أحيت موافقة القضاء التونسي على إعادة التحقيق في قضية الاغتيالات السياسية التي تمت إبان تزعم حركة النهضة للحكم، بعد الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، الآمال في تعديل مسار القضية باتجاه كشف الحقيقة. وقال عضو هيئة الدفاع عن المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي رضا الردواي إن “قضية الشهيدين قد أخذت منعرجا جديدا بعد قرار محكمة التعقيب الصادر في 6 مارس الذي أنصف هيئة الدفاع واقرّ إعادة فتح الأبحاث، وبالتالي فتح أفاق كبيرة في كشف عملية الاغتيالات”. وأضاف الرداوي أن محكمة التعقيب قررت إعادة فتح بحث في اجتماع سري بين علي العريض والإرهابي جمال الماجري. وشدد الرداوي خلال ندوة عُقدت السبت لتقديم مستجدات بشأن القضية، أن “هذا اللقاء جمع علي العريض في سنة 2012 حين كان وزيرا للداخلية والرجل الثاني في حركة النهضة بإرهابي تلقّى تدريبه العسكري في مالي يدعى جمال الماجري”. والماجري هو أحد القادة البارزين في تنظيم أنصار الشريعة المحظور، جرى توقيفه بتهمة تنظيم عمليات إرهابية والانتماء إلى تنظيم إرهابي. وكشفت هيئة الدفاع أن الماجري له صلة أكيدة بحركة النهضة، مستندة في ذلك برفضه أن يتم استنطاقه دون حضور علي العريض. وأعلنت الهيئة أنه قدّم معطيات أدّت إلى عملية مداهمة منزل رئيس الجناح العسكري لأنصار الشريعة رضا السبتاوي في دوار هيشر (حي شعبي قرب العاصمة) ومقتل زوجته. وأكدت الهيئة خلال الندوة أن “حركة النهضة وقاضي التحقيق 13 بشير العكرمي حاولا طمس معالم البحث الأسبق في اللقاء السري بين العريض، الذي كان حينئذ يمثل الدولة وأحد وزارتها السيادية المسؤولة عن أمن البلاد وبين إرهابي خطير”. واعتبرت الهيئة قرار محكمة التعقيب تصويبا لمسار قضية الشهيدين، وخيطا رابطا قد يثبت تورط النهضة في الاغتيالات السياسية عبر جهازها الأمني السري. وفي أكتوبر الماضي وجّهت هيئة الدفاع عن المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اتهامات لحركة النهضة بامتلاك جهاز أمني سري ضالع في اغتيال المعارضين. وأكدت المحامية إيمان قزارة خلال مداخلتها أن قاضي التحقيق تعمّد القيام بتجاوزات لا تحصى في هذا الملف، في محاولة لمنع تعقّب أي خيط رابط بين تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي وحركة النهضة. وتابعت أن هذا القرار هو لائحة اتهام واضحة لبشير العكرمي بالتورط في محاولة تضليل العدالة، مؤكدة أن القضية في مسارها الصحيح. وفي المقابل رد القيادي في حركة النهضة علي العريض على تلك الاتهامات قائلا “إن ما تم إعلانه من قبل هيئة الدفاع حول الحكم الصادر من محكمة التعقيب والقاضي بإعادة البحث حول لقاء سري جمعني بالمتهم جمال الماجري، هذا الإعلان لا معنى له وهو جزئية لن تغيّر مسار البحث في القضية”. وأضاف “لا وجود لحكم من التعقيب وأنا لا أثقُ في أي كلمة تقولها هذه الهيئة، وإن وجد الحكم فقد يكون من قبيل مجاراة طلب الهيئة حول إعادة الاستماع فقط”. وشدد العريض على أن “اللقاء الذي جمعه بالمتهم الماجري كان بناء على قوله بأنه لن يتحدث إلا بحضور وزير الداخلية، وقد تنقلت آنذاك والتقيته بحضور إطارات أمنية، ولم استمع لأي اعتراف منه وكل ما قلته في إطار حثّه على الاعتراف بما لديه خدمة لمسار القضاء”. وأكّد العريض أن الأبحاث والتحقيقات التي استمرت ست سنوات وشهرين، استوفت كل الجوانب من تحقيقات وبحوث واختبارات جنائية ومخبرية ونتائجها مدوّنة في المئات من الصفحات وهي بين يدي هيئة الدفاع عن الشهيدين، ولكنها تختلق كل الذرائع لمنع نتائج هذه التحقيقات من المرور إلى القضاء ومن بلوغ مرحلة المحاكمة. وأعلنت الرئاسة التونسية، الثلاثاء، أن الرئيس الباجي قائد السبسي يتابع قضية الجهاز السري لحركة النهضة، الذي أثارته هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. واشتد الخناق مؤخرا على حركة النهضة بسبب قضية الجهاز السري، واتهامات لها بنشر التطرف بعد إيقاف السلطات لأشخاص يديرون مدرسة قرآنية تلقن الأطفال التطرف. وتحوّلت قضية مدرسة الرقاب (منطقة بوسط البلاد) إلى قضية رأي عام، واستحضرت مدارس طالبان الأفغانية التي فرّخت تنظيمات إرهابية منها القاعدة وداعش.
مشاركة :