تقدم الأندية الإنكليزية أحد أفضل مواسمها على الصعيد القاري مع بلوغ أربعة منها الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا، إلا أن رياح "بريكست" تهدد بإفقاد الدوري الممتاز موقعه كأغنى دوري كرة قدم في العالم. وفي ظل عدم توصل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق نهائي حول انفصال الأولى عن الثاني، يهيمن الشك على أغلبية المؤسسات والشركات البريطانية بشأن ما سيحدث بعد هذا الفصل بين الطرفين. ورغم مكانته العالمية، يجد الدوري الإنكليزي نفسه ضمن دائرة الشكوك، ولاسيما أن جزءا كبيرا من نجاحه يستند إلى أنه يضم خليطا منوعا من اللاعبين والمدربين والمالكين الأجانب. فيما يأتي عرض لأبرز الانعكاسات المتوقعة في الدوري لـ "بريكست"، الذي كان من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في 29 مارس، قبل أن تحصل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على تأجيل أوروبي مدة ثلاثة أسابيع لنيل موافقة مجلس العموم على اتفاق أو العثور على بديل آخر. منذ الاستفتاء الذي أقامته المملكة المتحدة عام 2016 وانتهى بنتيجة إيجابية لمصلحة مؤيدي الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، تراجعت قيمة الجنيه الاسترليني إزاء العملات الأجنبية ومنها اليورو، مما جعل قيمة بدلات الانتقالات التي تدفعها الأندية الإنكليزية لمنافسيها الأوروبيين أكبر. واعتبر مدرب فريق توتنهام الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو أن ضعف الجنيه إزاء العملات الأخرى، كان من الأسباب التي دفعت ناديه إلى الامتناع عن تعزيز صفوفه بلاعبين جدد في فترة الانتقالات الصيفية. وبحسب شركة "ديلويت" للتدقيق المالي، كان تراجع قيمة الجنيه من العوامل التي أفقدت مانشستر يونايتد مركز الصدارة بين الأندية الغنية، ودفعته للتراجع خلف العملاقين الإسبانيين برشلونة وريال مدريد. في عام 2016، أبدى الرئيس السابق لرابطة "البريميرليغ" ريتشارد سكودامور دعمه لبقاء المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الأوروبي، معتبرا أن مغادرة المنظومة القارية لا تتلاءم مع التزام الدوري الممتاز بالانفتاح. وبحسب مسؤولي الدوري، يعود جزء كبير من جاذبيته حول العالم إلى قدرته على ضم مواهب من كل أنحاء الكرة الأرضية، ووضع حد لحرية تنقل المواهب الأوروبية الشابة سيضعف بشكل كبير هذا الإقبال. وبحسب الأستاذ المتخصص في شؤون الرياضة في جامعة سالفورد البريطانية سايمون شادويك، فإن "الدوري الإنكليزي الممتاز هو الحاضن لكوكبة من أبرز العلامات التجارية"، متابعا: "لذا فإن أي خطوات تحد من تدفق المواهب الأجنبية إليه قد تؤدي في نهاية المطاف إلى خفض موقع الدوري الممتاز في السوق، وبالتالي الإضرار بأفضليته التنافسية". وسيجد العديد من اللاعبين الحاملين لجوازات سفر أوروبية، وإن كانوا يدافعون عن ألوان منتخبات إفريقية أو أميركية جنوبية، أنفسهم أمام قيود وشروط أقسى للحصول على إجازة عمل في المملكة المتحدة. وفي الوقت الراهن، يمنح اللاعبون الذين لا يحملون جواز سفر دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي، إجازة عمل بعدما يتم الأخذ في الاعتبار عوامل عدة منها عدد المباريات الدولية وبدل الانتقال والأجر المقترح وغيرها. التأثير على استقطاب المواهب وفي حين أن هذه الشروط قد لا تؤثر بشكل كبير على ضم اللاعبين المعروفين في سوق الانتقالات، إلا أنها قد تعوق بشكل كبير استقطاب مواهب جديدة لم تحظ بعد بفرصة البروز.وفي 2016، قدرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن 332 لاعبا من خارج أوروبا في الدرجتين الأولى والثانية في كل من إنكلترا واسكتلندا، لم يكونوا لينالوا إجازة عمل لأنهم لا يتمتعون بالمعايير المطلوبة لها. كما تواجه أندية الدوري الإنكليزي احتمال حرمانها فرصة التعاقد مع اللاعبين الأوروبيين قبل أن يبلغوا الـ18 من العمر، في حال خروج المملكة المتحدة من المنطقة الاقتصادية الأوروبية، وهو المرجح بموجب بريكست.
مشاركة :