استضاف نادي الأحساء الأدبي مساء الأحد أستاذ اللسانيات في جامعة الحسن الثاني بالمغرب الدكتور مصطفى غلفان في محاضرة بعنوان ( الدراسات اللسانية في الوطن العربي واستشراف المستقبل)، قدم للمحاضر أستاذ اللسانيات والترجمة بجامعة الملك فيصل الدكتور خليفة الميساوي الذي شكر نادي الأحساء الأدبي ورئيسه الدكتور ظافر الشهري، ثم عرف بالمحاضر وإنجازه العلمي بعد تخرجه من جامعة باريس ومؤلفاته في مجال اللسانيات. وبدوره شكر المحاضر نادي الأحساء ، وانطلق من عنوان مؤتمر أقيم مؤخرا في جامعة القصيم بعنوان ( علاقة التراث بالمناهج الحديثة ) الذي يرى أنه يلخص كثيرا من اللسانيات العربية باعتبار أن عنوان المحاضرة يتحدث عن استشراف المستقبل في اللسانيات وهذا الاستشراف يقوم على أبعاد الزمن الثلاثة ؛ الماضي والحاضر والمستقبل ، وتأتي الإشكالية من الاتفاق على أرضية منهجية ننطلق منها؛ لأن الخط المنهجي التصوري وحتى المصطلحي يستعمل المفاهيم وما تعبر عنه بمفاهيم مختلفة. ثم عرج المحاضر على مفهوم اللسانيات في الدراسات الحديثة وظهوره في فرنسا في بداية القرن العشرين ، وأن اللسانيات في الثقافة العربية لها تصوران هما أن ما يسمى باللسانيات ليس سوى تراث لغوي أعيدت صياغته بشكل أو بآخر، وأن أول كتاب عربي في علم اللغة هو كتاب الدكتور علي عبدالواحد وافي والعجيب أن الرجل لم يكن لغويا بل عالم اجتماع، وإشكالية الدرس اللغوي تبدأ من الخلط بين الدراسة اللغوية القديمة واللسانيات الحديثة ، وقد بدأ ذلك عند الغرب من خلال فرديناند دي سوسير من خلال محاضراته التي نشرت بعد وفاته عام 1916من خلال زميلين له بجامعة جنيف. ويوضح غلفان أن وضعية عدم الوضوح جعلت الدرس اللغوي يعيش كثيرا من المشكلات ، فأصبح هناك ما يعرف بإعادة قراءة التراث العربي القديم في ضوء المناهج اللسانية، وأنه لا اعتراض على النظر للتراث لسانيا فبينهما أمور متشابهة أهمها أنهما يدرسان مادة لغوية هي اللغة ولكن ليست هناك منهجية في قراءة التراث، وأنه لاقيمة للرأي القائل إن بضاعتنا ردت إلينا في عزو ما جاءت به اللسانيات من فرضيات في أوروبا وأمريكا ، والقائلون بهذا الرأي لا يميزون بين المنظورين الحضاري والعلمي لأن عدم تحديد الفروق في البحث العلمي يجعل اللغة العربية هي الخاسر الأكبر ، والموضوع الحقيقي للسانيات هو اللسان في حد ذاته ولأجل ذاته ، والظاهرة اللغوية تتشكل في ثلاثة أنماط هي الملكة اللغوية واللسان والكلام ، ولذا يجب التوجيه بين اللسانيات والتراث كعلاقة اندماجية ، وبالعودة إلى التراث نجد أن اللغويين العرب كانوا أقرب للمنهج اللغوي من اللسانيين المحدثين؛ فالقدماء قدموا حلولا لإشكالات عصرهم وأجابوا بإمكاناتهم على الأسئلة التي كانت تعترضهم، ونحن مازلنا نبحث عن أنفسنا في اللسانيات التي لم تأخذ طريقها ، وهناك ضغط قوي للدراسات التقليدية على الفكر اللساني ، ومقولة أن كل ما جاءت به اللسانيات موجود في التراث لا تستقيم مع المعطيات الحديثة . ويضرب المحاضر مثلا بقراءة عبدالقاهر الجرجاني من شخص يراه لسانيا بنيويا وآخر يراه اهتدى إلى البنية العميقة والسطحية قبل تشومسكي وثالث يراه تداوليا وظيفيا ، وكلما ظهرت نظرية حاولنا تأويل فكر عبدالقاهر لها وهذا لا يستقيم مع المنهج فمن المستحيل أن يكون توليديا وبنيويا في نفس الوقت، وهذا لا يمنع من وجود دراسات لسانية استثنائية لكنها قليلة فصفة المطلق ليست من العلم في شيء، وتأتي قضية المصطلح لنعيش في حالة تشتت بسبب خطف التسميات وضرب مثلا بمصطلح اللسانيات التي أحصى المسدي لها 23 لفظا عربيا ، وحاجتنا إلى اللسانيات جاءت من انفتاح العرب على الآخر لتقديم حلول جذرية للتقنية الحديثة ، لذلك لابد من مواجهة الواقع اللغوي. ثم ختم حديثه أن ما تمت ترجمته من كتب اللسانيات أساءت للسانيات لأنها أظهرتها كطلاسم وأرجع ذلك إلى عم تخصص المترجمين ، وتداخل الحضور فرأى الدكتور سليمان البوطي أن بضاعتنا ردت إلينا لأن الفرنسيين اعتمدوا في لسانياتهم على كتب عربية وأن العرب سبقوا في ذلك من خلال كتب التراث ومنها كتاب للشيخ النابلسي ، بينما عقب الدكتور ظافر الشهري بقوله: نحن كنخب لدينا صراع قناعات ولدينا تراث زاخر بالأمور الحضارية واللسانية فمقدمات ابن قتيبة لسانية، في حين رأى الدكتور عبدالله الحقباني أن أبرز المشاكل في الدراسات اللسانية هي عدم توحيد المصطلح في حين رأى الدكتور عامر الحلواني أن اللسانيات ذات بعد كوني عالمي وتساءل ماذا أفادت اللسانيات من الأدب وماذا أفاد الأدب من اللسانيات ، وتداخل العديد من الحضور وأجاب المحاضر عن أسئلة الحضور وفي نهاية اللقاء قدم رئيس نادي الأحساء الأدبي الدكتور ظافر الشهري درعا تذكارية للمحاضر والمقدم وتم التقاط الصور التذكارية.
مشاركة :