لندن: «الشرق الأوسط» لا شك في أن نجاح أي مدير فني لكرة القدم في عالم التدريب لا يعتمد على تاريخ هذا المدرب أو مسيرته قبل أن يمارس هذه الوظيفة الصعبة. ولعل إشادة الهولندي لويس فان غال مدرب مانشستر يونايتد الحالي بالبرتغالي جوزيه مورينهو مدرب تشيلسي في العدد الأخير لمجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية خير دليل على ذلك. فان غال أحد أساتذة مورينهو في عالم التدريب أكد أن المدرب البرتغالي - الذي بدأ مسيرته الكروية لاعبا مغمورا - لديه رؤية استراتيجية متفردة ويسعى دائما للقمة ويبحث عن الأفضل. وأكد فان غال على أن مورينهو يعتبر الآن واحدا من أفضل المدربين في عالم المستديرة. وإذا كان اللاعب المغمور يمكن أن يصبح من أنجح المدربين، فإن الواقع أيضا يقول إنه ليس كل نجم يمكن أن يصبح مدربا ناجحا.. وهذه بعض الأمثلة. هناك نجوم مهما مر عليهم الزمن سيظلون يحتفظون بمكانة خاصة في قلوب محبيهم بلمساتهم الساحرة للكرة أو بأهدافهم الحاسمة التي أشعلت الحماس في المدرجات، فيما ظهر آخرون كجنود مجهولين لم تعرف قيمتهم إلا بعد رحيلهم عن البساط الأخضر. قرر بعض هؤلاء الاستمرار في علاقتهم بعالم الكرة عن طريق اتخاذ خطوة أكبر وهي الدخول عبر بوابة عالم التدريب ولكن فضل عام 2014 ألا يمر عليهم دون أن تطيح مقصلته برؤوس بعضهم أو يمحو ذكرياتهم الجميلة مع الكرة وهم لاعبون. يأتي على رأس هذه المجموعة الفرنسي زين الدين زيدان الذي قرر 2014 أن يطعنه دون قتله ليتركه يتألم بعض الوقت، فبعد أن ابتسم له وهو لا يزال مساعدا لمدرب ريال مدريد الإسباني كارلو أنشيلوتي بالفوز بلقب دوري الأبطال الأوروبي العاشر وكأس الملك، لم يجعله يسعد في تجربته الأولى بالتدريب منفردا مع كاستيا، رديف النادي الملكي. جاءت طعنة زيدان من حيث لا يحتسب، حينما تقدمت أكاديمية إسبانية تدعى «سينافي» لإعداد المدربين ببلاغ ضده بحجة مزاولته المهنة دون الرخصة المطلوبة لتصدر لجنة المسابقات قرارا بإيقافه. وتحرك الاتحاد الفرنسي وريال مدريد للتأكيد على أن الشهادات التي بحوزة زيدان والتي حصل عليها من بلاده تتيح له مزاولة المهنة ليتم تجميد الإيقاف وبعدها صدر حكم قضائي بإلغائه. ويحتل كاستيا مع ريال مدريد في الوقت الحالي المركز الخامس في المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثالثة الإسباني حيث قاده زيدان في 18 مباراة فاز بثمان منها وخسر في 6 وتعادل في 4. من ناحيته فإن جينارو غاتوزو أسطورة إيه سي ميلان الإيطالي، المقاتل العصبي العنيف ورمز الروح القتالية أو «الغرينتا» الإيطالية لم يقدم في 2014 نتائج تذكر مثلما حدث في العام الماضي الذي بدأ فيه مسيرته التدريبية مع سيون السويسري. وتولى غاتوزو في يونيو (حزيران) 2014 تدريب أوفي كريت اليوناني واستقال بعد مرور 4 أشهر فقط، تاركا الفريق في المركز التاسع بعد أن فاز بأربعة مباريات فقط وخسر