رأى رئيس غرفة التجارة والصناعة، علي محمد ثنيان الغانم، أن الحوار الأوروبي - الخليجي النمطي لم يحقق «مع الأسف الشديد» وعلى مدى 30 عاماً، هدفه بالوصول إلى اتفاقية للتجارة الحرة بين الطرفين.وقال الغانم في كلمة له خلال افتتاح منتدى الأعمال لدول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي «واحة من الفرص»، الذي تنظمه «الغرفة» وهيئة تشجيع الاستثمار الخليجي والأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط، وتختتم فعالياته اليوم، إن دول الخليج والاتحاد الأوروبي، شهدا خلال العقود الثلاثة الماضية تغييرات سريعة وعميقة تضعهما على حد سواء أمام حسابات جديدة لمصالحهما والتحديات التي تواجههما، وتدعوهما إلى إعادة النظر في نمط التفكير وآلية التعامل، بما ينسجم مع المستجدات.وأضاف أنه ورغم كل عوامل عدم اليقين التي تحيط بمحاولة استشراف العلاقات الأوروبية والخليجية، ستبقى للنفط ومنتجاته وأسعاره، أهمية مؤثرة في تشكيل العلاقات الخليجية - الأوروبية، من حيث حجم ومكونات التبادل التجاري، ومن حيث تدفق الاستثمارات وتوجهاتها بين الجهتين أيضاً. وذكر أن احتمالات انخفاض الأهمية العالمية للنفط على الجانب الخليجي، يقابلها على الطرف الأوروبي مؤشرات مؤكدة لتحرك مستمر لمركز الثقل الاقتصادي العالمي من الغرب إلى الشرق، وهو تحرّك لا بدّ وان تكون له انعكاسات عميقة في مجالات التجارة والاستثمار، وفي ميادين المنافسة والتعاون على الصعيدين الإقليمي والدولي.وتابع الغانم أن العالم يعيش اليوم عصر الثورة الصناعية الرابعة، الذي يحمل تحولات جوهرية تنقل الجميع الى عالم رقمي وافتراضي، والى اقتصاد تعتمد فيه المنافسة على الجدوى والإبداع قبل التكلفة والسعر، وتأتي فيه الموهبة قبل رأس المال. وأفاد أنه إذا ترددت أوروبا في دعم دول مجلس التعاون الخليجي لدخول هذا العصر، فإن الفجوة التنموية بينهما ستصبح عائقاً بالغ الصعوبة أمام تعاونهما.وأكد أن مواقف الاتحاد الأوروبي من القضايا العربية عموماً، ومن القضية الفلسطينية خصوصاً، ستبقى من أهم الضغوط المؤثرة في العلاقات الخليجية والأوروبية، معرباً عن أسفه بكون مواقف الاتحاد الأوروبي من تداعيات الربيع العربي الغاضب في العراق وسورية وليبيا واليمن، لا توحي بالتفاؤل في هذا المضمار.وأوضح أنه حتى مطلع القرن الواحد والعشرين، كان التعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، يتركز في 3 ثلاثة هي الطاقة والتجارة والاستثمار، غير أن تداعيات الربيع العربي فرضت على هذا التعاون أن يعطي الأولوية لمجالين اثنين هما الأمن والهجرة.وبيّن أن الاتحاد الأوروبي فاجأ العالم أيضاً بما يحدث داخله من تحولات وتفاعلات اقتصادية وسياسية، يلحظها الجميع بوضوح في خروج بريطانيا، وفي انتعاش التطرف، وفي إعادة النظر بكثير من السياسات والتشريعات المتعلقة بالحريات.ورأى الغانم أنه من مصلحة الاتحاد الأوروبي، أن يتعرف بعمق على أبعاد التحولات والمخاطر التي تمر بها المنطقة، معتبراً أنه من مصلحته أيضاً مع دول مجلس التعاون، أن يوظفا قضايا الأمن والهجرة، لتأكيد ضرورة وأهمية تعاونهما الاقتصادي التنموي.وذكر أن البحر المتوسط لم يعد بحيرة أوروبية - عربية، بل بات على شواطئه وعبر مياهه مدن وطرق، وقواعد وقوى تحمي مصالح دول أخرى ذات قدرات تنافسية عالية.وأفاد الغانم أنه في عام 1980 أصدر «نادي روما» دراسة بعنوان «أوروبا والعالم العربي»، انتهت إلى القول، إن استقرار العالم العربي مهدد بقوة إذا لم تحافظ أوروبا على استقلالية قرارها، كما أن استقرار أوروبا عرضة لخطر حقيقي إذا تحول العالم العربي إلى منطقة غليان واضطراب فيها أكثر من 150 مليون مظلوم.وأضاف أنه وفي لقاء عربي - اوروبي شهدته باريس قبل 36 عاماً، وفي يوم 24 مارس 1983 على وجه التحديد، تحدث عميد الحوار العربي - الاوروبي حينذاك الوزير ميشال جوبيه، وعميد الديبلوماسية العربية وزير خارجية الكويت آنذاك، صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إذ اتفقت رؤية الجانبين على أن العلاقة بين أوروبا والعالم العربي ليست مجرد تزويد بالنفط، أو بحث عن الأسواق، كما أنها ليست مجرد علاقة بين دول متقدمة وأخرى نامية، بل هي أساساً عبارة عن علاقة تكامل في مفهوم الأمن القومي للجانبين سياسياً واقتصادياً وحضارياً.