أول ما سيلاحظه ضيوف «منتدى الإعلام العربي» هو الاهتمام الرسمي الواضح بالحدث، الذي تنطلق فعالياته اليوم تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وهي رعاية متصلة لم تنقطع منذ الدورة الأولى للمنتدى، الذي يصل اليوم إلى دورته الثامنة عشرة. هذا الاهتمام لا يعكس أهمية الحدث فقط، بل كذلك التزام دبي القوي بالإعلام وقضاياه، باعتباره محوراً حيوياً من محاور التنمية، يقتضي الرعاية والاهتمام، واستشراف مستقبله. ولأجل هذه المهمة؛ جاء إطلاق منتدى الإعلام العربي باعتباره منصة للحوار والنقاش بين أهل المهنة وشركائهم، من كُتَّاب ومفكرين، ومثقفين وأكاديميين، إلى مهتمين بصناعة الإعلام. تمكّن «المنتدى»، عبر دوراته المتتابعة، من أن يضلع بمهمته الأساسية، فكان محركاً رئيساً لاستشراف مستقبل القطاع الإعلامي العربي، واستطلاع أبرز التحديات التي تواجهه، بل كان أكثر من ذلك، محفزاً للمؤسسات الإعلامية والإعلاميين، يدفعهم إلى تطوير أدواتهم، والارتقاء بأداء مؤسساتهم، بما يعينهم على أداء واجبهم تجاه مجتمعاتهم. وفي هذا السياق نفسه، اضطلع «المنتدى» بدور حيوي إضافي، إذ أتاح لأهل المهنة الإعلامية، من خلال الاختيار الدقيق لموضوعات أجندته السنوية، إمكانية التعامل المسبق مع التحديات التي تواجههم، وتبصر التطورات والتغيرات التي تطرأ في المهنة أو في الواقع العربي والدولي، وقياس نوع ومدى تأثيرها في عملهم وأداء مؤسساتهم. 1 من هنا، تأتي دورة هذا العام تحت شعار لافت، هو «الإعلام العربي: الواقع والمستقبل»، إذ من المخطط إلقاء الضوء على واقع الإعلام العربي ومدى تأثره في الأوضاع العربية والدولية الراهنة، وبحث مدى تأثيره في أبرز القضايا القائمة على الساحة العربية، وكيفية تعزيز إسهامه الإيجابي في صنع مستقبل أفضل لعالمنا العربي، من خلال التحلي بالمصداقية وتمسّك الإعلاميين بالأخلاقيات والمبادئ المهنية التي تعتمد في جوهرها على الحياد والموضوعية. لا سيما فيما يتعلق بمناقشة الموضوعات الأكثر ملامسة للمجتمعات العربية، ومدى التعبير عن طموحاتها وتطلعاتها نحو غد أفضل، إلى جانب استعراض أفضل التجارب العالمية الناجحة في التطوير والتحديث الإعلامي، والتعريف بأهم التقنيات الحديثة التي ستسهم في تطوير صورة الإعلام العربي خلال المرحلة المقبلة، وأهم التحولات الإعلامية في العالم، والاتجاهات التكنولوجية التي قد تسهم في تغيير منظومة وصناعة الإعلام، وتأثير ذلك في نمط وسلوك المتلقي ومدى تفاعله مع وسائل الإعلام في المستقبل. 2 ومن الواضح أن دورة هذا العام، التي تتصدى لمهمة تشخيص حال المشهد الإعلامي العربي ورصد ما طرأ عليه من تغيرات، تبحث كذلك، كما أوضحت منى غانم المرّي، المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، رئيسة نادي دبي للصحافة، رئيسة اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربي، قدرة الإعلام على التعاطي بشكل إيجابي مع القضايا التي تلبي طموحات وتطلعات المجتمع العربي، وكذلك الوقوف على مدى قدرة الإعلام العربي على مواكبة التطور الذي تشهده صناعة الإعلام على المستوى العالمي، وتوظيف أحدث تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وبما يخدم في توصيل الرسالة العربية إلى العالم على النحو الأمثل. إن الدور المهم والمتزايد، الذي يضلع به الإعلام في عالم اليوم، يحتّم، بحسب ما أكدت المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي رئيسة نادي دبي للصحافة رئيسة اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربي، التطرق إلى متطلبات التطوير الإعلامي في المنطقة للاستعداد بصورة جيدة للمستقبل، بما في ذلك الحاجة إلى تأهيل الكوادر الإعلامية العربية تأهيلاً احترافياً يكفل تمكنهم من توظيف معطيات العصر في خدمة رسالتهم الإعلامية، في إطار تحكمه أخلاقيات المهنة التي بدورها تحتاج إلى المراجعة، في ظل ما أصابها من اضطراب من جرّاء التطورات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، وما أفرزته من تحديات كبيرة وتعقيدات متشابكة. 