في 3. المثير في الأمر أن استقالة غاتوزو التي بررها بأنه لم يجد الدعم الكافي من مسؤولي النادي للقيام بالأشياء كما يرغب كانت بعد تصريح شهير له انتقد فيه مدرب المنتخب الإيطالي السابق شيزاري برانديلي معتبرا أن المنتخب الإيطالي لعب تحت قيادته في المونديال «مثل الماعز». ومن جانب آخر، ورغم كل ما قدمه الهولندي سيدورف لكرة القدم كلاعب فإنه لم يسلم من مقصلة 2014 بمرسوم من سلفيو برلسكوني رئيس إيه سي ميلان الإيطالي الذي احترف فيه قرابة عقد كامل من 2002 وحتى 2012.اللاعب السابق متعدد المواهب القادر على اللعب في كل مراكز وسط الملعب تقريبا كان من ضمن الجنود الأوفياء طوال فترة طويلة من الزمن، لذا لم يرفض تلبية النداء في مطلع 2014 ليقود الفريق خلفا للمقال ماسيمليانو أليغري. تعامل سيدورف مع تجربته التي استمرت 4 شهور من منطلق أنه قائد لا يحب تلقي التعليمات في اختصاصه ولكن برلسكوني كان له رأي آخر مما ساهم في خلق جو من التوتر بين الطرفين، فرغم تحسن أداء الفريق بصورة نوعية تحت قيادته وإنهائه الموسم الماضي في المركز الثامن، فإن رئيس النادي قرر الإطاحة به من منصبه. وفي تجربة مشابهة، لم يسلم الفرنسي كلود مكاليلي، الذي كان ينظر له في جانب كبير من مسيرته على أنه «الجندي المجهول» ووتد الارتكاز، خاصة في حقبته مع ريال مدريد بين عامي 2000 و2003. من قسوة 2014. وعمل مكاليلي قبل أن يخوض تجربة التدريب منفردا مساعدا للإيطالي كارلو أنشيلوتي والفرنسي لوران بلان في تدريب نادي باريس سان جيرمان خلال المواسم الثلاثة الماضية ليعمل على تجهيز نفسه للأمر. واصطدم النجم الأسمر السابق بالواقع وقسوة 2014. حيث فضل بدء تجربته التدريبية مع فريق صغير على أن يتولى قيادة ناد بحجم ليون، لذا وقع اختياره على باستيا الفرنسي. ورغم السنوات التي قضاها مكاليلي للتخطيط في بدء مسيرته التدريبية، يبدو أن قصور طموحاته كان سببا في توجيه أول ضربة له في هذا العالم، حيث كان صرح بعد الإعلان عن تعاقده لتدريب باستيا أن هدفه هو البقاء بالنادي في دوري الدرجة الأولى، ولكنه أقيل في نوفمبر (تشرين الثاني) بسبب سوء النتائج واحتلاله حينها للمركز الـ19. ولم يخن عام 2014 الإيطالي فيليبو إنزاغي في رحلته التدريبية التي بدأت في نفس العام، حيث لم يتعرض للإقالة، ولكنه وجه له سهامه التي تحمل نفس الطابع القاتل لأهدافه التي يتذكرها الجميع. هذه السهام تمثلت في تراجع احترام محبيه، حيث يرى الكثيرون منهم بل وحتى الصحافة الإيطالية أن «بيبو» لم ينجح في التعامل مع نزوات برلسكوني ومتطلباته وتدخله في الشؤون الفنية للفريق وأصبح بمثابة «دمية» بين يديه. ولم يختلف وضع ميلان كثيرا هذا الموسم تحت قيادة إنزاغي عن المواسم الأخيرة المخيبة للآمال حيث يحتل الفريق حاليا المركز العاشر بـ34 نقطة وبفارق 24 نقطة عن يوفنتوس المتصدر، حيث فاز في 10 مباريات وتعادل في مثلها وخسر 7
مشاركة :