معرض الرياض للكتاب: الكتاب الورقي لا يزال بخير

  • 3/20/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

خلال مدة تزيد عن عشر سنوات قدمت ما يزيد عن خمسمائة حلقة من برنامج إذاعي عنوانه: (ضيف ومكتبة)، في إذاعة جدة، وتوقف قبل سنوات قلائل، وأجريت فيه لقاءات مع ما يزيد عن خمسمائة شخصية علمية وأدبية وفكرية وسياسية حول مكتباتهم الخاصة، ليتحدثوا عن محتوياتها ومن خلال الحديث عن المكتبة ندلف إلى الشأن الثقافي والفكري العام في المملكة والعالم العربي بل والعالم كله.. وكنت أُردِّد سؤالاً مهماً على كل من قابلتهم -رحم الله من توفي منهم، وبارك في أعمار الأحياء- ويتمحور هذا السؤال حول مستقبل الكتاب الورقي، وهل هناك خطر عليه في ظل الانتشار الهائل للكتاب الإلكتروني، وسهولة الحصول عليه والوصول إليه، مقابل الكتاب الورقي الذي قد تنفد طبعاته أو يصعب نقله وتوصيله، أو تحتل مجموعاته حيزاً كبيراً في مكتبة المنزل، والمكتبات عموماً؟، وكان لافتاً للنظر أن معظم من قابلتهم ذهبوا إلى أن الكتاب الإلكتروني سوف يحل محل الكتاب الورقي بالكامل خلال بضع سنين، وانتهى برنامجي واستوفى أغراضه قبل بضع سنين، كما أسلفت، وإذ بي أرى الكتاب الورقي أكثر قوة وأوسع انتشاراً من أي وقت مضى رغم وجود الكتاب الإلكتروني القوي في الساحة العلمية والفكرية، وتأكد لي ذلك حين تجولت مرات ومرات خلال أيام في معرض الرياض الدولي للكتاب العام 2019م مستضافاً من قبل وزارة الإعلام مشكورة، وخلال أيام أربعة لم أفوّت زاوية أي دار نشر إلا توقفت عندها لأفتش عن أي كتاب تخصصي ينفعني أو ثقافي يمتعني أو علمي عام أسبح في فضاءاته وأخرج بصيد ثمين. وما أسهل تتبع الناشرين والعنوانات هذا العام، في نظام دقيق رائع يسوقك إلى حيث يوجد كل كتاب في صالة ضخمة بتحديد عجيب بالأحرف والأرقام، يجعلك تبتاع خمسين كتاباً تريدها في أقل من ساعة. وتفرح بالحسم الكبير الذي يصل إلى 70% في بعض الأحيان، ونفرح أكثر بوجود ناشرين عالميين إضافة إلى الناشرين السعوديين، إذ تجاوز عددهم 900 ناشر وتوكيل وجهة حكومية وأهلية، أما العنوانات فوصلت إلى نصف مليون عنوان، وبلغ عدد الدول المشاركة ثلاثين دولة، وكانت مملكة البحرين ضيف الشرف للدورة الحالية، وشارك أكثر من عشر جهات حكومية بحرينية في معرض الكتب وثلاث عشرة فعالية، ضمن الفعاليات العلمية والثقافية والفنية التي شهدها المعرض هذا العام وتجاوزت مائتي فعالية، قُيِّض لي أن أحضر بعضها مما يوافق اهتماماتي، وأعجبني كثيراً أن المعرض زخر بفعاليات الأطفال المسلية والمفيدة، واصطحبت أحفادي إليها وسُرُّوا بها كثيراً. وسرَّني تسمية بوابات المعرض لهذا العام بأسماء عدد من مشروعات رؤية المملكة 2030 مثل نيوم والقدية ومشروع البحر الأحمر، وصرَّحتُ بذلك السرور لأخي سعادة الأستاذ عبدالله الكناني المشرف العام على وكالة وزارة الإعلام للشؤون الثقافية مدير معرض الرياض الدولي للكتاب حين لقيته في حفل توزيع جائزة صالح العزاز التي كانت حدثاً مهماً للغاية هذا العام، وشملت فروعاً كثيرة مثل: مكافحة عش العنكبوت (أي مرض السرطان) والتصوير الفوتوغرافي والبيئة والآثار وغيرها، وعكست كلمة اتحاد الناشرين العرب مدى إعجابهم بدقة تنظيم هذا المعرض الكبير المتميز المحقق لكل المعايير العالمية لمعارض الكتاب في الدول المتقدمة.. وما أجمل ما رأيته خلال أيام زياراتي المتكررة للمعرض من تجول أبناء جيل الشباب في أروقة المعرض بالعشرات، وظهر لي أنهم في معظمهم من طلاب العلم كما يدل عليه سنّهم، وبعضهم أكبر سناً وقد يكونون من عامة المثقفين أو من الأساتذة الجامعيين والمعلمين. وكثير منهم يسحب وراءه حقيبة ذات عَجَل يضع فيها أعداداً كبيرة من الكتب التي أشتراها، وهذا الإقبال الكبير على الكتاب الورقي في هذا المعرض الكبير دليل على أن الكتاب الورقي لا يزال بخير كما أسلفت في هذه المقالة.

مشاركة :