الشارقة: «الخليج» انطلقت أمس في فندق الهيلتون في الشارقة، فعاليات الملتقى الفكري المصاحب للأيام، تحت شعار «الإخراج والسينوغرافيا: حدود العلاقة وتحدياتها»، وأدار جلسة اليوم الأول المخرج فراس الريموني (الأردن)، الذي استهل حديثه، مثمناً انتقاء هذا الموضوع للملتقى الفكري، مشيراً إلى أن الحاجة إلى الحوار حول هذه الإشكالية باتت ملحة في أيامنا هذه، أكثر من أي وقت مضى. وفي أولى المداخلات جاءت ورقة الباحث المغربي يونس لوليدي، تحت عنوان «العلاقة بين المخرج والسينوغرافيّ في المسرح المعاصر: من الصراع الوجوديّ إلى التواطؤ الإبداعيّ»، وقال: «إن المسرح برغم طابعه الجماعي، إلا أنه شهد على مدار تاريخه صراعات نتيجة محاولة سيطرة، أو نتيجة محاولة إثبات وجود؛ فوجدنا مرحلة سيطرة المؤلف، ومرحلة سيطرة الممثل النجم، ومرحلة سيطرة المخرج، ومرحلة إثبات الذات بالنسبة إلى الدراماتورج، ثم مرحلة السينوغرافيّ القادر على التحكم في الفضاء والإضاءة والملابس، واختزال عددٍ من التخصصات التي كانت متفرقةً في تخصّصٍ واحد». وبعد أن قدم فكرة موسعة عن التطورات المختلفة التي عرفتها المهن المرتبطة بصناعة العرض المسرحي، تحدث لوليدي عن المفاهيم الجديدة التي أسبغت على مصطلحات مثل «المخرج» و«السينوغرافي»، مشدداً على صعوبة إيجاد وصفة تامة وجاهزة للتعامل الفنيّ بين المخرج والسينوغرافي، لكن على الأقل، هناك عنصران أساسيان ينبغي توافرهما في كلّ علاقة من هذا النوع، إنهما: الثقة والاحترام المتبادل. وتطرقت الباحثة المسرحية المصرية عايدة علام، في ورقتها «علاقة متوترة.. أم تفاعل مثمر»، إلى جملة من الإشكاليات التقنية التي تنهض في العلاقة بين صنّاع العرض المسرحي، مثل: إشكالية التباين بين طبيعة عمل الفنان التشكيليّ ومصمم السينوغرافيا، في ضوء العلاقة مع المخرج، وثمة إشكالية العلاقة بين صياغة المنظر المسرحي «الاستاتيكي»، والعرض المسرحي الدينامي الذي يقوده المخرج، وهناك إشكالية العلاقة بين مسؤولية صياغة الصورة المرئية التي يصممها مصمم السينوغرافيا، والعرض المسرحيّ كصورةٍ مدعومة بالكلمة يصنعها المخرج. وذكرت علام أن المخرج ومصمم السينوغرافيا في المسرح المعاصر واجها تحديات عدة، منها: العرض المسرحي والتطورات التكنولوجية، واختزال الزمن الكرونولوجي، وتأثيره في الزمن الدراميّ والزمن السيكولوجي، وعروض القاعات والفضاءات المفتوحة. أما الباحث والمخرج العراقي فاضل الجاف فاستلهم في ورقته «العلاقة الإبداعية بين المخرج والسينوغراف» كلمة المصمم السينوغرافي الأسترالي بيتر كوك: «إن السينوغرافيا هي المعجم البصريّ لصناعة المسرح»، وأشار الجاف إلى أنه بظهور مهنة المخرج، كمهنةٍ احترافية إبداعيةٍ مستقلة؛ تبلورت أهمية السينوغرافيا، وبرز دور المصمّم السينوغرافي يوماً بعد يوم في المسرح الحديث». وتحدث الجاف عن جوزيف سفابودا الذي صمّم وأخرج أكثر من 700 عمل مسرحيّ، واخترع المصباح السحريّ على المسرح، وهو مؤسس الستائر المتعددة أو المضاعفة، إلى جانب عدد من التقنيات البصرية والسمعية، وقال الجاف:«إن سفابودا نجح في جعل الضوء وسيلةً ماديّةً ملموسةً، له قصدٍ نحتيّ تجسيديّ، وذلك باستخدام العاكسات، لينتج بذلك مشهداً ممتلئاً بالحيوية». وخلص الجاف إلى أن السينوغراف في مرحلة مسرح ما بعد الحداثة، احتل دوراً لا يقل أهمية عن دور المخرج والمؤلف، فأغلب مخرجي ما بعد الحداثة، بدأوا كمصممين سينوغرافيين، ما يدل على أن تصوراتهم ورؤاهم الإبداعية كمخرجين، لا يمكن أن تنفصل عن دورهم كمصممي سينوغرافيا. الورقة الأخيرة في الجلسة، قدمها الباحث المصري خالد رسلان، وجاءت تحت عنوان «آليات تشكيل الخطاب بين المخرج والسينوغراف: جدلية العلاقة بين الجماليّ والمعنى في المسرح المعاصر»، وطرح مجموعة من الأسئلة حول الموضوع، مثل: ما هي الآليات الحاكمة لتطور العلاقة بين الإخراج والسينوغرافيا، والتداخل بينهما؟ وما هي أهم الخطابات المشكلة لإزاحة اللغة لصالح حضور اللغات المسرحية في المسرح المعاصر؟ وما حدود دور المعرفة التقنية في صناعة العرض المسرحيّ المعاصر وتشكيل خطابه؟.
مشاركة :