وجه بعض أعضاء مجلس الشورى أمس انتقادا لوزارة التجارة والصناعة، حول أدائها في مكافحة التستر والغش التجاري ومتابعة أسعار السلع المحلية وربطها بالأسواق العالمية، والتأخر في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الصناعية، وتحقيق النسب المستهدفة في أهدافها الرئيسة لزيادة الصادرات السعودية غير البترولية ومعدل النمو الصناعي. وطالب أعضاء في المجلس بعمل خطة وطنية لمكافحة التستر التجاري بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والعمل، ومنح فترة سماح تصحيحية للمنشآت التجارية، يتبعها تفتيش مكثف على المنشآت التجارية وتشديد للعقوبات. جاء ذلك خلال مناقشة المجلس أمس تقرير لجنة الاقتصاد والطاقة بشأن الأداء السنوي لوزارة التجارة والصناعة، حيث قالت اللجنة على لسان رئيسها صالح الحصيني، إن تقرير الوزارة بين أن متوسط أسعار 13 سلعة أساسية منها القمح والأرز الأمريكي والقهوة واللحوم الحمراء والزيوت النباتية، انخفض خلال السوق العالمية، إلا أن السوق المحلية لم تتفاعل مع انخفاض تلك السلع الأساسية. وطالبت اللجنة، الوزارة بمتابعة مستويات أسعار السلع المحلية مقارنة بتطورات الأسواق العالمية، وأوصتها بمتابعة تطورات انخفاض أسعار السلع في الأسواق الدولية وأثر ذلك على السوق المحلي، والإسراع في استكمال الاستراتيجية الوطنية لتنمية الصادرات غير البترولية، والتنسيق مع الجهات المعنية لإزالة المعوقات النظامية والإجرائية المؤثرة سلبا على بيئة الاستثمار الصناعي. وفي مداخلات الأعضاء، رأى الدكتور فهد بن جمعة، أن أداء الوزارة أقل بكثير من النسب المستهدفة في أهدافها الرئيسة، مشيرا إلى أن الوزارة لم تنجح في زيادة الصادرات السعودية غير البترولية بنسبة نمو سنوي تتجاوز 10 في المائة، أو في زيادة معدل النمو الصناعي بنسبة تتجاوز 7 في المائة سنويا، وهي النسب المستهدفة في أهداف الوزارة الرئيسة. وكشف الدكتور ابن جمعة عن خطأ جسيم وقعت فيه الوزارة في تقريرها السنوي، وقال، "شد انتباهي الأخطاء الكمية الفادحة في تقرير الوزارة التي تجعل قرارات المجلس خاطئة بما لا يخدم الوطن، حيث ذكرت أن صادرات المملكة غير البترولية تشهد نموا مستمرا منذ عام 2005 حتى 2012"، مضيفا أن "نمو الصادرات غير النفطية ليس نموا مستمرا بل نمو متناقص وقد انخفض النمو بنسبة 10 في المائة عام 2009م ووصل إلى أدنى مستوياته في عام 2013م عند 6 في المائة، ثم تحسن تحسنا طفيفا في 2014م ليصل إلى 8 في المائة وهو أقل من المستهدف". ووصف ضبط الوزارة نحو ثلاثة آلاف منشأة تجارية للاشتباه في مخالفتها لنظام مكافحة التستر التجاري خلال عام التقرير، من أصل 800 ألف منشأة تجارية في المملكة، بأنه "بحسب المعيار الإحصائي عينة عشوائية فاشلة لا تمثل الظاهرة ولن تقضي عليها"، مضيفا أن "التستر التجاري أسهم في كثرة العمالة الأجنبية وارتفاع حوالاتها في عام 2014 إلى نحو 153 مليار ريال، كما وجه بوصلة انتقاده إلى توصيات اللجنة، حيث وصفها بأنها "عديمة الفائدة ولا قيمة لها ولا تفيد الوزارة أو المجلس والاقتصاد الوطني بسبب أنها متحققة". من ناحيته، انتقد أحمد الحكمي تأخر الوزارة في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الصناعية وآليتها التنفيذية التي صدرت الموافقة عليها من مجلس الوزراء عام 1430هـ، وقال، إن "الاستراتيجية أنقضى عليها 6 أعوام وهي نصف المدة المقررة لتنفيذها، إلا أن الصناعة التحويلية تتسم بعدم الكفاءة في إنتاج التقنية ونقص مراكز البحث والتطوير الصناعي ونقص الطاقة الإنتاجية للمنتجات ذات القيمة العالية، وسيطرة العمالة على القوى العاملة الصناعية في المملكة، وانخفاض المحتوى التقني في الصناعات وضعف القاعدة التصنيعية للسلع الاستهلاكية"، داعيا إلى تعزيز الروابط بين الصناعات التحويلية وتحديد مجالات صناعية جديدة، وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للصناعة بأهدافها وآلياتها وأسسها الاستراتيجية. من جانبه، انتقد الدكتور عبدالله الحربي، أداء الوزارة في مكافحة التستر والغش التجاري وربط أسعار السلع داخل المملكة بالأسعار العالمية، حيث ذكر أن "التستر التجاري منتشر في المملكة بشكل كبير وينخر في الاقتصاد الوطني ويحد من فرص عمل الشباب السعودي"، فيما طالب بعمل خطة وطنية لمكافحة التستر التجاري والتنسيق مع وزارتي الداخلية والعمل والغرف التجارية ونشر تثقيف إعلامي عن التستر التجاري، ثم منح فترة سماح تصحيحية للمنشآت التجارية، يتبعها تفتيش كثيف على المنشآت التجارية وتشديد العقوبات. وأضاف الدكتور الحربي، أن "الغش التجاري منتشر بأشكال متعددة منها البضائع المقلدة وتزوير العلامات التجارية وانتشار البضائع التي لا تنطبق عليها المواصفات والمقاييس والتلاعب بالأسعار وخلط البنزين بغيره"، متسائلا، "ما هو دور الوزارة في الحد من الغش التجاري والتفتيش المستمر وتوعية المواطنين". ودعا الوزارة للتنسيق مع الجمارك وهيئة المواصفات وتفعيل دور المختبرات، وتخصيص بعض أعمال التفتيش في التجارة، أو إنشاء شركة تملكها الوزارة تقوم بمساندتها في عملها، مضيفا أن "التنسيق غائب مع الوزارات ذات العلاقة مثل وزارات الداخلية والعمل والاقتصاد في مجالات التصنيف والتفتيش والتراخيص وربط البيانات". ووصف الحربي، دور الوزارة في متابعة الأسعار داخل المملكة وربطها بحركة الأسعار العالمية في حالة الانخفاض والارتفاع بأنه "ضعيف"، داعيا إلى إنشاء جهة لمتابعة الإعلان عن الأسعار العالمية للسلع الأساسية مثلما يحدث مع الذهب والمعادن والبترول.
مشاركة :