بعد أشهر طويلة من التكهنات والشائعات، كشفت «أوبر تكنولوجيز» عن توصلها لاتفاق رسمي للاستحواذ على منافستها الشرق أوسطية «كريم» مقابل ما يزيد على 3 مليارات دولار، علماً أن قيمة الأخيرة بلغت نحو ملياري دولار عقب جولة تمويل أجرتها في أكتوبر الماضي، بحسب «سي إن إن». ويوجد لدى «كريم» الآن أكثر من 30 مليون عميل، إضافة إلى المعرفة المحلية التي تميز أعمالها في المنطقة، الأمر الذي على النقيض يشكل صعوبة بالنسبة لـ«أوبر» منذ دخولها السوق في 2013. ولدى «أوبر» سجل متباين في الأسواق الدولية، فخلال السنوات الثلاث الماضية، انسحبت من الصين وروسيا وثماني دول في جنوب شرق آسيا، لكنها تعمل أخيراً على دعم طموحاتها العالمية تزامناً مع استعدادها لطرح عام أول. تقليص الخسائر وضغوط السائقين - وفقاً لـ«جارتنر» للاستشارات، فإن في سوق مشاركة الركوب يشير الاندماج إلى أن إحدى الشركتين أو كلتيهما تعاني من ارتفاع تكاليف المنافسة، وعلى وجه التحديد ستقلل الصفقة من تكلفة الحفاظ على السائقين (أصبحوا يشكلون قضية شائكة للشركات). - حققت خدمات مشاركة الركوب انتشاراً سريعاً في أرجاء العالم بفضل ما تتميز به من سهولة وآمان وتكلفة منخفضة، لكن القلق حيال حقوق السائقين تزايد بشكل كبير مع رفض الشركات تصنيفهم كموظفين وإنما طرف مستقل، بحسب تقرير لـ«الإيكونوميست». - لذا تتسابق شركات مشاركة الركوب الكبيرة للكشف عن حسن معاملتها للسائقين، مثلما جاء في نشرة لشركة «ليفت» - التي بدأت أخيراً حملتها الترويجية للاكتتاب العام الخاص بها- قالت فيها، إنها تركز على تحقيق أفضل تجربة للسائقين. - توفر «ليفت» مدربين محترفين وموارد تعليمية إلى جانب تقديمها مكافآت نقدية للسائقين الذين قطعوا أكثر من 10 آلاف رحلة، وكشفت أخيراً عن عزمها منح السائقين بعضاً من أسهمها عند الطرح الأولي العام. - تأتي جهود «ليفت» وسط محاولتها البقاء على قيد حياة في بيئة المنافسة الشرسة مع «أوبر» في السوق الأميركي، لكن رغم التوسع السريع عالمياً للأخيرة، فإنها توجه ضغوطاً متزايدة من المنظمين والسائقين، الذين يعترضون لضمان حقوقهم والقدرة على الوصول إلى بياناتهم. - على أي حال، يساعد دمج العمليات على تقليل الخسائر والحفاظ على السائقين كما أشارت «جارتنر»، في حين قالت «أوبر» الشهر الماضي إنها خسرت 1.8 مليار دولار في 2018، وذلك قبل أشهر من طرح أسهمها للاكتتاب، والذي ربما فضلت «كريم» إبرام الصفقة قبل اتمامه لتجنب منافسة أشد. - يرى محللون أن أهمية التوصل إلى اتفاق بشأن الصفقة قبل طرح أسهم «أوبر» للاكتتاب بالنسبة لـ«كريم»، كان يرجع في المقام الأول إلى رغبتها في حماية القيمة التي اكتسبتها وتجنب تسجيل المزيد من الخسائر بعد تعزيز منافستها لقدراتها الإنفاقية جراء الاكتتاب العام. معلومات وتوقعات حول الصفقة - ربما جاءت الصفقة مدفوعة من المستثمرين الذين دعموا الشركتين، مثل «دايملر» التي اشترت حصة في «كريم» عام 2017، بعد بضعة أشهر من إعلانها التعاون مع «أوبر» في تقديم خدمات التوصيل باستخدام سيارات ذاتية القيادة. - من شأن دمج الشركتين معاً منح «أوبر» هيمنة كاملة على السوق في الشرق الأوسط، لذا يتساءل البعض ما إذا كانت هذه الخطوة ستسمح لها برفع الأجرة؟ - قبل الإعلان عن الصفقة كانت هناك مخاوف من أن يؤدي تعارض المصالح لعرقلة المباحثات، فشركة «راكوتين» اليابانية للتجارة الإلكترونية أحد أكبر المستثمرين في «كريم» وتمتلك في الوقت ذاته 13 في المئة من «ليفت» المنافسة الرئيسية لـ«أوبر» في سوقهما الأم. - لكن مستثمرين كباراً أيضاً في «كريم» و«ليفت» مثل «المملكة القابضة» أبدوا دعمهم للصفقة التي ستصبح بعد إتمامها ثاني عملية استحواذ على شركة «يونيكورن» في الشرق الأوسط، بعد شراء «أمازون» شركة «سوق» للتجارة الإلكترونية قبل عامين. - رغم أن بيع «كريم» قد يبدو محبطاً للبعض ممن راهنوا على نمو الشركة، فإنه ينظر إليه أيضاً بشكل إيجابي باعتباره علامة على جاذبية ونضج الأسواق الإقليمية التي تعمل بها الشركة.
مشاركة :