بدا من اللافت للغاية ذاك الإقبال الذي شهدته فعاليات البرنامج الثقافي المصاحبة لمعرض الرياض في دورته الحالية، حيث حظي في أول أيام إطلاقه أول من أمس على مواكبة لافتة، عززتها روح التنافس بين الفعاليات التي حرصت كل منها على اقتطاع حصتها من الرواد والمهتمين. وبرزت من بين الفعاليات محاضرة إمام مسجد قباء بالمدينة المنورة الشيخ صالح المغامسي تحت عنوان "الإسلام والتعايش"، وسلط فيها الضوء على أهمية أن يتعايش الإنسان مع نفسه قبل التعايش مع الآخرين، في إشارة إلى ضرورة الحوار وقبول الآخر، مستعرضا شعار المعرض لهذا العام، بوصفه أحد أصناف التعايش في حياة الإنسان، لاسيما وأنه يندرج في إطار التعايش الثقافي، وواحد من ثلاثة أشكال للمعايشة، تشمل التعايش الاقتصادي والسلمي. ونوه المغامسي إلى ضرورة تربية الإنسان لنفسه، من خلال الرقابة الذاتية، وعدّها واحدة من أهم الوسائل التي تضمن معايشة صالحة ونافعة مع المجتمع، على المستوى الاجتماعي والأخلاقي والديني. وكانت وكيلة وزارة الثقافة والفنون بجنوب أفريقيا ريجويس مابودافاسي، قدمت محاضرة تطرقت فيها إلى نبذة تعريفية عن بلدها وبعض المظاهر الثقافية فيها. ونشطت الورش إلى جانب المحاضرات، فاستعرضت دنا قطان من مؤسسة مجموعة "أمهات صح"، بعض النصائح الخاصة بالأم، وفوائد القراءة، وكيف تنميها كهواية لدى الأبناء، ومدى أهمية أن تكون الأم معايشة للقراءة والكتاب، وحجم المعلومات الممكنة لدعم المخزون المعرفي لديها، بما ينعكس بالإيجاب على حياتها وأسرتها في جميع الجوانب. من جانبها ركزت عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس في جامعة الملك سعود الدكتورة وفاء طيبة على جوانب توعوية إنسانية اجتماعية نفسية تهتم بالسلامة الشخصية، وكيف تحمي الأم والأسرة الأبناء من المخاطر النفسية والإنسانية خارج المنزل. وسلطت المستشارة التربوية الدكتورة منى البليهد الضوء على الأساليب التي ينبغي للأم أو الأسرة اتباعها، ليصبح الابن قارئا وكاتبا، والطرق المثلى لتنمية هواية الكتابة والقراءة لديه. من جهة أخرى، كان للأطفال حضورهم اللافت في المعرض، إذ انجذبوا إلى البرامج والعروض المخصص لهم في المعرض، مقبلين بشغف نحو جناح الطفل، وعروض دُمى مسرح العرائس، ودُمى الأصابع بألوانها الزاهية وشخصياتها المحببة، كالجدة والأب والمهرج وبعض الحيوانات الأليفة، إلى جانب ملابس المهن المصحوبة بأدواتها الخاصة وبعض وسائل التعلم باللعب. ويعد مسرح العرائس من وسائل الفنون القديمة التي ترجع إلى القرن الثامن وما زالت حتى عصرنا الحالي، وتستهدف الكبار والصغار وهي من الوسائل التعليمية الفاعلة، خاصة في مرحلة الحضانة ورياض الأطفال إلى سن العاشرة، ويبرز دورها في المسرح لإيصال كثير من السلوكيات والمعاني التربوية النبيلة وغرس عدد من الأخلاقيات الفاضلة. وفي جناح الطفل بالمعرض، استخدمت الدمى في إيصال المعلومات العلمية بصورة ممتعة، إذ ابتكرت شخصيات محببة تخدم المادة العلمية، بما ينمى لدى الأطفال القدرة على الاستماع الجيد والمناقشة والحوار. وذكر البائع علي أن الطلب جيد هذا العام على الدُمى المرافقة للقصص التربوية، منها على سبيل المثال "الحصان الذكي"، "الفأر الغشاش"، "الأرنب الصادق" وغيرها التي تحرص الأمهات على شرائها، لأن أسلوبها سلس ومحبب خاصة للأطفال من 3 إلى 8 سنوات، وتساعد في إيصال الفكرة إلى بعض الأخلاقيات بطريقة هادفة ربما يصعب إيصالها بالكلام.
مشاركة :