قال محللون إن اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان «المحتلة» بمثابة «منحة من السماء» لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كون الخطوة الأمريكية جاءت قبل أسبوعين من الانتخابات العامة في إسرائيل؛ حيث يواجه حزب الليكود، الذى يمثله نتنياهو، منافسة شرسة من تحالف «أزرق وأبيض». وبالنسبة لكثير من العرب، بددت الخطوة الأمريكية (بحسب وكالة رويترز) أي أمل في التوصل لسلام عبر المفاوضات في يوم من الأيام بين إسرائيل والفلسطينيين، كما زادت الشكوك في أن واشنطن «وسيط غير محايد»، لا سيما أن «قرار ترامب يعد نقطة تحول في سياسة واشنطن بشأن الجولان». وفيما احتلت إسرائيل هضبة الجولان السورية في حرب عام 1967، وضمتها بتشريعات باطلة (لا تحظى باعتراف دولي) عام 1981، فقد أعلن مجلس الأمن الدولي أن ما يتم «غير قانوني»، بينما قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو (خلال زيارته مؤخرًا لإسرائيل): «أنا واثق من أن الرب يشملنا برعايته هنا...». مكاسب انتخابية ويسعى نتنياهو، الذي شكر ترامب على إعلانه، إلى إعادة انتخابه في التاسع من أبريل، لكنه يواجه معركة حامية وإدانة محتملة في ثلاث قضايا فساد. وينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفات، بعدما اجتمع مع ترامب، أمس الإثنين، في زيارة تسلط الضوء على ما يصفها نتنياهو بأقوى علاقة بين زعيم إسرائيلي ورئيس أمريكي رغم أن ترامب قال إن قراره بشأن هضبة الجولان غير مرتبط بالانتخابات. محليًّا، يواجه نتنياهو وضعًا صعبًا قبل الانتخابات المقررة في أبريل المقبل، بعدما وحَّد أقوى منافسين لنتنياهو صفوفهما، ما يعزز المرشحين اللذين ينتميان إلى تيار الوسط الساعيين إلى إنهاء حكم رئيس الوزراء اليميني المستمر منذ عشر سنوات. وهز التحالف بين حزبي رئيس الأركان السابق بجيش الاحتلال بيني جانتس، ووزير المالية السابق يائير لابيد، المشهد السياسي؛ لتُظهر استطلاعات الرأي - وللمرة الأولى - تراجع حزب «ليكود» بزعامة نتنياهو، خلف التحالف. وقال جانتس لأنصاره: «لكل منا طموحاته الشخصية، ولكل منا أجندته، لكن انظروا إلى إسرائيل التي تتمزق؛ فلقد وضعنا طموحاتنا الشخصية جانبًا، وأعددنا أجندة موحدة وشكلنا حزبًا واحدًا، وفي التاسع من أبريل المقبل سنحقق فوزًا كبيرًا في الانتخابات». وإذا حقق الحزب الجديد (الأبيض والأزرق) أكبر عدد من المقاعد وضمن ائتلافًا بالأغلبية في البرلمان، فإن جانتس ولابيد سيتناوبان على منصب رئيس الوزراء بواقع عامين ونصف العام لجانتس، وباقي الفترة - وهي عام ونصف العام - لشريكه لابيد، وخلال حملاتهما، وصف المرشحان نتنياهو بأنه «أسكرته السلطة وفاسد حدَّ الإجرام»، غير أنه إذا فاز في الانتخابات المقبلة فسيصبح أكثر رئيس حكومة إسرائيلي بقاءً في السلطة. ومن ثم ناشد نتنياهو قاعدته اليمينية دعمَه. تهديد للسلام لكن محللين في الشرق الأوسط يقولون إن قرار ترامب، الذي جاء بعد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس «عاصمة لإسرائيل» في ديسمبر 2017، قد يغري قوى أخرى بضم الأراضي ويقوض طرح خطة سلام أمريكية في الشرق الأوسط ويدفع إسرائيل مجددًا إلى الصراع مع جيرانها العرب. وقال أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، فواز جرجس: «تأكد دونالد ترامب من أن إسرائيل ستكون في حالة حرب دائمة مع جيرانها العرب لعقود عديدة قادمة.. ما فعله ترامب دق مسمارًا قاتلًا في نعش عملية السلام والمصالحة العربية الإسرائيلية. هذه نقطة تحول أساسية. لم يعد هناك أي شيء لمناقشته بعد الآن...». ويرى محللون كثيرون إن خطوة ترامب