تواجه الحكومة المغربية أزمة بعدما فشلت في إقناع المدرسين المتعاقدين بمقترحاتها الأخيرة، لتجد نفسها مرة أخرى في مواجهة مباشرة مع الآلاف منهم، الذين دخلوا في احتجاجات على نظام التعاقد، لإرغام السلطات على تلبية مطالبهم، في الوقت الذي لوحت فيه وزارة التربية بطردهم بسبب عرقلتهم السير الطبيعي للدراسة. ونظم آلاف المدرسين المتعاقدين، أمس السبت، احتجاجات في العاصمة الرباط، للمطالبة بإدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية وإسقاط نظام التعاقد وتوظيفهم، والكف عن تخويفهم بالطرد من العمل، منددين بسياسة وزارة التربية الوطنية وطريقة تعاطيها مع ملفهم. واستخدمت الشرطة خراطيم المياه، في ساعة مبكرة من صباح الأحد، لتفريق المحتجين الذين جاؤوا من كل المدن المغربية، بعد فشل التفاوض معهم لإخلاء المكان، وهو ما أدى إلى إصابة عدد منهم بجروح. وقال محمد حماحمة، مدّرس متعاقد في مادة الفيزياء، في تصريح لـ"العربية.نت"، إن "الإضراب سيتواصل خاصّة بعد التدخل العنيف والدامي من قبل قوات الشرطة، حتى تلبية مطالبنا"، مضيفاً أن "الوزارة تجاهلت تحركاتنا ولم توجه لنا أي دعوة للحوار، كما لم تقم بإشراكنا في التفاوض حول المقترحات التي قدمتها". ولاحتواء الوضع وإنهاء حالة الاحتقان، قدمت الحكومة يوم 10 مارس/آذار عرضا لتحسين الوضعية المهنية للمدّرسين المتعاقدين، تخلت فيه عن نظام التعاقد لصالح التوظيف الجهوي، حيث يدمج بموجبها الأساتذة ضمن أطر أكاديميات التعليم الجهوية، إلى جانب مقترحات تهم الترقية والتقاعد، إلاّ أن هذا العرض قوبل بالرفض من جانب "تنسيقية الأساتذة المتعاقدين" التي تشبثت بمطلب الإدماج في الوظيفة العمومية. وفي هذا السياق، يقول حماحمة إن هذه "الحلول الترقيعية" غير كافية، موضحاً أنّه "لن يتم التراجع عن المطلب الأساسي وهو الإدماج في الوظيفة العمومية لضمان الاستقرار الوظيفي لنا"، داعياً الوزارة إلى "الإنصات لمشاغل المدرسين وفتح أبواب الحوار معهم، من أجل تفادي سنة دراسية بيضاء". ولكن الحكومة التي يقودها سعدالدين العثماني، ترى أن إضراب المدرسين لم يعد له مبرر بعد المقترحات التي قدمتها، "سوى السعي إلى تحقيق أهداف أخرى لا علاقة لها بمصالح المدرسيّن"، والمسّ من النظام العام وكذلك إرباك سير السنة الدراسية. وهدّدت وزارة التربية، الأحد الماضي، ما وصفتهم بـ"معرقلي الدروس"، باتخاذ جميع الإجراءات الإدارية والقانونية إزاء أي شخص سيقوم بعرقلة السير العادي للدراسة، وكذلك تطبيق الإجراءات الجاري بها العمل تجاه المتغيبين عن العمل بدون مبرر، متهمة جهات لم تفصح عنها بالوقوف خلف الاحتجاجات. ودعت إلى تغليب المصلحة الفضلى للتلاميذ والتلميذات. وتعيش مختلف مدارس المغرب على وقع إضراب مستمر للأسبوع الثالث على التوالي، دفع التلاميذ إلى الخروج للشارع في مسيرات، مطالبين بعودة الأساتذة إلى الأقسام، لتفادي سنة دراسية بيضاء.
مشاركة :