غزة/ نور أبو عيشة/ الأناضول بالقرب من منزلها المدّمر بشكل جزئي غرب مدينة غزة، وعلى ركام عمارة سكنية ملاصقة له، تقف الخمسينية عايدة الحويطي بقدمين تستندان على "الرضا بالقدر". تجيل "الحويطي" ناظريها على منزلها من الخارج الذي تظهر عليه ملامح الدمار، بعد أن كانت قبل يومين فقط تجلس على أريكةٍ دافئة هناك تحتضن ابنتها "شيماء" (20 عاما) التي تنتظر عرسها يوم الجمعة المقبل، وتوصيها بزوجها وعائلتها الجديدة حباً وخيراً. بين مشاهد الركام، بات منزل الحويطي، وهيّ أرملة منذ 16 عاما، وأم لـ11 ابن وابنة، أشبه بالمكان المهجور البارد الذي تراكمت فيه غبار سنوات طويلات. "إنها غبار الحرب"، هذا ما قالته الحويطي، لوكالة "الأناضول"، واصفة منزلها بعد الغارة التي شنّتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على عمارة سكنية ملاصقة لمنزلها، غربي مدينة غزة، مساء الإثنين الماضي. دمار كبير لحق بالبنى التحتية للمنزل وبالأثاث الذي كان قبل يومين، ملجأ أمان لتلك العائلة. وبين غبار "الحرب" والدمار، دُفنت بعض مستلزمات عُرس ابنتها "شيماء"، فقتلت إسرائيل فرحا كبيراً كان يطرق بابها ليل نهار، على حدّ قول والدتها "عايدة". وتضيف قائلة:" أشعر كان روحي اقتلعت من جسدي، كل شيء أضحى ركاماً وكأن إسرائيل تختار الفرح عمداً لتقتله في قلوبنا". "شيماء"، التي كانت تنتظر يوم الجمعة المقبل بـ"شغف"، وتتخيل تلك اللحظة التي تخرج فيها من منزلها "عروس" بفستان أبيض، تعاني اليوم من "صدمة" هذا الدمار الذي لحق بمنزلها؛ ومنازل جيرانها، كما قالت الحويطي. لكن اليوم، تسأل "شيماء" والدتها بدهشة وصدمة كبيرة "كيف سأخرج من باب بيتها عروس أزفّ إلى عريسي؟". ذلك التساؤل، أدخل والدتها في موجة بكاء شديدة ما دفعها لتقطع عهدا على نفسها أن "تسعد قلبها يوم عُرسها كما فعلت لشقيقاتها". **لحظة القصف كانت الحويطي وابنتها "شيماء"، لحظة سقوط الصاروخ على العمارة السكنية، داخل المنزل يخططان لنقل مستلزمات عرسها إلى منزل زوجها في وقت لاحق. "شيماء" كانت تجهّز طعام العشاء لنفسها بعد أن عملت طويلا صباح ذلك اليوم في التحضير ليوم عرسها حينما بدأت أصوات من صراخ من أهالي الحيّ تتسلل إليهم وتطالبهم بضرورة الخروج من منازلهم لأن قصفا إسرائيليا يستهدف العمارة. هرعت الشابة العشرينية وتوسّلت والدتها أن تخرج شيئا من مستلزمات عُرسها علّها تستطيع إنقاذ شيء من "الفرحة" التي حضّرت لها منذ أشهر. أنقذت الوالدة ما يمكن إنقاذه من المستلزمات صغيرة الحجم، وخرج الجميع من المنزل "حاملاً روحه على كفّه"، كما قالت الحويطي. حالة من الخوف والصدمة انتابت الجميع حينما سقط الصاروخ وأنزل العمارة السكنية بشكل كامل. كانت الحويطي لا تزال أمام باب منزلها حينما قصفت العمارة، فدفعها شدة الانفجار والركام المتطاير إلى الداخل، ما تسبب بسقوطها وتعرضها لبعض الكدمات في كلتا قدميها، والتي تعيقها اليوم عن المشي السليم. **عُرس لغزة شكّلت قصة "شيماء"، قضية رأي عام حيث أبدت عدة شخصيات استعدادها لمساعدتها كي يصبح يوم فرحها، يوم فرح لغزة كلّها. عبد السلام هنية، نجل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أبدى استعداد والده بخروج "شيماء" من منزله بمخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، غربي غزة، الجمعة المقبل. وقال على صفحته الشخصية في موقع "فيس بوك":" بإذن لله العروسة ستكون طلعتها من بيت الوالد القائد أبو العبد (هنية)، من مخيم الشاطئ، بيت الشعب الفلسطيني". أما الناشط أمين أبو رشيد، فقد تكفل بتوفير مستلزمات العُرس كاملة لـ"شيماء" بعد الدمار الذي لحق بمنزلها، جرّاء العدوان الإسرائيلي الأخير. وقال، على حسابه بموقع "فيس بوك":" الحجة التي هدم منزلها، إن فقدت ابنتها العروس جهاز عرسها، أنا أتكفل به كما لم تتجهز به عروس من قبل". كما أعلن مكتب لسيارات الأجرة عن توفير 5 مركبات للخروج في "زفّة" العرس يوم الجمعة المُقبل". **المعاناة لم تنته "الحويطي" وأبنائها الأربعة -الذين يسكنون معها- مشرّدين اليوم في منازل متعددة بعد الدمار الذي لحق بمنزلهم. وتناشد الحويطي بضرورة إصلاح منزلها وتوفير مكان سكن بديل لها ولأبنائها. "الحويطي"، واحدة من عشرات العائلات التي فقدت منازلها في العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة وتعاني اليوم من "التشرّد". وبحسب وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية، فإن "نحو 30 وحدة سكنية هدمت كليا خلال العدوان الأخير على غزة، فيما بلغ عدد الوحدات التي تعرضت للأضرار الجزئية نحو 500". وشنت مقاتلات إسرائيلية، بين مساء الإثنين وفجر الثلاثاء، سلسلة غارات مكثفة على أهداف عديدة في أنحاء غزة؛ ردا على إطلاق صاروخ من القطاع، سقط شمال مدينة تل أبيب. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن الجيش الإسرائيلي شنّ أكثر من 50 غارة على مناطق متفرقة من القطاع، استهدفت مواقع مختلفة؛ وأصابت عشرة أشخاص بجروح. ومساء ذات اليوم، أعلنت "حماس" نجاح وساطة مصرية في وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، قبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي، مساء الثلاثاء، أنه رصد صاروخا أُطلق من قطاع غزة، وسقط جنوبي إسرائيل، على الحدود بين الجانبين. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :