ركز التقرير السنوي لمكتب الممثل التجاري الأمريكي لعام 2019 بشكل قوي ومتكرر على الصين، موجها انتقادات قوية لإمبراطورية الوسط خاصة ما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، وهي إحدى النقاط الجوهرية التي تدور حولها جولات المفاوضات التجارية الراهنة بين البلدين. يتحدث التقرير "266 صفحة" أساسا عن العلاقات التجارية للولايات المتحدة مع الأمم الأخرى، والتقدم المحرز، والمشكلات التي حدثت في العام الماضي، وجدول أعمال لما سيأتي هذا العام. غير أنه ركز تركيزا كبيرا علي الصين، قائلا بكلمات واضحة "إن ممارسات الصين في السنوات الأخيرة تهدد اقتصاد الولايات المتحدة ذاته". في انتقاد ضمني لمنظمة التجارة العالمية، قال الممثل التجاري الأمريكي "إن النظام المتعدد الأطراف لم يقدم أي مساعدة، ما دفع الولايات المتحدة إلى توجيه انتقادات موثقة جيدا للعملية متعددة الأطراف". عن الصين أيضا، قال "واجهت الولايات المتحدة أزمة كبرى أخرى هددت مستقبل اقتصادها ذاته. وبالنسبة إلى بلد مثل الصين يعتمد على الابتكار والإبداع لجزء كبير من نموه الاقتصادي، فإن الحماية القوية للملكية الفكرية والتقنية أمر حيوي. لكن الإدارة الحالية ورثت حالة تستخدم فيها الصين مجموعة متنوعة من التكتيكات غير العادلة والمشوهة للسوق تنتهك فيها قيما ثمينة خاصة بالملكية الفكرية للولايات المتحدة". وتابع "شملت التكتيكات الصينية فرض متطلبات "المشروع المشترك" وغيرها من قيود الاستثمار الأجنبي، التي ضغطت بشكل فعال على المستثمرين الأمريكيين في الصين للدخول في شراكة مع الشركات الصينية ومنح "الشركاء" الصينيين حرية الوصول إلى الملكية الفكرية للولايات المتحدة". علاوة على ذلك، يواصل التقرير قائلا، "عندما يتم السماح لأصحاب الملكية الفكرية الأمريكيين بالترخيص لتقنياتهم في الصين، يتحتم عليهم القيام بذلك بموجب لوائح تمييزية منعت أصحاب الملكية الفكرية الأمريكيين من تلقي عوائد معدلات السوق". وأشار إلى أن الصين نفذت أيضا برامج استثمار أجنبية خارجية للحصول على الملكية الفكرية الأمريكية من خلال الاستحواذ على شركات أمريكية مستهدفة. وتحدث التقرير عن الاختراقات الحاسوبية المتكررة للشبكات التجارية في الولايات المتحدة، مبينا أن الحكومة الصينية استهدفت المعلومات السرية للأعمال التجارية وغيرها من البيانات الحساسة للشركات الأمريكية، على الرغم من التعهدات بعدم القيام بذلك، إضافة إلى ذلك، حرمت سياسات الصين فعليا الشركات الأمريكية من القيمة الكاملة لملكيتها الفكرية والتقنية، ومنعتها من المنافسة إلى حد ما في السوق الصينية الكبيرة. وأضاف "سرقة الملكية الفكرية الأمريكية تهدد أيضا الميزة التنافسية التقنية للشركات الأمريكية في الأسواق العالمية من خلال إنكار عوائد عادلة للاستثمار في الملكية الفكرية الأمريكية وتثبيط إعادة الاستثمار في الابتكارات المستقبلية". وعاد التقرير مرة أخرى إلى منظمة التجارة بقوله "لم يقدم النظام التجاري المتعدد الأطراف أي حل عملي للولايات المتحدة. وعديد من أسوأ الإجراءات التي اتخذتها الصين مثل عديد من الأساليب غير الرسمية للضغط على الشركات الأمريكية لتبادل التقنية مع الشركاء الصينيين، لا يتوافق مع التزامات الصين في منظمة التجارة العالمية". وأضاف التقرير، أبدى الشركاء التجاريون الرئيسيون للولايات المتحدة استعدادا ضئيلا لاتخاذ خطوات عملية للضغط على الصين بشأن هذه القضايا، مع ذلك، كان ينبغي للولايات المتحدة أن تجد طريقة ما لإقناع الصين بوقف أعمالها المفترسة - predatory actions. وعن اتفاق الشراكة عبر الهادئ - 12 دولة ضمنها الولايات المتحدة -، قال التقرير "بما أن مزيدا ومزيدا من البلدان قد نقل إنتاجه إلى بلدان مثل الصين، وفيتنام، وماليزيا، فإن مزيدا من الخسائر في الملكية الفكرية والتقنية الأمريكية كان سيصبح أمرا حتميا". وذكر أنه من المرجح، مع مرور الوقت، حتى الشركات الأمريكية كانت ستنقل مزيدا من جهود البحث والتطوير لتكون أقرب إلى مرافق الإنتاج الخاصة بها. "ومثل هذا سيؤدي إلى ميزة للصين"، حسب الممثل التجاري الأمريكي. ووجه التقرير انتقادا قويا للنظام التجاري متعدد الأطراف، مضيفا "لم يتم التوصل إلى اتفاق مهم جديد بشأن الوصول إلى الأسواق المتعددة الأطراف في منظمة التجارة العالمية منذ تشكيلها في 1994. وقد انهارت الجهود الرئيسة الأخيرة للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق في 2008". ولفت إلى أن بعض قواعد منظمة التجارة غير قادرة على مواكبة التحديات الاقتصادية الحديثة والممارسات التجارية غير العادلة اليوم، وعدم قدرة المنظمة على التفريق على نحو واف بين أعضاء البلدان النامية، إلى جانب التوقعات الخاطئة بشأن الأعضاء الذين ينبغي أن يسهموا في النتائج المتفاوض عليها، هي من بين العوامل التي تفسر افتقار منظمة التجارة إلى الإنجازات في المفاوضات. وتحدث التقرير عن سبب مهم آخر، لفشل المفاوضات المتعددة الأطراف، هو أن النشاط القضائي في هيئة الاستئناف الخاصة بمنظمة التجارة "يغري البلدان بطلب امتيازات خاصة من خلال التقاضي بدلا من السعي إلى بناء توافق في الآراء عن طريق التفاوض". وقال "لسنوات عديدة، استولت هيئة الاستئناف التابعة للمنظمة مرارا على مزيد من السلطة لنفسها، بينما قوضت وتجاهلت القواعد ذاتها التي أنشئ بموجبها نظام تسوية المنازعات"، وعد إجراءات هيئة الاستئناف أدت إلى انعدام الثقة بالقرارات التي انبثقت عن عمليتها.
مشاركة :