وأعرب الغانم عن سرور الكويت باحتضان المنتدى، واستقبال الرعيل من أصحاب الأعمال وأصحاب الفكر الاقتصادي في أوروبا والخليج. وأعرب عن اعتزاز «الغرفة» بان تكون إحدى الجهات الخليجية الاربع التي تتعاون مع «مندوبية الاتحاد الاوروبي في دول مجلس التعاون الخليجي» في تنظيم هذا المنتدى، الذي يشهد مشاركة 28 متحدثاً في محاروه الستة.الزيانيمن جهته، قال الأمين العام لدول المجلس التعاون الخليجي، عبداللطيف الزياني، إن انعقاد هذا المنتدى المتميز، دليل أكيد على عمق العلاقات الخليجية - الأوروبية، التي تمتد إلى حقبة طويلة من التاريخ، تعززها رغبة صادقة في التعاون المشترك، وسعي حثيث لتنمية وتطوير العلاقات بما يخدم المصالح المشتركة.وأضاف أن مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، أكدا دائماً اهتمامهما وحرصهما على تعزيز التعاون المشترك بينهما، في المجالات السياسية والاقتصادية والفنية، بما في ذلك مجالات الطاقة والصناعة والتجارة والاستثمار والخدمات والزراعة والثروة السمكية والتقنية والبيئة، والتعليم والبحث العلمي. وأشار إلى بدء الجانبين عام 1990 مفاوضات للتوصل الى اتفاقية التجارة الحرة، والاتفاق حول جميع بنود الاتفاق تقريباً، عدا رسوم الصادرات.وبيّن أن هذه المفاوضات تستحق إدراجها في موسوعة «غينيس» لطول مدتها، إلا أن مجلس التعاون يتطلع ليتمكن مع الأوروبيين، للتوصل إلى صيغ بناءة لخدمة المصالح المشتركة.وذكر أن الاتحاد الاوروبي كان وسيظل شريكاً تجارياً مهما لمجلس التعاون، إذ تضاعف حجم التبادل التجاري بين الجانبين مرات عدة خلال العقدين الماضيين، موضحاً أن حجم التبادل عام 2001 كان 37 مليار دولار، ووصل إلى 172 مليار دولار عام 2017، معرباً عن تطلعه وبتعاون القطاع الخاص من الجانبين، إلى زيادته لمستويات أعلى في المستقبل.وشدّد الزياني على أن مجلس التعاون يسعى إلى تهيئة البيئة الآمنة المستقرة المستدامة لتحقيق الازدهار المنشود، من خلال تطوير العلاقات والشراكات الإستراتيجية مع الدول والتكتلات الاقتصادية العالمية، وتعزيز منظومة التشريعات الموحدة، ودعم وتشجيع القطاع الخاص على القيام بدوره الحيوي في مسيرة التنمية الشاملة، وتطوير الأنظمة والإجراءات الكفيلة بدعم ريادة الأعمال والإبداع والابتكار والاختراع.وأكد الزياني أن منظومة مجلس التعاون بدولها الست، أظهرت ورغم العديد من الصعوبات والتحديات المحلية والإقليمية، أنها الأكثر استقراراً وازدهاراً في المنطقة، وأنها منطقة جذب استثماري لرؤوس الأموال الاجنبية، مع محافظتها على مكانتها البارزه في أسواق الطاقة العالمية، وارتفاع إيراداتها الوطنية.وأعرب عن فخره بتبني دولها لسياسة التحول الوطني والتنوع الاقتصادي، من خلال رؤى استراتيجية طموحة للنهوض باقتصاداتها حتى عام 2030.وأضاف أن مجلس التعاون أنجز خطوات مهمة لتعزيز مسيرة التعاون والتكامل الخليجي المشترك، ومن بينها إنشاء السوق الخليجية المشتركة، والاتحاد الجمركي، والاتحاد النقدي، وهيئة الربط الكهربائي، وهيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية، والهيئة القضائية الاقتصادية.وأشار الزياني إلى إقرار نظام ربط المدفوعات بدول المجلس، في وقت تعمل الأمانة العامة على استكمال المتطلبات التنظيمية للانتهاء من إنشاء شركة مستقلة للمدفوعات الخليجية يكون مقرها في مدينة الرياض.ونوه إلى استكمال المنظومة التشريعية لمجلس التعاون، والانتهاء من إنجاز القوانين التجارية المؤحدة، سعياً لتحقيق الوحدة الاقتصادية بحلول عام 2025، والعمل على استكمال الوضع النهائي للاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وتسهيل انتقال الشاحنات بين الدول الأعضاء.