3 ومن هنا، تبحث دورة هذا العام، في جلسة رئيسة، موقف وكالات الأنباء العالمية من قضية نشر الأخبار الكاذبة أو المضللة، وآليات السيطرة على تلك الظاهرة، كما تبحث مكانة المؤسسات الإعلامية العالمية في عصر باتت السيطرة فيه لوسائل الإعلام الجديد، وما صاحبه ذلك من تراجع دور كبرى الوكالات الإخبارية، بعد أن كانت المصدر الرئيس للخبر والمعلومة والمهيمنة على صناعة الرأي العام. ومما لا شك فيه أن التطور الكبير الذي يشهده قطاع الإعلام بشكل متسارع مرتبط على نحو وثيق مع تطور تكنولوجيا الاتصال والذكاء الاصطناعي، ودخول الروبوتات إلى مجال صناعة المواد الإعلامية والصحافية، وهو ما ينبئ بمستقبل تتسارع فيه الخطى نحو التطور السريع لمسايرة هذا النمو الهائل في صناعة الإعلام، وهو الأمر الذي يجعل من بحث هذه التطورات، في تكنولوجيا الاتصال والذكاء الاصطناعي والتقانة الروبوتية، أمراً حتمياً وذا أولوية قصوى. 4 في محور حيوي آخر، يبرز عنوان «الإعلام والسياسة: تكامل أم تنافس»، ليؤشر إلى أحد أهم التحديات التي يعيشها المشهد الإعلامي العربي، حيث الإقبال على المحتوى السياسي ومزاحمته لمجالات إعلامية أخرى، ما يضع جوانب وتجارب لا تقل أهمية في المجتمع في مساحات لا ترقى إلى أهمية هذه الجوانب؛ لا سيما أنه من الملاحظ أن الإعلام العربي يركز على نحو لافت على السياسة بشكل أساسي، وعلى نحو أقل كثيراً يلتفت إلى الجوانب الثقافية والفنون والرياضية وغيرها. وفي هذا المضمار، هناك الحاجة إلى توصيف العلاقة بين الإعلام والسياسة، التي لا يزال الكثير من الجدل والمواقف المتباينة في مدى تأثير كل منهما في الآخر، ومدى قدرة الخطاب الإعلامي المحافظة على اتزانه المهني أمام الوظيفة السياسية لوسائل الإعلام. 5 قائمة التحديات التي تواجه الإعلام العربي، وتقتضي الاستشراف والاستكشاف، تشمل كذلك «مستقبل الصحف»، والتحديات التي تواجه قطاع الصحافة الورقية في المنطقة والعالم، والتداعيات التي تسببت في توقف عشرات الصحف عن الصدور بالشكل الورقي وتوجهها إلى الصحافة الرقمية. وفي سياق موازٍ، تبرز التحديات في «مستقبل التلفزيون»، حيث التطور المتسارع في مجال المحتوى الرقمي عبر المنصات الافتراضية، وتهديدها بشكل مباشر لمكانة التلفزيون، لا سيما مع دخول شركات إنتاج المحتوى المتطور مثل «أمازون»، و«ديزني»، و«نتفليكس» التي تنذر بسحب البساط من تحت أقدام محطات التليفزيون. 6 وفي موضوع جديد ملحّ، يواكب من خلاله المنتدى آخر مستجدات الواقع في العالم، يبرز «خطاب الكراهية»، الذي يلحظ ما يمكن تسميته بـ«صناعة الكراهية»، التي باتت عاملاً مزعزعاً للسلام الاجتماعي، متقدمة على الحروب التقليدية. وفي استكمال لجوانب هذه الظاهرة، يفرد المنتدى مساحة لجانب آخر من هذا التحدي، فيناقش «خطاب التحريض»، الذي بات يشكّل ظاهرة مؤرقة وخطرة في جانب من الإعلام العربي خلال الفترة الراهنة. 7 وفي جانب العلاقة والتفاعل مع الإعلام العالمي تبرز ظاهرة النُسخ العربية من الصحف الأجنبية العريقة، ودورها في تعزيز الخطاب العربي في الغرب، من جهة واتهام البعض لها بتمرير رسائل الغرب إلى العالم العربي من جهة أخرى، وبحث سبل تجنّب أخطاء الشراكات العربية الغربية القديمة، إذ تم استنساخ العديد من الصحف وتوقفت، لأنها لم تقدم للقارئ العربي إضافة حقيقية، بينما كان كل ما تقدمه من محتوى مجرد ترجمة حرفية لما يتم نشره في الصحيفة الأمّ. 