«معلم الظل».. شرط المدارس الخاصة لقبول أصحاب الهمم

  • 3/24/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إيمان سرور ترغم بعض المدارس الخاصة، أولياء أمور الطلبة من أصحاب الهمم على ضرورة توفير معلمي ظل لأبنائهم، في المدارس الخاصة، يهتمون بمراقبتهم، ومتابعة الطالب عن قرب داخل الصف، وخلال الفسحة المدرسية، وفي أحيان كثيرة، قد يمتد العمل إلى خارج أسوار المدرسة، ما يؤدي إلى رفع الراتب الشهري لمعلم الظل، الذي يتراوح ما بين 6 إلى 10 آلاف درهم، ويزيد من الأعباء المالية الإضافية المفروضة على ولي الأمر، إضافة إلى الرسوم الدراسية، التي يدفعها للمدرسة سنوياً. وتبادر بعض المدارس إلى تعيين معلمين لمرافقة الأبناء من أصحاب الهمم؛ من أجل إيجاد خطط علاجية في الجانبين (السلوكي والتعليمي)؛ للارتقاء بتحصيل الطالب؛ ولكنها تزيد من رسومها الدراسية، التي لا تستطيع عليها بعض الأسر من ذوي الدخل المحدود، التي تضطر مرغمة إلى قبول ذلك؛ خوفاً من رفض المدرسة الخاصة قبول الابن أو الابنة من أصحاب الهمم. من جانبهم، طالب أولياء أمور بضرورة وجود رقابة مشددة على المدارس الخاصة، التي تطلب من أولياء الأمور تعيين معلمة داعمة لأبنائهم، الذين لديهم سلوكات تحتاج إلى تقويم، واعتبروا أن وجودها لا بد من أن يكون داعماً للعملية التعليمية، وليست السلوكية أو لمتابعة أصحاب الهمم، وأن تكون المدارس مجهزة لاستيعاب هذه الفئة، لافتين إلى أن رواتب معلمي الظل شهدت ارتفاعاً خلال العامين الماضيين. من خلال التحقيق الآتي، نتعرف إلى معاناة أولياء الأمور في الحصول على المعلم المؤهل، ومعاناتهم ارتفاع الرسوم، التي تفرضها عليهم المدارس؛ عند تعيينها ل«معلم ظل»؛ لمرافقة أطفالهم من أصحاب الهمم داخل المدرسة وخارج أسوارها، كما نتطرق إلى كيفية استعانة المدارس الخاصة ب«معلمي الظل»، وقيامها بفرض رسوم إضافية على ولي الأمر؛ لتغطية راتب «معلم الظل»، في ظل ندرة الحصول على المعلمين المتخصصين في هذه المهنة بالذات، إضافة إلى المميزات، التي ينبغي أن تتوفر فيهم. في البداية، أكدت سهام حبيب ولية أمر طالبة من أصحاب الهمم «فرط حركة»، أن راتب معلم الظل يشكل عبئاً مالياً إضافياً يتحمله أولياء الأمور، إلى جانب الرسوم الدراسية، التي يدفعها ولي الأمر لابنه أو ابنته من أصحاب الهمم في المدارس الخاصة، التي تشترط ضرورة تعيين «معلم ظل»؛ لقبول هذه الفئة، مشيرة إلى أن بعض الآباء يحتاجون إلى «معلم ظل» إضافي في المنزل؛ لحل الواجبات، والاهتمام بالطفل؛ إذ إن هناك معلمين لا يقبلون مواصلة العمل في الفترة بعد الدوام المدرسي. وتضيف زينب عبد الرحمن والدة طفلة عمرها 7 سنوات تعاني «مرض طيف التوحد»، إن كُلفة «معلم الظل» باهظة؛ لكنها اضطرت لتعيين معلمة لابنتها، بعد أن فقدت الأمل- رغم محاولاتها المتكررة- في إقناع ابنتها بالذهاب إلى مدرستها، بعد أن تم دمجها مع أقرانها من الطلبة العاديين، خاصة وأن مرضها من النوع المتوسط، وأنها كانت تعاني شكوى المعلمات من تصرفاتها؛ ولكن بعد أن أحضرت لها «معلمة ظل»؛ لمتابعتها والاهتمام بها داخل الصف وفي الفسحة، لاحظت تغير سلوكها، ورغبتها في الذهاب إلى مدرستها، وعندما سألت عن سبب هذا التغيير، الذي طرأ لها عرفت بأن طفل التوحد يحتاج إلى معاملة خاصة، وإلى أساليب وأدوات علمية ومنهاج خاص به؛ لذلك فهي كانت تشعر بالملل، ولا أحد يتابعها في المنزل، وتقول: لم أكن أعلم ما البرامج التي يجب أن تقدم لابنتي؛ حيث كانت «معلمة الظل» تتابع مع بقية المعلمات البرامج والأنشطة، وتبلغني بها يوميّاً، وأصبحت همزة وصل بيني وبين المدرسة، وأدركت مدى أهمية «معلم الظل» للطالب من أصحاب الهمم. اهتمام بالمظهر بدورها، أكدت إحدى مديرات المدارس الخاصة في أبوظبي، أنها تخيّر أولياء الأمور بين نقل أبنائهم من المدرسة أو تعيين «معلمة الظل»؛ لمتابعة الطالب المراد تعديل سلوكه عن كثب؛ حيث تعين المدرسة المعلمات؛ لتغير سلوكات الطلبة، الذين يحتاجون إلى ذلك، مشيرة إلى أن بعض الآباء يفضلون إحضار «معلم ظل» من طرفه، حتى وإن كانت حالة ابنه لا تستدعي ذلك، وقد يأخذها بعضهم من «باب المظهرية». وعن زيادة أسعار هذه الخدمة، أفادت (مديرة المدرسة)، بأن الإدارة تعامل المعلمة براتب خاص؛ كونها تلازم طالباً واحداً فقط طوال الشهر، وتهتم بدروسه وواجباته، وتقدم له العديد من الخدمات، وأن راتبها الشهري لا يتجاوز 4 آلاف درهم؛ حيث تحدد المدرسة فترة ملازمة «معلمة الظل» للطالب، ومن ثم يتم الاستغناء عنها؛ عندما يستجيب الطالب لخطة تعديل السلوك، ويصبح بإمكانه الاعتماد على ذاته. شراكة متكاملة وقالت تقوى ناصر (مديرة مدرسة خاصة)،: «إن المدرسة تسلط الضوء بشكل كبير على رعاية الطفل، وتعمل يداً بيد مع أسرته؛ لخلق شراكة متكاملة بين البيت والمدرسة، التي من شأنها أن تصب في مصلحة الطالب»، مشيرة إلى أن المدرسة تحرص على طلب فحص تعليمي ونفسي للطلبة، الذين تظهر عليهم سلوكات مختلفة عن أقرانهم، إضافة إلى تقديم دعم لهؤلاء الطلاب، والمدرسة لا تطلب توفير «معلمة الظل» إلا في حال أقر الفحص الخاص بالطالب أو الطالبة الحاجة لها. ندرة وقالت عفاف راضي غانم، (مستشارة تطوير في مدرسة خاصة)، إن المدارس الخاصة والحكومية تعاني قلة عدد «معلمي الظل»، كما أن معظمهم ليس مؤهلاً للانخراط في هذه المهنة الإنسانية، وبعضهم خبرته التربوية قليلة، ومن الضرورة بمكان أن يكون «معلم الظل» حاصلاً على مؤهل جامعي؛ ليستطيع التعامل مع الحالات السيكولوجية للطالب، مشيرة إلى أنه ليس كل حالات أصحاب الهمم تحتاج إلى «معلم ظل». هموم وشكت إحدى «معلمات الظل» في مدرسة خاصة بأبوظبي، من هموم كثيرة تواجه «معلمي الظل» في المدارس الخاصة؛ منها الراتب المتواضع الذي تحدده إدارات المدارس الخاصة لهم، وطبيعة العمل المرهق بحكم الحالة، التي يعانيها الأطفال من ذوي الهمم، الذين يعانون نشاطاً حركياً عالياً، كما أن بعضاً من معلمي المواد يستغلون المعلم، ويحملونه مهام أخرى تجاه الطالب، الذي يقوم بمرافقته داخل الصف، وهذا يزيد العبء عليه، إضافة إلى ضغط أولياء الأمور ومعاملتهم له والضغط المستمر عليه، وكل هذه الأمور تؤدي إلى نفورهم من وظيفتهم. مساندة وقال رامي الأشقر (معلم ظل): «إن هذه المهمة تتطلب أن يعمل المعلم على مساعدة ومساندة الطفل من أصحاب الهمم، وأن يكون همزة الوصل بين الطالب ومعلم الفصل والأسرة؛ إذ يعد أخصائي إعادة تأهيل؛ لمساعدة الطفل على الاندماج في البيئة التعليمية، وصقله من الناحية الاجتماعية والأكاديمية، بطريقة علمية صحيحة ومنظمة، ولابد أن يكون هذا المعلم ملازماً له طيلة الوقت؛ ليساعده على زيادة تحصيله التعليمي، وإكسابه المهارات الأخرى؛ لذلك يتم اختياره وفقاً لعدد من المواصفات، التي تؤهله لشغل هذه المهمة الإنسانية، التي تعد أكثر من وظيفة مادية. زيادة رسوم توفيق صبري، (مسؤول القبول والتسجيل) في مدرسة خاصة، قال: إنه نظراً لندرة هذا النوع من»معلمي الظل«، فإن بعضهم يتقاضون رواتب كبيرة من المدرسة، التي قامت بتعيينهم، مقارنة بباقي المعلمين؛ حيث يتجاوز الراتب الشهري لبعضهم 6 آلاف درهم، والبعض الآخر 10 آلاف درهم في الشهر الواحد، ويختلف الراتب حسب مؤهلات المعلم العلمية، ومدى تأهيله لرعاية طفل من أصحاب الهمم، وهذا يجعل المدرسة تطالب بزيادة رسومها الدراسية لمثل هؤلاء الطلبة مما يثقل كاهل أولياء أمورهم. خارج الأسوار الدكتورة هدى ربيع، (اختصاصية تربية خاصة) قالت: إن»معلم الظل«يعنى بطلبة أصحاب الهمم، ويتكاتف دوره مع معلمي التربية الخاصة، ويشاركهم في تنفيذ خطة التقوية لنقاط الضعف، وعليه أن يساعد الطفل على الاندماج مع زملائه واللعب الجماعي، وقد يستمر دور»معلم الظل«خارج المدرسة إلى منزل الطفل لأخذ تكثيف فردي، ولإنجاز الأهداف، كما يقوم بمتابعة المستوى التحصيلي الدراسي للطالب، واقتراح البرامج العلاجية المناسبة له، بالتعاون مع مدرسي المواد وإدارة المدرسة وولي الأمر. دورات تأهيلية وأكدت أماني عطا، (أخصائية اجتماعية) في مدرسة خاصة، ضرورة توفير معلمين مدربين في كل المدارس، التي تقبل دمج هذه الفئة من الطلبة، وإخضاعهم لدورات تأهيلية، موضحة أن الطالب الذي يعاني مرض طيف التوحد بحاجة إلى ثلاثة مختصين لعلاجه؛ وهم: مختص العلاج الطبيعي؛ ومختص العلاج في العمل (يهتم بالأعمال اليدوية وتنشيط ذهن المصاب)؛ ومختص التخاطب، أما بالنسبة للأطفال المصابين بإعاقات أخرى غير التوحد فيحتاجون إلى أكثر من خدمة؛ مثلاً الطفل المصاب بمتلازمة داون يحتاج إلى أخصائي حركة، وأخصائي سلوك، وأخصائي نطق إضافة إلى مدرس تربية خاصة، مشيرة إلى أن المدرسة لا تستطيع توفير كل المختصين؛ إذ تكتفي بمعلم واحد فقط؛ لمرافقة الطالب، والاهتمام بشؤونه الأكاديمية والاجتماعية داخل أسوار المدرسة وأحياناً خارجها. دور محوري وقال أحمد الطنيجي، (اختصاصي اجتماعي)، إن»معلم الظل«يلعب دوراً محورياً في مساعدة أصحاب الهمم، وخاصة من مصابي اضطراب التوحد؛ من خلال مساهمته بدمج المصابين وتعايشهم مع الأطفال العاديين في الصفوف الدراسية؛ بهدف تحسن المهارات الاجتماعية واللغوية ومفهوم الذات لدى أصحاب الهمم، وفي الوقت ذاته، العمل على تعديل اتجاهات الأسر، التي تضم بين أفرادها أحد أصحاب الهمم، حتى يكونوا أكثر إيجابية في التفاعل معه، والقيام بدورهم في عملية التأهيل على أكمل وجه. ضوابط وأكد عمر مبارك الجنيبي (اختصاصي تربوي)، أن»معلم الظل«أصبح يحل محل الاختصاصي الاجتماعي، الذي بدوره يحسن سلوك الطلبة، ويوجههم نحو الصواب، مشيراً إلى ضرورة وجود ضوابط واشتراطات معتمدة من قبل الجهات التربوية المسؤولة؛ لتعيين»معلم الظل«؛ أبرزها: وجود تقرير طبي يؤكد حاجة الطالب للمعلم أو المعلمة؛ بحيث يمثل»معلم الظل«دور المعلم المساعد أو المساند للطفل، ولا يجوز للمدرسة تعيين»معلم ظل«من دون الرجوع للجهة المعنية، أو تقديم ما يثبت حاجتها. مواصفات معينة فاتن محمد سعيد (معلمة لغة عربية) في إحدى المدارس، قالت: إن»معلمي الظل«يرافقون الأطفال المندمجين مع أقرانهم العاديين في المدارس، بعد اختيارهم من قبل المدرسة، وفقاً لمواصفات معينة؛ أهمها، أن تكون لديه خلفية أكاديمية؛ مثل: تخصص تربية خاصة؛ علم نفس؛ علم اجتماع أو أي علم من العلوم التأهيلية التعليمية مثل العلاج الوظيفي (سمع ونطق) إلى جانب بعض النواحي الأخرى، وأن يكون شخصاً محباً للإثارة، متمتعاً بسعة الصدر، والحرفية في التعامل، وسرعة البديهة، ومتقبلاً للمفاجآت، التي قد تبدر من هؤلاء الأطفال؛ نتيجة اضطرابات الطفولة والاضطرابات النمائية، وأن يكون متميزاً في ابتكار أساليب تساعد على دمج أصحاب الهمم مع أقرانهم في الصف وفي الفسح المدرسية، ومتابعتهم خطوة بخطوة حتى لا تتأثر نفسيتهم. حب المهنة صبحي عبد المنعم (اختصاصي اجتماعي)، قال: إنه يعمل حالياً»معلم«ظل لحالة إعاقة عقلية في الحلقة الثانية، وأنه يهوى العمل مع أصحاب الهمم، وهو مؤمن بدوره ك»معلم ظل«؛ إذ إنه يدعم هذه الفئة، ويشعر بالسعادة، حينما يصطحب الطالب إلى المدرسة في كل صباح، ويرافقه أثناء الطابور الصباحي، كما يقوم بمساعدة معلم الصف في عمل أوراق العمل والوسائل الخاصة بالطالب، والمعد لها من خلال الخطة التربوية الفردية، كما يشرف على الطالب من ذوي الهمم في حل أوراق العمل داخل الصف، ويشاركه مع زملائه العاديين في حل التمارين التطبيقية في كتاب المادة، ويشجعه على المشاركة أثناء الحصة حتى لا يشعر بالدونية؛ بحيث يجعل الطالب من ذوي الهمم يشعر بأنه في مستوى الطالب العادي، إضافة إلى مشاركة معلم التربية الخاصة في تنمية مهارات الطالب وفق الخطة التربوية المعتمدة. يعزز السلوك الاتكالي أكد بدر الحوسني (استشاري علم النفس السلوكي)، أن الأضواء سلطت على معلمي ومعلمات الظل في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن تواجد»معلمي الظل«يعزز السلوك الاتكالي، والاعتماد على الآخرين لدى الطفل، لافتاً إلى أن هناك حالات يمكن الاستعانة ب «معلم الظل» لفترة معينة، إلى جانب وضع خطة تعديل السلوك للطالب، حتى يتمكن من الاعتماد على نفسه، ومساعدته على الاستقلالية. ولكن في المقابل هناك حالات هم بحاجة إلى«معلم ظل»، يعمل معه بطرق وفق أولويات، وبالتعاون المشترك بين الاستشاري والمدرسة والأهل، وأن المهم هو أن يتم تشخيص حالة الطالب أولاً. وبيّن أن من أهم واجبات «معلم الظل» أن يعمل على إدارة سلوك الطالب، وأن يساهم في وضع الخطة الفردية له، ويساعد في تحديد مصادر التعلم، كما عليه أن يساهم في التخطيط لأنشطة التعلم، ويقوم بمتابعة تقارير التقدم للطالب، ومساعدته على اكتساب الثقة بالنفس.

مشاركة :