون تلقين، وهذا هو الإبداع في الفن الراقي.. وبهذا تكون الرقابة قد أفلحت ونجحت في دورها بل تجاوزته..

مشاركة :