أكدت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن إجبار قطر على تقاسم استضافة بطولة كأس العالم المقبلة مع دولٍ أخرى في المنطقة «سيسحق غرورها»، بعدما ظلت على مدار السنوات الماضية تتبجح بكونها ستصبح المضيف الوحيد لهذه البطولة الكروية التي حصلت على حق تنظيمها في ملابساتٍ مشبوهة ومثيرة للجدل. وفي تقريرٍ تحليليٍ أعده الصحفي المخضرم ستيفن جوف، اعتبرت الصحيفة واسعة الانتشار أن مسألة زيادة عدد الفرق المشاركة في المونديال باتت أمراً محسوماً تقريباً بغض النظر عن موافقة قطر على ذلك من عدمها، حتى وإن كانت هذه الموافقة مطلوبةً لاستكمال الإجراءات. وقالت «واشنطن بوست» في هذا الصدد إنه على الرغم من أن الاتحاد الدولي لكرة القدم قرر الآن أن ينتظر حتى شهر يونيو القادم «ليحدد ما إذا كان سيوسع كأس العالم المقرر إقامتها في قطر لتضم 48 منتخباً (بدلاً من 32 فريقاً كما هو الحال الآن) أو لا، فإننا نعلم جميعاً أين يتجه هذا الأمر على الأرجح»، وذلك في ضوء حماسة رئيس «الفيفا» جياني إنفانتينو للتبكير بموعد زيادة عدد الفرق المسموح لها بالمشاركة في المونديال، لتتم خلال النهائيات القادمة التي لم يتبق عليها سوى أقل من أربع سنوات، بدلاً مما هو مقرر في بطولة 2026 المزمعة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. وشككت الصحيفة الأميركية واسعة الانتشار في أسباب الصمت الراهن للسلطات القطرية حيال الصخب الدائر حولها بشأن مسألة توسيع حجم المشاركة في البطولة التي تبذل الدوحة محاولاتٍ مستميتةً لإبقائها على أراضيها، رغم كل ما يحيط بها من فضائح متنوعةٍ منذ اليوم الأول الذي أُعْلِنَ فيه عن إسناد تنظيمها لـ«نظام الحمدين». وقالت إنه «في الوقت الذي يقول فيه المنظمون القطريون إنهم لا يزالون منفتحين على فكرة التوسع المحتمل، فإن المرء ليتساءل عما إذا كان تقاسمهم المباريات مع دولةٍ أخرى -بعد أعوامٍ كانوا فيها الاختيار الوحيد (للتنظيم)- سيسحق زهوهم» وغطرستهم أم لا. وسلطت «واشنطن بوست» الضوء على العبارات المطاطة التي تستخدمها اللجنة القطرية المُنظمة للمونديال للمراوغة في الحديث عن موقفها إزاء الزيادة الوشيكة في عدد منتخبات مونديال 2022، من قبيل القول: «إن مهمتنا كانت دائماً ضمان أن تنتمي بطولة كأس العالم هذه للعالم العربي بأسره ولمنطقة الشرق الأوسط كذلك»، وهو ما يبدو تمهيداً لرضوخ الدوحة المحتمل لإصرار الاتحاد الدولي على إقامة بطولةٍ موسعة. وفي تقريرها التحليلي الذي حمل عنوان «كأس العالم 2022 كان حافلاً بالثغرات من الأصل ولن يؤدي توسيعه إلا إلى جعل الأمور أكثر سوءاً»، قالت «واشنطن بوست» إن إقرار الاتحاد الدولي للكرة في اجتماعه المقرر في يونيو في العاصمة الفرنسية تحويل المونديال المقبل إلى بطولةٍ من 48 منتخباً «لن يعدو كونه سوى تعديلٍ جديدٍ لقرارٍ مشوبٍ بالثغرات بالفعل»، في إشارةٍ إلى نتيجة التصويت الذي أجرته اللجنة التنفيذية لـ«الفيفا» أواخر عام 2010، وأفضى لمنح قطر حق التنظيم، ما أثار منذ ذلك الحين موجةً عارمةً من الدهشة والغضب على الساحة الرياضية الدولية. وأبرزت الصحيفة الكثير مما أحاط بهذه البطولة من مشكلاتٍ وشبهاتٍ سواءٌ ما حدث خلال عملية التنافس على استضافتها قبل عقدٍ من الزمن، أو ما أعقب ذلك من «انتهاكاتٍ موثقةٍ جيداً لحقوق العمال، ارٍتُكِبَتْ بحق العمالة الوافدة التي تنخرط في عمليات تشييد الملاعب القطرية، التي يُفترض أن تُقام عليها المباريات». ولم يغفل التقرير الإشارة إلى أن إصرار «الفيفا» على إقامة البطولة في الدويلة المعزولة، حدا به إلى تغيير توقيتها للمرة الأولى على الإطلاق، لتُقام في أواخر الخريف بدلاً من موعدها المعتاد في فصل الصيف، تجنباً للحرارة اللاهبة التي تسود قطر في مثل هذا الوقت من كل عام، وهو ما ترتب عليه إحداث إرباكٍ واسع النطاق في جداول الكثير من البطولات الكروية المحلية والقارية المهمة، مثل الدوري الإنجليزي لكرة القدم ودوري أبطال أوروبا، ما أدى في نهاية المطاف إلى تقليص فترة المنافسات إلى 28 يوماً بدلاً من 32، للتقليل من هذه التأثيرات السلبية. وسخر تقرير الصحيفة من محدودية مساحة قطر وقلة عدد سكانها، قائلاً إنها لا تبلغ حتى «مساحة ولايةٍ أميركية شديدة الصغر مثل كونيتيكت (تُصنّف على أنها ثالث أصغر ولايات أميركا من حيث المساحة) ولا يزيد سكانها على عدد سكان كانساس (المُدرجة على قائمة أقل 20 ولاية أميركية من حيث عدد السكان)».
مشاركة :