أكدت ثلاثة مصادر اطلعت على فحوى تسجيلات قمرة القيادة في طائرة شركة «ليون إير» الإندونيسية المنكوبة من طراز «بوينغ 737 ماكس» أن الطيارين تصفحا دليل القيادة وهما يكافحان لفهم سبب اتجاه الطائرة للهبوط، لكن لم يسعفهما الوقت قبل اصطدام الطائرة بالمياه. وقد اكتسب التحقيق في سقوط الطائرة ومقتل 189 شخصا كانوا على متنها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أهمية جديدة في ضوء قرار إدارة الطيران الاتحادية الأميركية وهيئات تنظيمية أخرى وقف تشغيل هذا الطراز الأسبوع الماضي بعد وقوع حادث ثان في إثيوبيا. ويدرس المحققون في حادث الطائرة الإندونيسية عدة عوامل، من بينها كيف أصدر جهاز كومبيوتر أمرا للطائرة بالنزول استجابة لبيانات من جهاز معيب، وما إذا كان الطيارون قد تلقوا تدريبا كافيا على الاستجابة السليمة للطوارئ. وهذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها تفاصيل عن فحوى التسجيلات الصوتية من طائرة «ليون إير». وطلبت المصادر الثلاثة عدم الكشف عن هوياتها. وأفاد متحدث باسم الشركة أن كل البيانات والمعلومات أتيحت للمحققين وامتنع عن الإدلاء بتعليقات أخرى. وقال تقرير مبدئي صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) إن قائد الطائرة كان يتولى أجهزة القيادة عندما أقلعت الطائرة الجديدة من جاكرتا في الرحلة 610. وكان الضابط الأول يتولى الاتصالات اللاسلكية. وبعد دقيقتين من الإقلاع، أبلغ الضابط الأول برج المراقبة عن وجود «مشكلة في التحكم بالطائرة»، وأوضح أن الطيارين ينويان الحفاظ على ارتفاع خمسة آلاف قدم. ولم يحدد طبيعة المشكلة، لكن أشار أحد المصادر إلى أن سرعة الطيران ذكرت في التسجيلات الصوتية لما جرى في قمرة القيادة، وقال مصدر ثان إن مشكلة طرأت على أحد المؤشرات أمام قائد الطائرة ولم تظهر أمام الضابط الأول. وأكد المصدر الأول أن قائد الطائرة طلب من الضابط الأول فحص دليل القيادة الذي يتضمن خطوات قوائم التدقيق في الحالات غير العادية. وفي الدقائق التسع التالية، حذرت أجهزة الطائرة الطيارين من أن تدفق الهواء ضعيف على جناحي الطائرة لدرجة لا تتيح للطائرة مواصلة الطيران، واستجابة لذلك انخفضت الطائرة بمقدمتها. وبذل الاثنان جهدا لرفع الطائرة، لكن الكومبيوتر استمر في دفع مقدمة الطائرة للأسفل باستخدام وحدات التثبيت في ذيلها. وصرح المصدر الثالث: «يبدو أنهما لم يكونا على علم بأن وحدات التثبيت كانت تتحرك للأسفل. لم يفكرا سوى في سرعة الطيران ومستوى الارتفاع. هذا كل ما تحدثا عنه». وأوضحت «بوينغ» أن ثمة خطوات موثقة لمعالجة هذا الوضع. وجاء في التقرير المبدئي أن طاقما مختلفا على الطائرة نفسها واجه في الليلة السابقة المشكلة ذاتها، لكنه تمكن من حلها بعد تصفح ثلاثا من قوائم التدقيق. وذكرت المصادر الثلاثة أن طاقم الرحلة 610 احتفظ بهدوئه معظم فترة الطيران. وقرب النهاية طلب قائد الرحلة من الضابط الأول تولي القيادة بينما يفحص هو الدليل بحثا عن حل. وجاء في التقرير المبدئي أنه قبل دقيقة واحدة من اختفاء الطائرة من على شاشات الرادار، طلب قائدها من برج المراقبة إخلاء المسار دون ارتفاع ثلاثة آلاف قدم وطلب الطيران على ارتفاع خمسة آلاف قدم وهو ما تمت الموافقة عليه. وقال مصدران إن الضابط الأول (41 عاما) لم يستطع التحكم في الطائرة بينما كان قائدها (31 عاما) يحاول دون جدوى العثور على حل في الدليل. ويوم الثلاثاء، قالت الهيئة الفرنسية للتحقيق في حوادث الطيران إن مسجل بيانات رحلة الطائرة الإثيوبية التي أسفر سقوطها عن مصرع 157 شخصا أظهر «أوجه تشابه واضحة» مع كارثة الطائرة الإندونيسية.
مشاركة :