لليوم الثاني على التوالي، تجمع مئات الأشخاص من مختلف الأديان، تحت سماء رمادية في مدينة كرايست تشيرش بنيوزيلندا، لوداع الضحايا، بعد أقل من أسبوع على قيام الأسترالي المتطرف بيرنتون تارانت بقتل 50 شخصاً في مسجدين بالمدينة. وبكى طلبة واكبوا تشييع زملاء لهم، وانتشرت في أنحاء المدينة باقات الزهور والرسائل التي تعبّر عن الوحدة. وكانت الشرطة أعلنت أنه تم رسمياً التعرف على جميع القتلى، وعددهم 50، وجرى إبلاغ ذويهم، حيث أفاد مايك بوش، قائد الشرطة، بأن المحققين يعملون جاهدين على إتاحة المسجدين للاستخدام قبل صلاة الجمعة اليوم. وفي أول حديث لها، لم تستطع أخت الإرهابي تارانت أن تشاهد مقطع الفيديو الذي بثه مباشرة أثناء ارتكابه المجزرة قبل أيام، فأثناء إجراء مقابلة صحافية معها على إحدى القنوات التلفزيونية، حاول المذيع أن يجعلها تشاهد مقطع الفيديو، إلا أنها لم تستطع، وقاطعته، وهي تبكي، قائلة: «أعتقد لا أستطيع أن أشاهد أكثر من ذلك.. هذا مؤلم». وبسؤالها عما تتوقع أن يحدث لأخيها، قالت: «أعرف ما يستحقه.. هو يستحق حكم الإعدام لما فعله. يؤلمني أن أقول ذلك لأنه من العائلة، ولكن لشخص قتل كل هؤلاء الأشخاص فمن العدل أن يستحق النهاية نفسها». الحبس والغرامة المالية وفي وقت سابق، قالت رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن: «تاريخنا تغير إلى الأبد في 15 مارس. ستكون لدينا قوانين جديدة. باسم جميع النيوزيلنديين نعلن أننا بدأنا العمل من أجل تعزيز قوانين الأسلحة وجعل البلاد أكثر أمناً». وأضافت: «والآن، بعد مرور 6 أيام، نعلن حظرنا حيازة جميع الأسلحة الآلية ونصف الآلية من الطراز العسكري، والبنادق الهجومية، مثل M16 وM4 في نيوزيلندا». وخلال مؤتمر صحافي في ويلنغتون، ذكرت أردرن أيضا أنه سيتم حظر الأجزاء التي تستخدم لتحويل الأسلحة إلى نصف آلية ذات طراز عسكري، إلى جانب خزائن الطلقات العالية السعة، مردفة أنه سيتم إعداد خطة لإعادة شراء الأسلحة النارية تشمل «قواعد رخصة أكثر فعالية ومتطلبات تخزين وعقوبات لعدم الانصياع للقيود على الأسلحة». ودخلت قوانين السلاح الجديدة حيز التنفيذ، أمس، بإقرار الحاكم العام لنيوزيلندا، وفي هذا الإطار يتوجب على مالكي الأسلحة إبلاغ الشرطة ببيانات أسلحتهم، ومن لا يتقدمون ويسلمون أسلحتهم خلال المهلة المحددة (قبل 11 أبريل) قد يتعرضون لعقوبة الحبس حتى 3 سنوات أو غرامة مالية تصل إلى 4 آلاف دولار. وسوف تستثني نيوزيلندا – مثل أستراليا – المزارعين لدى تطبيق الحظر، بما في ذلك الاستخدام في مكافحة الحشرات. وأعرب الصياديون والمزارعون عن دعمهم لتغيير القوانين. ويتردد أن خطة إعادة شراء الأسلحة النارية ستكلف الحكومة نحو 100 إلى 200 مليون دولار نيوزيلندي (70 إلى 140 مليون دولار). بدوره، قال وزير الشرطة ستيوارت ناش إنّه من المنتظر