وذكر أن دول مجلس التعاون شهدت في السنوات القليلة الماضية، نمواً كبيراً في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، نتيجة لما اتخذته من إصلاحات ومبادرات وإجراءات اقتصادية، وتعديل للقوانين في عدد من القطاعات الاقتصادية، الأمر الذي يؤكد تزايد اهتمام المستثمرين بالفرص المتاحة في الخليج.ولفت الزياني إلى تخصيص دول مجلس التعاون، ميزانيات ضخمة للمشاريع التنموية الإستراتيجية، كمشاريع الطرق والسكك الحديدية، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه والطاقة المتجددة، والتي ستشهد تركيزاً استثمارياً غير مسبوق في السنوات المقبلة، لافتاً إلى استمرار الإنفاق الحكومي على المشاريع والقطاعات الحيوية كالصحة والتعليم وقطاع النفط والغاز.وأفاد أن مجلس التعاون أصبح اليوم تكتلاً اقتصادياً مهماً، إذ تجاوز الناتج المحلي الاجمالي لدوله 1.5 تريليون دولار، بينما تجاوزت قيمة الصادرات والواردات التريليون دولار سنويا، في حين ارتفعت الاستثمارات المحلية إلى 430 مليار دولار عام 2017، وقفزت التجارة البينية بين دول الخليج الى 133 مليار دولار عام 2017.وأكد الزياني أن دول مجلس التعاون تسعى إلى إرساء اقتصاد تكاملي مستدام ومتنوع، يرتكز على الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية، وتشجيع الاستثمار، ويعد قادراً على الاندماج في الاقتصاد العالمي، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.وشدّد على تطلع مجلس التعاون لرفع مستوى التعاون القائم، وتعزيز العلاقات مع الاتحاد الاوروبي، مبيناً أن القطاع الخاص، بما يتمتع به من كفاءة عالية، وإمكانات وطاقات خلاقة، ورغبة صادقة، قادر على أداء دوره الفاعل والبناء في النهوض بمستوى التعاون المشترك مع القطاع الخاص الأوروبي إلى آفاق أرحب وأشمل، وتعزيز العلاقات الوطيدة.الجابر بدوره، أوضح المدير العام لهيئة تشجيع الاستثمار المباشر الشيخ الدكتور مشعل الجابر الصباح، أن أهمية مثل هذه اللقاءات تتبلور في أنها توفر لجميع المهتمين تبادل المعلومات واستعراض الفرص الاستثمارية.وأوضح أن تلك المنتديات تلتقي مع مجالات عمل الهيئة، وتتفق مع سعيها وجهودها المتواصلة مع كل الوزارات والجهات المعنية.وأكد أن استضافة الكويت للمنتدى، تعزز من حرصها مثل بقية دول مجلس التعاون، على إبراز البعد الإيجابي والمستجدات القانونية والتنفيذية والإجرائية التي اتخذت، لتعزيز المناخ الاستثماري بالخليج، وإيضاح حوافز ومزايا وضمانات تكفل للمستثمر الأجنبي تيسير أعماله وضمان حقوقه وتسهيل إجراءاته.شكراً سمو الأميرتوجه الزياني بالشكر لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والحكومة وشعب الكويت، على الدعم والمساندة التي تقدمها الدولة لمسيرة العمل الخليجي المشترك، وما تبذله من جهود ملموسة لتعزيز الترابط والتكامل الخليجي، تحقيقاً لطموحات وآمال مواطني دول المجلس، وأمل أن تُكلل جهود قيادة الكويت الحكيمة بالتوفيق والنجاح لتحقيق مزيد من التطور والتقدم والازدهار.الصقر: أميركا ثاني أفضل شريك تجاريأكد نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة، محمد جاسم الصقر، عمق العلاقات السياسية والاقتصادية بين الكويت وواشنطن، إذ تحتل أميركا المركز الثاني كأفضل شريك تجاري للدولة.كلام الصقر أتى على هامش استقباله وفد معهد دول الخليج في واشنطن، برئاسة فرانك ويزنر والوفد المرافق له.وأعرب عن أمله في مشاركة الخبرات الأميركية في رؤية الكويت 2035، مشدداً على أهمية أن يلعب المعهد دوراً محورياً في خدمة القضايا العربية، ومعادلة تغير الصور النمطية عن المنطقة.من جانبه، شكر ويزنر «الغرفة» على حسن الاستقبال، وأشار الى دور المعهد والذي أنشئ سنة 2015، للتركيز على خلق جسور تواصل بين دول الخليج والولايات المتحدة، وحل الكثير من المعوقات التي تواجه دول الخليج.وأعرب عن أمله بأن يقوم المعهد بدوره في تطوير وتقوية العلاقات الاقتصادية، بين دول الخليج والولايات المتحدة، من خلال تشجيع القطاع الخاص لتنمية العلاقات التجارية، عبر تصدير باحثين ومحللين للتواصل الاجتماعي والسياسي، وحل القضايا السياسية وقضايا الأمن الاقتصادي والتجارة، عن طريق برامج البعثات الدراسية للشباب.
مشاركة :