مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية - د . محمد الكثيري

  • 3/7/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

هل ستكون قرارات، وأعمال، وبرامج، ونتائج مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية سريعة ومفاجئة؟ أم إن المجلس سيجمع المشاكل والعوائق التي تواجه العديد من الأجهزة الممثلة فيه، ليجد نفسه وقد غرق في أمور لا نهاية لها، وتجاذبات بين أطراف عدة، لا تعرف بدايتها ليبقى في النهاية خاضعاً لما يرده من تلك الجهات، وما ينتقل إليه من عدوى سلبية منها، بدلاً من أن يكون موجهاً وممسكاً بعصا الإصلاح والتطوير والتوجيه؟ بمعنى آخر، هل سيعمل المجلس على أساس أن التنمية، وهي الشق الأجمل في مسمى ذلك المجلس، لم تعد لتتحقق في ظل أنظمة إدارية قديمة، وأجهزة إدارية مترهلة، وموظفين ينقصهم التأهيل والحماس لحمل هموم تلك التنمية وتطلعاتها. علينا أن ندرك أن المجلس في حد ذاته وسيلة، شأنه في ذلك شأن الكثير من الأجهزة والمؤسسات الحكومية التي سبقته، واذا لم تكن الرؤية لذلك المجلس واضحة، والأهداف محددة، ومايراد له إنجازه وتحقيقه دقيقاً، أضحى مثل غيره من الأجهزة التي استبشر بها المواطنون، ليجدوها في النهاية إضافة هيكلية لهياكل وأجهزة الحكومة الكثيرة والمتعددة. الشيء المفرح هو ماصدر عن مجلس الوزراء حول تنظيم المجلس حيث اختصرت مهامه في تحديد التوجهات والرؤى والأهداف ذات الصلة بالشؤون الاقتصادية والتنمية ومراجعة الاستراتيجية والخطط الاقتصادية والتنموية اللازمة لذلك ومتابعة تنفيذها والتنسيق بينها. هذا يعني أن المجلس سيكون مسؤولاً عن تحديد توجهاتنا الاستراتيجية، في كل ما يتعلق بشؤوننا الاقتصادية والتنموية، مما يتطلب الاتفاق على رؤية واضحة ومحددة مثلما فعلت الكثير من دول الشرق والغرب، يتفق عليها الجميع، ويشارك في تنفيذها جميع الأجهزة المعنية وذات العلاقة تحت مظلة وتوجيه ومتابعة المجلس. علينا أن نعترف أن أكثر مانعانيه من عمل الأجهزة الحكومية هو التشتت وعدم التنسيق الكافي بينها، بل يصل الأمر إلى أن تدعي بعض الجهات بأنها تعمل على استراتيجية ورؤية مستقبلية لعملها، لتكتشف في النهاية أن هذا العمل تم بمعزل عن الكثير من الأطراف ذات العلاقة بعمل تلك الجهة مما يحدث التضارب والتعارض، بل والتعطيل، عند التنفيذ. ولنا في الدول التي سبقتنا في هذا المجال دروس يجب أن يستفاد منها. إن دولاً عدة لم تدرك أهمية التنسيق بين أجهزتها المتعددة فيما يتعلق بوضع الرؤى والتصورات المستقبلية فقط، بل إنها سبقت ذلك بأن وحدت الجهود وأوجدت العمل المشترك بين تلك الجهات والأجهزة، لتقوم جميعاً بصياغة الرؤية المستقبلية التي يتطلع إليها البلد. المفرح هو ماصدر عن مجلس الوزراء حول تنظيم المجلس حيث اختصرت مهامه في تحديد التوجهات والرؤى والأهداف ذات الصلة بالشؤون الاقتصادية والتنمية ومراجعة الاستراتيجية والخطط الاقتصادية والتنموية اللازمة لذلك ومتابعة تنفيذها والتنسيق بينها كانت جميع تلك الأجهزة شريكاً أساساً في إعداد التصور المستقبلي لبلدانها مع الأخذ في الحسبان دور كل جهاز وإدارة، في تشكيل ذلك التصور، بل إن الأمر تجاوز ذلك إلى إشراك كافة الجهات البحثية والاكاديمية ومراكز البحث والمواطنين من خلال مايعرف باستطلاعات الرأي العام. ولكي يكون هذا المجلس فاعلاً، دون أن يجد نفسه وقد انغمس في تفاصيل عمل تلك الأجهزة ودخل في صراعاتها وخلافاتها، عليه أن يعمل على المشترك بين تلك الأجهزة تحديداً وتطويراً ومتابعة، وتوجيه ذلك المشترك كي يصب في الرؤية المستقبلية لهذا البلد، الذي على المجلس رسمها بكل وضوح، وهذا يتطلب أن يكون للمجلس ذراع قوي في مجال الدراسات والبحوث العملية التطبيقية التي تلامس هموم المجتمع، وتطلعات ابنائه الاقتصادية والتنموية، وهذه الذراع بحاجة إلى الاعتماد على استطلاعات الرأي، واتباع ما يعرف بأساليب العصف الذهني من خلال التواصل مع المعنيين والمهتمين في كافة المجالات والتخصصات. ولنا في هذه البلاد تجربة محلية ناجحة في هذا المجال أتبعها منتدى الرياض الاقتصادي التابع للغرفة التجارية الصناعية بالرياض، والذي يعتبر أحد مراكز العصف الذهني، من خلال اتباع أسلوب فرق العمل والورش الفكرية التي تجمع مختلف شرائح المجتمع من الباحثين والاكاديميين ورجال وسيدات الأعمال والمسؤولين الحكوميين، لمناقشة وتدارس قضايا اقتصادية وتنموية على مستوى الوطن. واتباع هذا الأسلوب يجعل المجلس قائداً ومؤثراً وموجهاً للجهات الحكومية، بدل أن يكون مقيداً بتوجهات تلك الجهات وخاضعاً لأسلوب العمل داخل إداراتها. الأهم من توحيد الرؤى والتصورات والاتفاق عليها، هو القدرة على تطبيق ما يتم الاتفاق عليه ومتابعة تنفيذه، حيث إن التطبيق والمتابعة هي أساس النجاح لما يتم تخطيطه والاتفاق عليه. لذا فقد أحسن المجلس حينما أقر في تنظيمه إيجاد مكتب لمتابعة مشروعاته، حيث إن هذه من أهم المشكلات التي تواجه تنفيذ مشروعاتنا. من الواضح أن دور الامانة العامة لمجلس الوزراء سيختلف كثيراً بعد قرار إنشاء هذا المجلس ونظيره الآخر المعني بالشؤون السياسية والأمنية، حيث إنها المسؤولة عن أمانة هذين المجلسين. ستكون أمانة مجلس الوزراء اشبه ما تكون بالمجالس والهيئات التي أنشأتها بعض الدول لتلعب دور التخطيط الاستراتيجي لشؤونها الاقتصادية والتنموية، مما يتطلب القيام بجهود كبيرة لإدارة العملية الاقتصادية والتنموية، من خلال توفير القدرات البشرية المؤهلة، وتطوير الهيكل الإداري المناسب، وإيجاد الاجراءات والأنظمة المرنة والسريعة القادرة على التوجيه والتفاعل لتحقيق الأهداف المرجوة. علينا ان ندرك ان الهدف النهائي للتنمية هو العمل على إيجاد سبل العيش الكريمة للمواطن بما يشمله ذلك من تعليم وصحة وسكن وخدمات أخرى، ومتى تحقق ذلك على مستوى الفرد، تحقق الاستقرار الاجتماعي والسياسي اللذان هما المطلب الأساس في النهاية.

مشاركة :