قال زيد الصقر إن الفترة المقبلة تعد فرصة جيدة للمصدرين المحتملين، بسبب إمكانية الحصول على الدين بفوائد منخفضة تاريخياً، نظراً لمراجعة مجلس الاحتياطي الفدرالي لسياساته النقدية. عقدت شركة الوطني للاستثمار، بالتعاون مع جمعية الخليج للسندات والصكوك، المؤتمر الرابع لسوق رأسمال الدين الكويتي، وأقيم هذا الحدث في الكويت بحضور متنوع من ممثلي القطاعين الحكومي والخاص، الذين تمت دعوتهم للمشاركة في المؤتمر. وبهذه المناسبة، صرح راني سلوانس المدير العام الخدمات المصرفية الاستثمارية في الشركة: «نحن فخورون بشراكتنا مع جمعية الخليج للسندات والصكوك، حيث تأتي رعايتنا لهذا المؤتمر هذا العام من منطلق مساهمتنا في تطوير سوق رأسمال الدين في الكويت، بما يهدف إلى خلق بيئة مشجعة للمصدرين والمستثمرين للمشاركة في سوق متنوع وقوي». وأشار سلوانس إلى أن حجم إصدارات أسواق الدين في منطقة الخليج بلغت نحو 530 مليار دولار خلال الـ10 سنوات الماضية، أي منذ عام 2009، علماً بأنه تم إصدار أكثر من نصفها خلال الثلاث سنوات الماضية، لافتاً إلى أن ارتفاع حجم الإصدارات منذ 2016 يعود إلى الإصدارات السيادية التي نفذتها حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، والتي شكلت أكثر من 65 في المئة من إجمالي الإصدارات خلال هذه الفترة. وأوضح أن متوسط حجم إصدارات الدين السنوية في دول مجلس التعاون الخليجي ارتفع بأكثر من الضعف ليصل إلى 81 مليار دولار على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، مقارنة بمتوسطه التاريخي البالغ 36 مليارا بين عامي 2009 و2015؛ لتسجل منطقة الخليج مستويات جديدة من حجم إصدارات الدين التي تنافس بها إصدارات الأسواق الناشئة. وأكد سلوانس أن نشاط أسواق رأسمال الدين في المنطقة انعكس بشكل مشابه على السوق الكويتي، حيث تم إصدار نحو 24 مليار دولار من إصدارات الدين على مدار الـ10 سنوات الماضية، 70 في المئة منها أصدرت خلال الثلاثة أعوام الماضية، أي منذ عام 2016، حيث يشكل الإصدار السيادي لدولة الكويت في 2017 نحو 47 في المئة من القيمة المصدرة منذ تلك الفترة. ومع ذلك، فقد انخفضت القيمة المصدرة خلال 2018 بنسبة 87 في المئة الى ما يعادل 1.3 مليار فقط. وأرجع تراجع الإصدارات الكويتية خلال الفترة الأخيرة إلى عدة عوامل، منها عدم اليقين حول اتجاهات أسعار الفائدة، وأسعار الإقراض المنخفضة عند مصادر تمويل أخرى، والنمو المتواضع في الاقتصاد المحلي. وأضاف سلوانس «انه رغم تراجع قيمة الإصدارات خلال العام الماضي، فإنه يجب الاستمرار في تسليط الضوء على الفوائد المتعددة لأدوات الدين كتنويع مصادر التمويل للمصدرين المحتملين، ومرونة شروط ومتطلبات الإصدارات بشكل عام». وتطرق إلى الضرورة في دعم الإصدارات الحكومية الكويتية المحلية والإقليمية من اجل تنشيط منحنى العائد السيادي الكويتي، والذي يعتبر معيارا أساسيا لتسعير إصدارات الشركات والمؤسسات الكويتية، موضحا أن احتمالية تكرار الإصدار السيادي للدولة أصبحت فاترة، وبناء على ذلك يكون حان الوقت للنظر في اصدار سندات عن طريق كيانات ومؤسسات حكومية بارزة كمصدر بديل وداعم لتنشيط هذا المنحنى. التصنيفات الائتمانية من جانب آخر، شارك زيد عصام الصقر مدير الخدمات المصرفية الاستثمارية في «الوطني للاستثمار» مع مجموعة من القياديين في سوق رأسمال الدين الكويتي في حلقة نقاشية عقدت على هامش المؤتمر، استعرضوا خلالها آخر أوضاع السوق المحلي لأدوات الدين، حيث أشاروا إلى انه لا يزال السوق بحاجة الى التنويع بتشكيلة ونوعية المصدرين. وأشار الصقر، خلال مشاركته في الحلقة النقاشية، إلى الاهتمام المتزايد عند بعض المؤسسات الحكومية والشركات الكويتية الرائدة، للحصول على تصنيفات ائتمانية كخطوة أولى لمشاركتهم في أسواق رأسمال الدين، مبيناً انها خطوة إيجابية للتنوع في المصدرين والاستمرار في تنمية السوق الكويتي. وذكر أن الفترة المقبلة تعد فرصة جيدة للمصدرين المحتملين، بسبب إمكانية الحصول على الدين بفوائد منخفضة تاريخيا، نظرا لمراجعة مجلس الاحتياطي الفدرالي لسياساته النقدية. تباطؤ عالمي من ناحية أخرى، أكد د. سعادة شامي كبير الاقتصاديين للمجموعة خلال المؤتمر، أن هناك تباطؤا عالميا شمل العديد من الاقتصادات الكبرى، مشيراً إلى أنه من المرجح أن يتم تعديل تقديرات النمو الصادرة عن صندوق النقد الدولي والبالغة 3.5 في المئة في 2019، موضحاً أن نمو الاقتصاد الأميركي تراجع مع تلاشي أثر خفض الضرائب، ورفع أسعار الفائدة وتداعيات الحرب التجارية. وأشار إلى أن دول الخليج ستبقي بمنأى عن هذا التباطؤ، خصوصا أنها تتأثر فقط بانعكاس هذا التباطؤ على أسعار النفط، والتي تشير التوقعات إلى بقائها عند مستوياتها الحالية، بالإضافة إلى أسعار الفائدة التي ستظل أيضاً مستقرة هذا العام. وأضاف شامي أن التوقعات تشير إلى بلوغ معدلات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي نحو 2 في المئة عام 2019، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى استمرار وتيرة الإنفاق العام في الوقت الذي يصل فيه نمو النشاط غير النفطي إلى 3 في المئة في أفضل الأحوال، فيما ترجح التوقعات أن القطاع النفطي لن يشهد أي نمو يذكر تحت وطأة خفض الإنتاج. وقال شامي إن «هناك حاجة إلى الإسراع في عملية الاصلاح للتخفيف من عجز موازنات دول الخليج المتنامي على خلفية نمو الإنفاق»، موضحاً أن الحساب الجاري الخارجي لدول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة فائض، نظراً للمستويات المعتدلة لأسعار النفط حالياً، وإن كان أقل من مستويات العام الماضي. وأكد أن هناك حاجة كبيرة لإصدارات الدين لدول الخليج بالتزامن مع بقاء أسعار النفط عند مستوياتها المعتدلة، بالإضافة إلى استحقاق آجال جزء كبير من إصدارات الدين العام، وكذلك السياسات المالية التي يمكن وصفها بالأكثر استرخاءً في الوقت الحالي. وأوضح أنه بحسب التقديرات الأولية فإن إصدارات الدين لدول مجلس التعاون الخليجي قد تصل ما بين 50 إلى 60 مليار دولار هذا العام، مشيراً إلى أن ذلك قد يتغير استناداً إلى أسعار النفط، موضحاً أنه من المتوقع أن تكون السعودية أكبر المقترضين في عام 2019 وبحوالي 30 مليار دولار. وشهد المؤتمر عقد مجموعة من المحاضرات، شارك فيها وكالة ستاندرد آند بورز (S & P) للتصنيفات الائتمانية محاضرة ناقشت خلالها الخطوات والمعايير الموضوعة للحصول على التصنيف الائتماني، وعقدت الشركة الاستشارية أكريد توس Acreditus محاضرة عن التطبيقات المحتملة لتقنية البلوك تشين لإصدارات الصكوك.
مشاركة :