8 وفي محاور تمس المهنة الإعلامية في ذاتها، يبرز موضوعا المحتوى المدفوع ومستقبل البث الصوتي، في رصد لظاهرة بروز المحتوى المدفوع وتحول بعض المؤسسات لإنتاج محتوى يلبي متابعيها نظير مقابل مادي، بينما يحظى «مستقبل البث الصوتي» ودخول تقنيات جديدة، مثل تقنية «البودكاست»، وتأثير ذلك في صناعة المحتوى العربي، مع تراجع دور الصحافة الإذاعية. خبراء وأصحاب تجارب مُلهمة يلتقون 20 في دقيقة في استمرار لتجاربه في دورات سابقة، يواصل المنتدى مناقشة قضايا الإعلام والتحديات التي تواجهه من زوايا متعددة عبر جلسات 20 دقيقة، التي تستضيف العديد من خبراء الإعلام وأصحاب التجارب المُلهمة، وتشمل قائمة من الموضوعات الملحة، التي من أبرزها جلسة «ما نوع الإعلام الذي نريده»، التي تتطرق لسبل حماية مهنة الصحافة والإعلام في ظل الثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، والتهديد الذي قد يشكله ذلك على المصداقية الإعلامية. إلى جانب تسليط الضوء على دور الإعلام في تعزيز التسامح، وإبراز تلك القيمة التي باتت ضرورية للتعايش بين أفراد المجتمع الواحد والشعوب بشكل عام. وفي السياق نفسه، يعرض المنتدى للمرة الأولى في المنطقة العربية النسخة الرقمية من الإعلامي مصطفى الاغا، من خلال جلسة «إعلامي المستقبل» التي ستسلط الضوء على تجارب الذكاء الاصطناعي، ودراسة مدى قابليتها للاستدامة والتطوير، خاصة مع توقعات الخبراء أن هذه التقنيات الحديثة ستغير وجه صناعة الإعلام. اتجاهات في الجانب ذاته، تستشرف الجلسات المستقبل، في حديث عن أهم التحولات الإعلامية التي سيشهدها العالم، وأهم الاتجاهات التكنولوجية التي ستسهم في تغيير شكل وأنماط الحياة. بالإضافة إلى جلسة «حضارات أحياها الإعلام» التي تستعرض قصصاً من تاريخ الحضارات الإنسانية، وكيف أثر فيها الإعلام بمفهومه التاريخي. أما في جلسة «ما وراء الحقيقة» فتحاول أن تقدم إجابة عن تساؤل طالما تردد في الآونة الأخيرة مؤداه «هل فقد الإعلام ثقة الجمهور؟». وفي جانب «تحولات اقتصادية غيّرت المشهد الإعلامي»، تتطرق الجلسة إلى كيفية تعاطي الإعلام العربي مع الأزمات الاقتصادية التي شهدها العالم، وظواهر التحول التجاري، والعلاقة بين الإعلام والاقتصاد وأيهما يعد الأكثر تأثيراً في الآخر. وفي «قوة صوتك»، يتواصل النقاش حول تطور دور وسائل التواصل الاجتماعي في تمكين الأفراد من التعبير عن أنفسهم. وفي التصدي لواحد من أهم التحديات التي يعيشها الإعلام، يلتفت المنتدى إلى أهمية تحالف المؤسسات الإعلامية العالمية من أجل التوصل لآليات وتفاهمات مشتركة لمواجهة ظاهرة الأخبار الكاذبة التي نالت في الفترة الأخيرة من مصداقية العديد من الوكالات الإخبارية. في حين أن موضوع «التضليل والأخبار الكاذبة» يتواصل مع بحث سبل التعامل مع الأخبار الكاذبة وآليات التحقق والتثبت منها، لا سيما بعد تقدم آليات التزييف ونشر الأخبار الكاذبة إلى درجة يصعب معها التأكد من صدقية المقاطع المصورة بدقة عالية. نقاش مستقبل الإعلام من خلال «إعلام الجيل الخامس»، يبرز واضحاً من خلال نقاش عن توظيف التقنيات الحديثة في مجال الإعلام مع التطور المطرد في عالم تكنولوجيا الاتصال، وكيفية الاستفادة من ذلك في إنتاج محتوى عربي يناسب مختلف شرائح المجتمع. في جانب آخر تحضر ظاهرة مشاهير التواصل الاجتماعي من خلال نقاش «كاريزما الشهرة بين الشاشة ومنصات التواصل»، وهي الجلسة التي تناقش منافسة مشاهير التواصل مع الإعلاميين، وهل ظاهرة مشاهير التواصـل ستختفي أم حالة صحية تسهم فـي تعزيـز المشهد الإعلامي العربي. طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :