أ ف ب - استأنفت قوات سوريا الديموقراطية، الأحد، قصفها على آخر جيب لتنظيم داعش الإرهابي في شرق سوريا، عقب إعلانها أن لا مهلة زمنية محددة لانتهاء معركتها في الباغوز المستمرة منذ أسابيع.وأبطأت هذه الفصائل الكردية والعربية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، مراراً وتيرة عملياتها وعلّقتها أحياناً، إفساحاً في المجال لخروج عشرات آلاف الأشخاص غالبيتهم من عائلات مقاتلي التنظيم وبينهم عدد كبير من الأجانب.واستأنفت قوات سوريا الديموقراطية حملة القصف الأحد بعدما ساد الهدوء على الجبهة خلال ساعات النهار، بحسب ما أفاد فريق وكالة فرانس برس في المكان.ومن داخل الباغوز، كان يمكن سماع دوي ضربات جوية تشنها طائرات التحالف التي لا يفارق هديرها أجواء البلدة، وأصوات إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات، ومشاهدة نيران مندلعة في جيب التنظيم.ومُني التنظيم الذي أعلن في العام 2014 إقامة "الخلافة" على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبيرة خلال العامين الأخيرين بعد سنوات أثار فيها الرعب بقوانينه المتشددة واعتداءاته الوحشية.وبات حالياً محاصراً في بقعة محدودة داخل الباغوز، عبارة عن مخيم عشوائي محاط بأراض زراعية تمتدّ حتى الحدود العراقية.على سطح مبنى يبعد مئات الأمتار من مخيم الجهاديين، جلس ثلاثة مقاتلين على الأرض واضعين أسلحتهم أمامهم، واخذوا يستمعون عبر أجهزة لاسلكية إلى تطورات الميدان، وفق صحافية في فرانس برس.وأشار المقاتل راعي بيده إلى مصدر إطلاق الرصاص الذي بدا على شكل كتل حمراء سريعة في السماء.وقال: "الرفاق يتقدمون من هنا. المسافة باتت قريبة". ثم دوت فجأة أصوات قذائف الدوشكا واحدة تلو أخرى وعاد هدير الطائرات ليسيطر على الأجواء.من بعيد، شاهد فريق فرانس برس آليات تتحرك باتجاه المخيم.وشرح أحد المقاتلين أنها عبارة عن "كاسحات (جرافات) يتقدم فيها رفاقنا".ولا يزال التنظيم قادراً على شنّ هجمات انتحارية والدفاع عن معقله الأخير.وأوضح المقاتل في قوات سوريا الديموقراطية علي خلف ابراهيم: "لا يزال هناك مقاومة (من جانب مقاتلي التنظيم) لكنها تراجعت".منذ مطلع العام، كثفت قوات سوريا الديموقراطية عملياتها العسكرية ضد التنظيم في إطار هجوم تشنّه منذ سبتمبر(أيلول) في ريف دير الزور الشرقي.وأعلن المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية كينو غابرئيل، خلال مؤتمر صحافي عُقد في بلدة السوسة القريبة من الباغوز الأحد، "ليس لدينا جدول زمني دقيق لإنهاء العملية".وتابع: "آمل ألا تستغرق أكثر من أسبوع، لكن هذا تقديري الشخصي".وأواخر يناير توقع القائد العام لهذه القوات مظلوم كوباني، انتهاء الوجود العسكري للتنظيم خلال شهر.إلا أن المعركة لا تزال مستمرة مع خروج أعداد كبيرة من المحاصرين، ورفض مقاتلي التنظيم المتبقين داخل الجيب الاستسلام.وأوضح غابرئيل أن "ليس هناك معلومات دقيقة ومؤكدة حول عدد الأشخاص في المخيم المحاصر".وقدّر وجود "نحو 5 آلاف شخص" في الداخل بناء على أعداد "تم إعلامنا بها من قبل المجوعة الأخيرة التي خرجت".إلا أنه شدد على أن "هذا الرقم ليس مؤكداً وليس رسمياً".ولا تملك قوات سوريا الديموقراطية، تصوراً واضحاً لعدد مقاتلي التنظيم الذين ما زالوا محاصرين في الباغوز، بعدما فاقت أعداد الخارجين في الأسابيع الأخيرة كل التوقعات.وبحسب غابرئيل، استسلم نحو 30 ألف عنصر من التنظيم وعائلاتهم لقوات سوريا الديموقراطية، بينهم أكثر من 5 آلاف مقاتل، منذ التاسع من يناير إضافة إلى إجلاء 34 ألف مدني من آخر جيب للتنظيم.ولا يعني حسم المعركة في منطقة دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سيطرته واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف.وفي المناطق التي طُرد منها، لا تزال الألغام التي تركها التنظيم خلفه تودي بمدنيين وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد مقتل 17 شخصاً على الأقل خلال الساعات الـ24 الماضية جراء انفجار ألغام من مخلفات التنظيم في شرق وشمال سوريا.تشكل جبهة الباغوز دليلاً على تعقيدات النزاع السوري الذي بدأ الجمعة عامه التاسع، من دون أن تسفر جولات التفاوض عن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الأحد، عقب لقائه المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون في دمشق، أن "العملية السياسية يجب أن تتم بقيادة وملكية سوريتين فقط وأن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده"، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".وقال إن "الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرره السوريون أنفسهم من دون أي تدخل خارجي".ولفت بيدرسون الذي يقوم بزيارته الثانية لدمشق منذ تعيينه، إلى أنه "لن يألو جهداً من أجل التوصل إلى حل سياسي" للنزاع السوري، وفق ما نقلت "سانا".ويواجه بيدرسون، الدبلوماسي المخضرم الذي تسلم مهامه في السابع من يناير خلفاً لستافان دي ميستورا، مهمة صعبة تتمثل بإحياء المفاوضات بإشراف الأمم المتحدة، بعدما اصطدمت كل الجولات السابقة التي قادها سلفه بمطالب متناقضة قدمها طرفا النزاع.
مشاركة :