لم تُخْفِ أنقرة غيظها من الانتصارات الكبيرة للأكراد عبر واجهتهم العسكرية المسماة «وحدات حماية الشعب»، على من تبقى من أفواج تنظيم داعش في الجيب الأخير لهم في شرق سورياوقالت مجلة «دير شبيجل» الألمانية، إن النظام التركي عاد مجددًا إلى التلويح بإمكانية شن عملية عسكرية جديدة شرق الفرات؛ وذلك بالتنسيق مع كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية. وحسب معلومات للمجلة، فإن تركيا لا تريد نفوذًا أكبر للأكراد في تلك المنطقة الحدودية الملتهبة، ولا ترى سوى الحل العسكري إجراءً حاسمًا في هذا الشأن. وأوضحت المجلة أن رغبة تركية في «الحفاظ على توازنات علاقتها بروسيا (الحليف الأكبر لدمشق) دفعها إلى أن تقبل، على مضض، إنشاء منطقة آمنة عازلة منزوعة السلاح متاخمة لشرق نهر الفرات». وكل المؤشرات تؤكد أن القبول التركي بالحل الروسي سيبقى مؤقتًا؛ فأنقرة لن ترضى بأي بديل غير ملء الفراغ العسكري المتوقع من الانسحاب الأمريكي المزمع من سوريا، وفق «شبيجل». وقبل هذا وذاك، لن تقبل أنقرة بغير سحق سلاح الأكراد، وتحديدًا في سوريا؛ وذلك لردع كيانهم الأم في تركيا، وهو حزب العمل الكردستاني، الذي تُصنِّفه تركيا وعدد من البلدان الغربية منظمةً إرهابيةً محظورةً. وترى «شبيجل» أن الضربة العسكرية ضد الأكراد ستفعلها تركيا آجلًا أو عاجلًا. وأما عن عدم رغبتها في إغضاب موسكو -وخاصة بعدما منحتها الأخيرة صفقة تسليحية ضخمة تتمثل في منظومة صواريخ إس 400 الدفاعية- فإن أنقرة ستبحث عن مخرج، أو بالأحرى عن وسيط أو حليف تتستَّر خلفه لتحقيق مبتغاها، خاصةً أن مجابهة الأكراد وهزيمتهم ليست مُهمَّةً من الجانب العسكري فقط، بل ومن أكثر من جانب بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية وزعيمه رجب طيب أردوغان في صندوق الانتخابات؛ حيث تستعد البلاد للانتخابات البلدية في نهاية مارس الجاري. وكانت «شبيجل» أشارت في وقت سابق إلى أن أردوغان يسعى جاهدًا إلى استمالة طهران لتوجيه ضربة متعددة الجبهات ضد الأكراد وأذرعهم المسلحة والسياسية في كل من العراق وسوريا وتركيا وإيران. وعلى ما يبدو أن طهران ترفض الاقتراح؛ حتى لا تفتح على نفسها جبهة مواجهة داخلية تزيد أزمات البلاد السياسية والاقتصادية المتراكمة.
مشاركة :