تهدف جزئيًّا إلى تعزيز فرصه هو نفسه في إعادة انتخابه عام 2020، من خلال استهداف المجموعة الواسعة من المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين، وقد صوت كثيرون منهم لصالحه في عام 2016، ويدعمهم في إدارته بومبيو ونائب الرئيس مايك بنس وآخرون. كان الإعلان بشأن هضبة الجولان هو الأحدث في سلسلة من القرارات التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تهدف إلى إعادة رسم ملامح الصراع العربي الإسرائيلي. أمنيات متطرفة وكان معظم القرارات من قائمة أمنيات الحكومة اليمينية في إسرائيل كما لبت مطالب قديمة لمؤيديها الأمريكيين، بما في ذلك اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل. واحتلت إسرائيل القدس الشرقية ثم ضمتها بعد عام 1967 في خطوة لم تلقَ اعترافًا دوليًّا، فيما يقول مسؤولو البيت الأبيض إن «القرارات بشأن القدس وهضبة الجولان تقر حقيقة على الأرض» ويقولون إنها «يجب أن تكون الأساس لأي مفاوضات سلام...». وحددت إدارة ترامب إيران كهدف رئيس لها في الشرق الأوسط، وانسحبت من الاتفاق الذي وقعته طهران والولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى في عام 2015؛ بشأن كبح البرنامج النووي الإيراني، لكن بعد الخطوات بشأن القدس وهضبة الجولان، قد تشعر إيران وحزب الله بقدرة أكبر من القدرة على ترويج مزاعمهم بخصوص دعمهم للقضية الفلسطينية. وقال المفاوض المخضرم في الشرق الأوسط، دينيس روس، إن «الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان قد يشجع اليمين الإسرائيلي على تكثيف حملته؛ لضم المستوطنات في الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة.. أخشى أن اليمين في إسرائيل يمكن أن يقول: «اعترفوا بهذا.. ستكون مسألة وقت قبل أن نتمكن من ضم كل أو بعض الضفة الغربية.. سيكون ذلك نهاية حل الدولتين...». غضب عربي وأعربت المملكة العربية السعودية عن رفضها التام واستنكارها للإعلان الذي أصدرته الإدارة الأمريكية بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة، وقالت المملكة إن إعلان الإدارة الأمريكية هو مخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، وللقرارات الدولية ذات الصلة بما في ذلك قرارات مجلس الأمن رقم (242) لعام 1967م، ورقم (497) لعام 1981م، وستكون له آثار سلبية كبيرة على مسيرة السلام في الشرق الأوسط وأمن واستقرار المنطقة. ودعت المملكة العربية السعودية جميع الأطراف إلى احترام مقررات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة. ووقَّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الإثنين، على إعلان اعتراف بلاده بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، جاء ذلك خلال اجتماع ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، وقال ترامب: «إن لدى إسرائيل الحق المطلق في الدفاع عن نفسها»، وأضاف: «أي اتفاق مُحتمَل بخصوص الشرق الأوسط، لا بد أن يشمل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها». وقوبل قرار الرئيس الأمريكي بردود أفعال عربية ودولية على نطاق واسع؛ إذ أعرب مجلس التعاون الخليجي عن أسفه لتصريحات الرئيس الأمريكي المتعلقة بضم الجولان إلى السيادة الإسرائيلية، وقال الأمين العام للمجلس عبداللطيف الزياني، في وقت سابق، إن تصريحات الرئيس الأمريكي التي وردت في حسابه على تويتر، لن تغير من الحقيقة الثابتة التي يتمسك بها المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وهي أن مرتفعات الجولان العربية أراضٍ سورية احتلتها إسرائيل بالقوة العسكرية في الخامس من يونيو 1967.
مشاركة :