تتساءل الآن إن كانت تلك لحظة تنبؤ، إن كان أخوها قد عرف بطريقة ما أن ذلك كان آخر لقاء بينهما، أو ربما كان يمازحها فقط، كما كان يفعل دوما. ولكن بغض النظر عن كل ذلك، تميل آية العمري إلى الاعتقاد بأن أخيها حسين كان يودعها على طريقته. كان ذلك مساء الخميس، ليلة الجمعة التي هاجم فيها يميني متشدد على مسجدا في نيوزيلاندا كان حسين في داخله يصلي، ويقتل الشاب ذا الـ35 عاما. العمري الذي تعوده جذوره إلى العراق، تقول أخته آية إنه كان مثل أي أخ كبير، يضحكها بالمزاح تارة ويضايقها بالمزاح تارة أخرى، وهي تشعر بالحسرة والألم إذ لم تودعه بعدما تناول عندها العشاء برفقة والديهما. وتتسأل آية ما إذا كان حسين قد ودعها بطريقته المعهودة خالطا الجد بالمزاح. فقد كان قميصها الجديد الذي خطت عليه عبارة "آراك لاحقا، وداعا"، مثار حديثه المازح طوال السهرة. "ظل حسين يقول لي بصوت هامس كلما مررت بجانبه "مهلا، هذا قميص جميل!"، وتضيف "لم أعرف حينها إن كان جادا أم يمزح كعادته. وبعد تكراره التعليق على قميصها، قررت أن تتجاهله، فهو مثل أي أخ كبير يمكن أن يلح بالمزاح حد الإزعاج. وبين الجد والمزح ذهبت ضحكة حسين، تقول الأخت الصغرى، وبقيت تدور في رأسها أسئلة عدة كلما نظرت لقميصها الذي يحمل عبارة "أراك لاحقا وداعا". تقول ربما جاءه هاجس بعد العشاء دفعه ليودعني بطريقته لأستبدل البكاء بضحكة كلما تذكرته. وكان حسين قد جاء برفقة والديه إلى نيوزلندا في 1997 قادما من أبوظبي.
مشاركة :