لا يبدو ترامب، أكثر رؤساء الولايات المتحدة إثارة للجدل، مكترثاً بنتائج التحقيق الذي سلّمه المحقق الخاص مولر لوزير العدل.على حدٍّ سواء، أدانه مُنْقَلَب التقرير أو لم يُدنْه، فإن ترامب لم يكن مكترثاً للبدء بالتقرير فكيف بخلاصاته. لا ينبي تمطّيه تحت شمس فلوريدا الذهبية أنه منزعج على الإطلاق.كُلّف المحقق بالبحث عن إدانتين محتملتين لترمب، التواطؤ مع روسيا في الانتخابات الرئاسية وإعاقة العدالة، ولا يبدو الرئيس عابئا بأيٌّ من التهمتين. ما زال على علّاته يمارس قبحه السياسي دون خَفَر ودون احتشام.يُصرٌ فخامته على أن ينكأ جراح العرب النازفة ويبصق بكل صفاقة عليها. لم ينته من الاستمتاع باللعب المكشوف على آلامهم، ولم تروِ دماء نقل السفارة ظمأه ولا اكتفى بالصفعات التي تعسكر في أصداغنا جيئة وذهابا، ليعلن تدشين قلق الجولان الجديد، قلق سيضيفه ساستنا إلى الخُرْج الممتلىء أنيناً، ليلتحق بوجع رأس القدس وصداع الحل النهائي واللاجئين.ولكأننا حشية قش، ولكأننا خارج التاريخ الكبير، والانتصارات الكبيرة، حينما صنعنا لأنفسنا أرجوحة تتلاعب بها رياح الشرق والغرب، فننام ملء جفوننا عن قضايانا ومعاركنا وهزائمنا، ونترك لسادة العالم مهمة التفكير والتخطيط والتنفيذ.على نحوٍ مرتبط بدعم الليكودي المتطرف نتنياهو في الانتخابات بعيد اتفاق حزبي "حصانة إسرائيل" و"يوجد مستقبل" على خوضها بقائمة موحدة، تتسارع الخطى الخبيثة نحو تنفيذٍ مؤلم للمشروع الصهيوأمريكي المسمى بصفقة القرن.وإذا ما قرأنا الحروف المبهمة الساكنة بين السطور، فإن الأمر لن ينتهي حتى يتحقق حلم اسرائيل الكبرى، ومن الواضح أن ايران – الجمهورية الاسلامية – ستكون ضمن سياق إِنْفاذ الحلم.ننام ملء جفوننا، ونصنع لانفسنا أزمات وحلول لنسهو عمّا تحيكه دوائر العتمة، وعمّا ستصنعه سايكس بيكو بثوبها الجديد، حتى إذا استقامت لهم الخطة واتضحت طرق التنفيذ، لم يكن لنا من الأمر سوى الرضى بالقدر المحتوم، والتباكي على التاريخ الذي أضعناه.إذا كان لدى العرب والمسلمين بعضٌ من بقايا القومية والعروبة والدين، فليرتفع صوتهم، وإذا كانوا محض متفرّجين أو إلتاث عليهم الأمر، فلم يعد بوسعهم فعل شيء سوى انتظار المصير المهلك.فعليهم اليوم قبل غداً، أن يفصحوا أولاً عن خبايا النفوس، وعن المحادثات المريبة التي تصفها إذاعاتهم بأنها الثنائية ذات الإهتمام المشترك، وليجأروا بأعلى الأصوات، كما كانوا يفعلوا طوال الصراع المرير؛ إدانة واستنكارا، أو لتعود قيادة الأمة بأكملها، إلى من تصدوا لها عبر التاريخ القديم والحديث، أهل العترة الشريفة، وما ذاك عليهم بجديد ولا بعيد.
مشاركة :