بدء التنفيذ الإلزامي لقانون حظر الأسلحة في البلاد بحلول 11 أبريل المقبل، مشددا على أن ذلك «سيجعل نيوزيلندا أكثر أماناً». وأضاف أن الشرطة تعمل حاليا على «منع تداول الأسلحة في البلاد» كإجراء أولي قبل التنفيذ الإلزامي للقانون. «فيسبوك» توضّح إلى ذلك، بررت شركة فيسبوك عدم إيقافها البث المباشرة لمجزرة المسجدين بعدم تلقيها بلاغات أثناء البث، مردفة أنها تتصدى لأكثر من 200 منظمة على مستوى العالم تؤمن بتميّز العرق الأبيض، وأنها تعمل على إزالة ما تنشره هذه المنظمات من محتوى على منصتها من خلال تكنولوجيا الرصد الآلي. وأضافت الشركة أن أنظمتها للرصد الآلي لم ترصد فيديو مهاجم مسجد نيوزيلندا لحظة بثه، كما لم تصل إليها تبليغات من قبل أي مستخدم عن الفيديو أثناء البث المباشر، موضحة أنه بعد انتهاء البث، بلغ مجموع مشاهدات الفيديو نحو 4 آلاف مشاهدة، قبل إزالته من الموقع. (أ ف ب، رويترز) في كيفية الرد على جرائم إطلاق النار الجماعي«واشنطن بوست»: نيوزيلندا تقدم درساً لأميركا استهلت صحيفة واشنطن بوست افتتاحيتها، أمس، بعنوان «نيوزيلندا تعطي درسا لأميركا في كيفية الرد على جرائم إطلاق النار الجماعي»، مشيرة إلى ما أعلنته رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن من أنها كانت قد أمرت بإجراء تحقيق لتحديد ما إذا كان في إمكان الأجهزة الحكومية منع المأساة، وأن «الغرض من هذا التحقيق هو دراسة ما عرفته كل الأجهزة ذات الصلة – أو كان يمكن أو كان ينبغي لها أن تعرفه – عن هذا الشخص وأنشطته، بما في ذلك وصوله إلى الأسلحة». وألمحت الصحيفة إلى أن تساؤلات أرديرن كانت بسيطة وواضحة «كيف حدث هذا؟» وما الذي كان يمكن فعله بطريقة مختلفة؟ وأردفت أنه على الرغم من ذلك تظل مثل هذه الأسئلة لافتة للنظر في التباين الذي تظهره بين كيفية استجابة نيوزيلندا والولايات المتحدة لجرائم إطلاق النار الجماعي، فبدلا من طرح الأسئلة أو العزم على اتخاذ إجراء – كما يفعل السياسيون في نيوزيلندا – سلّم الأميركيون بأنه لا مفر من قتل أعداد كبيرة من الناس كل عام بأيدي رجال مجانين يحملون السلاح. ورغم ندرة مثل هذه الجرائم في نيوزيلندا – ككل الجرائم المتعلقة بالأسلحة – فإن السهولة التي تمكّن بها قاتل كرايست تشيرتش من الوصول إلى ترسانة منها، شملت أسلحة شبه أتوماتيكية، كان كافيا لإقناع أرديرن بالحاجة لقيود أشد على حيازة الأسلحة، فأعلنت نيتها تشديد قوانين البلاد بعد ساعات فقط من فجيعة الجمعة. وقارنت الصحيفة بين موقفَي نيوزيلندا وأميركا من مسألة حيازة الأسلحة، وكيف أن المعارضة التي قد يواجهها البرلمان النيوزيلندي بموافقته على حظرها أقل قوة بكثير مما في الولايات المتحدة، لكنها أردفت بأنه من المشجع – بل من الملهم – رؤية السياسيين في نيوزيلندا الذين عارضوا مراقبة الأسلحة يغيرون آراءهم.
مشاركة :