أكدت الكاتبة والصحفية عصمت الموسوي أن المرحوم جاسم مراد هو من «كتلة الوسط» في أول برلمان في البحرين في مطلع سبعينيات القرن الماضي وكان يردد باستمرار أنه مع نظام الحكم ومع الإصلاح في البحرين، وفي الوقت ذاته كان يملك علاقة جيدة مع باقي الكتل الموجودة حينها في البرلمان. وأوضحت في محاضرة لها بمجلس الدوي بالمحرق ان مراد كان واحدا من مجموع 120 شخصية التحقت بالهيئة الوطنية، حيث كان عمره بين 23 و24 سنة، وهي تجربة قصيرة من العمل السياسي غادر بعدها الى الكويت، وشاع عنه انه دعم حركة القوميين العرب تحت الظل ثم عاد الى البحرين وكان احد المترشحين للمجلس التأسيسي عام 1972 مشيرة إلى أن فوزه بعضوية المجلس كانت نتيجة حب الناس له من جهة ولأفكاره الوطنية من جهة أخرى، ومن المعروف عنه انه كان احد أعضاء «كتلة الوسط» بالمجلس، ومع ذلك كان مؤيدا للحكومة وحكم آل خليفة، ويملك علاقة مميزة مع كتلة الشعب التي كانت تتبنى حقوق العمال والمرأة ووجود الأحزاب وخروج القاعدة البريطانية، واستدركت إلا أن جاسم مراد كان على خلاف مع كتلة الشعب وخاصة في بعض المطالب. وتابعت الموسوي أن المرحوم كان جريئا في تصريحاته الصحفية، حيث أكد فيها عدم الغلو في المطالب والتأقلم مع نظام الحكم، واستمر حتى جاء قانون أمن الدولة وحل المجلس الوطني عام 1975 واستمر هذا الوضع حتى مجيء جلالة الملك والشروع في الإصلاحات، كما كان يطالب دائما بعدم الركون بل بالمطالبة وتوصيل الشكاوى الى المسؤولين والعمل بالدستور، ولا نرى غرو في ذلك كونه تاجرا يرى ان عالم الاقتصاد ينمو ويتطور في وجود الاستقرار السياسي، وهكذا كانت مواقفه بعد أحداث 2011، حيث أفاد بأن هناك وثيقة أممية وبتقرير قدم إلى جلالة الملك مما يشيع الطمأنينة، وقد شارك جاسم في العديد من المؤتمرات تتعلق بكيفية تحقيق العدالة الاجتماعية والاستفادة من مدخول النفط في بناء المواطن الصالح، وانتقد من جانب ثان استغلال الدين في الأعمال والسياسة وغيرها، وهذه الأفكار تميط اللثام حقيقة عن أمرين، أولهما: أن جاسم كان مستقرا في الرأي لكونه مستقرا ماديا، وثانيهما: ان الحكم في البلاد يحبه كما يحبه الشعب، حيث قدم الكثير من خدمات الإسكان والتعليم والصحة، هذه المواقف جعلت منه رجلا شجاعا محبوبا رحمه الله وتغمد روحه الجنة. تحدث بعدها الدكتور حسن كمال عن حياة المرحوم جاسم مراد، فقال ان الفقيد هو الغائب الحاضر، وندر له جهوده المتعددة منها فيما يتعلق بمبادرته حين طرح على البنوك تخصيص 5% من أرباحهم السنوية لدعم الفقراء والمحتاجين (العمل الخيري)، وبهذا برهن على أنه محب للخير والعطاء والتعفف، وكشف ان مجلسه بالقفول كان عامرا على الدوام بالزوار، وكان دائم الترحال من بلد إلى آخر للتعرف على تجارب الشعوب بالإضافة الى انه كان نموذجا للشخصية التي تعمل على التوازن بين مختلف التوجهات، وبوفاته فقدت البحرين رجلا صادقا في القلب والنهج. ثم تحدث بعدها الدبلوماسي حسان الأنصاري، وقال أول ما ابدأ كلامي عن جاسم بذكر ما قاله أمين نخلة حين عرف بوفاته: «جاسم حمل شعلة التحديث في البحرين وبوفاته ضاعت علينا فرص كبيرة»، وتابع عاشر المرحوم على مدى 50 عاما وسرد نماذج من مواقفه في صيغ وأبيات شعرية جميلة تنم عن الحكمة والسؤدد وحبه للوطن والقضية الفلسطينية بالإضافة الى نهم القراءة. واختتمت المحاضرة بتعقيبات من الكاتب والصحفي علي صالح الذي كشف عن علاقته الطويلة مع المرحوم مع التنويه ان جاسم شغوف بالقراءة ويتألم لمعاناة المواطنين المحتاجين ونبذه لزيادة عدد الأجانب ثم تحدث بعده عبد الله الحويحي منوها بان له علاقة جيدة مع المرحوم، وهو بقدر انها شخصية وطنية، فهي شخصية قومية وإنسانية وهكذا جاءت تأكيدات المتحدث سعيد عسبول الذي أشاد بمناقب الفقيد المتعددة ومشيدا بمواقفه السياسية والاجتماعية فيما طالب الصحفي محمد الغسرة بتشكيل مكتبة عامة تحمل اسمه حيث لديه مجموعة كبيرة من الكتب والمصادر المتنوعة، وكان آخر المتحدثين جعفر الدرازي الذي أفاد بأن الفقيد هو شخصية عابرة للطوائف وقدم جزيل الأعمال ونقر له حركاته السياسية والاجتماعية.
مشاركة :