انخفض البيزو الأرجنتيني على مدار يومين أمام الدولار، حيث فقد منذ مساء الثلاثاء نحو 1.34 في المائة من قيمته، متهاوياً إلى أدنى مستوياته تاريخياً عن 42.65 بيزو للدولار، وذلك رغم محاولات الحكومة الأرجنتينية لاستعادة الثقة في العملة والاقتصاد.وبذلك تبلغ خسائر البيزو أمام العملة الأميركية 10 في المائة هذا العام، بعدما فقدت نصف قيمتها العام الماضي خلال الأزمة التي أجبرت البلاد على طلب حزمة دعم قياسية من صندوق النقد الدولي.وتراجع مؤشر «إم إس سي آي» لعملات الأسواق الناشئة أمس بنسبة 0.1 في المائة، مع ضعف في الروبل الروسي، وتراجع للراند الجنوب أفريقي بنسبة 0.2 في المائة.وأدى التراجع الكبير إلى سريان موجة جديدة من المخاوف في الأسواق الناشئة، تضاف إلى الضغوط الأكبر التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي من تراجع للنمو، وتأثيرات الحرب التجارية، وغموض عملية «بريكست» البريطانية؛ خاصة أن تهاوي العملة الأرجنتينية يأتي متزامناً مع هبوط كبير لليرة التركية، وتباطؤ مقلق للنمو الصيني.وجاء انخفاض البيزو على خلفية القلق من ارتفاع الضغوط التضخمية في البلاد وعدم اليقين السياسي مع الاقتراب من انتخابات الرئاسة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وتقول وكالة «رويترز» إن الأسواق كانت مطمئنة لوصول ماوريكيو ماكري المنتمي ليمين الوسط لمنصب الرئاسة في الأرجنتين في عام 2015. مع تعهداته بأن سياساته الاقتصادية ستجذب تدفقات من الاستثمار الأجنبي المباشر بعد ثماني سنوات من السياسات الإنفاقية الشعبوية للرئيسة كريستينا فرنانديز.ولا تزال فرنانديز تتمتع بشعبية بين الملايين من المصوتين الأرجنتينيين المنتمين للفئة منخفضة الدخل، وهو ما سيمثل تحدياً أمام ماكري في انتخابات أكتوبر، خاصة أن شعبية الأخير تأثرت سلباً بانكماش الاقتصاد وارتفاع تكاليف الخدمات العامة بعد تخفيض ماكري لدعم الكهرباء والمياه وغاز التدفئة.وقال كارلوس دو سوسا، الاقتصادي في «أكسفورد إيكونومكس»، لـ«رويترز»، إن الأسواق تشعر بالتوتر مع نشر استطلاعات رأي تعكس نتائج سلبية عن شعبية ماكري، وهو ما يؤثر بدوره على العملة المحلية، ولكن الخبير أضاف أن هناك رؤية متفائلة بشأن البيزو خلال الأشهر الستة القادمة مع الثقة في أن البنك المركزي بالبلاد سيوفر حماية كافية لتجنب أزمة جديدة في سوق الصرف؛ حتى في ظل بيئة سياسية غير يقينية.وأجبرت أزمة انهيار البيزو العام الماضي الرئيس ماكري على التفاوض على قرض من صندوق النقد، والذي بلغت قيمته لاحقاً 56.3 مليار دولار، ويلزم الاتفاق الحكومة الأرجنتينية بتخفيض عجزها المالي، ويعد تقليص الدعم جزءاً من الجهود في هذا الصدد.وقبل نحو أسبوع، أشار تقرير لـ«فوربس» إلى أنه رغم كل الإجراءات التي تنفذها الأرجنتين لإنقاذ اقتصادها، فإن المؤشرات لا تظهر تحسناً يذكر، مما قد يشير إلى أن برنامج الحكومة مع صندوق النقد الدولي لا يأتي بالنتيجة المرجوة.وأظهرت بيانات شهر فبراير (شباط) الماضي ارتفاع التضخم السنوي الرسمي إلى 51.3 في المائة على أساس سنوي، لكن تبعاً لتقديرات المحللين، بلغ معدل التضخم السنوي 100 في المائة نهاية الشهر الماضي، أي تقريباً ضعف الرقم الرسمي المعلن عنه.واستجابة لارتفاع التضخم، لجأ البنك المركزي الأرجنتيني إلى رفع سعر الفائدة في محاولة لمنع البيزو من الهبوط وتوليد المزيد من التضخم. وانتقدت «فوربس» نصيحة صندوق النقد للسلطات المالية في الأرجنتين باللجوء إلى سياسة «سعر الصرف المدار»، واصفة إياه بأنه «نظام سعر صرف معيب بشكل قاتل»، حيث يتعين على «المركزي الأرجنتيني» فرض أسعار فائدة مرتفعة، وأنه في ظل تواصل ارتفاعها، سوف ينهار الاقتصاد وسيتبعه البيزو في النهاية. وأعلنت الأرجنتين قبل أيام عن عجز في الحساب الجاري يقدر بنحو 2.317 مليار دولار خلال الربع الرابع من 2018، مقابل عجز بلغ 9.367 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق.وتشير «رويترز» إلى أن ضعف البيزو جاء متأثراً أيضاً بمشكلات في أسواق البلدان النامية، في ظل تذبذب الليرة التركية خلال الأيام الأخيرة على وجه الخصوص. وانخفضت الليرة التركية أمس بنسبة 1.2 في المائة، لتخسر جزءاً من مكاسب ارتفاع قيمتها بنحو 8.2 في المائة خلال اليومين السابقين، عندما قامت البنوك المحلية بدعم العملة.وقال برند برغ، مسؤول المحفظة المالية واستراتيجية الاقتصاد العالمي في «وودمان لإدارة الأصول» لـ«رويترز»، إنه يبدو أن السلطة في تركيا تعمل على منع العملة من الهبوط مع اقتراب الانتخابات المحلية في البلاد. فيما قال برغ عن العملة الأرجنتينية: «في اللحظة الحالية لست إيجابياً تجاه البيزو»، في إشارة لمخاطر عودة فرنانديز لمنصب الرئاسة في البلاد.
مشاركة :