هيبة الدولة .. أين الحلقة المفقودة؟!

  • 3/27/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

هيبة الدولة : أين الحلقة المفقودة ..؟!!د.طلال الشرفات ما يجري في المشهد الوطني من انفلات في التعامل مع السلطات الدستورية، والمؤسسات العامة لا يشكل تعبيراً عن الرأي بقدر ما هو حالة من الاستقواء على مفهوم الدولة، واستغلال مقيت لرغبة الحكومة في استرضاء الناس للمضي قدماً في تنفيذ برامجها الواردة في برنامجها الوزاري والتي نالت الثقة من مجلس النواب على أساسه، وإن كنت أختلف مع نهج الحكومة في هذا الشأن؛ لأن استرضاء الرأي العام لا يكون بقرارات فردية، أو جزئية، وإنّما باتخاذ قرارات ذات طابع عام تسهم في نزع فتيل الاحتقان الشعبي.غياب هيبة الدولة يزيد مخاطر التآمر الخارجي، ويضعف دور المؤسسات الوطنية في كبح جماح محاولات إضعاف الدولة، ومتطلبات حفظ الأمن الوطني، والسلم الأهلي، وقواعد العيش المشترك. فغياب هيبة الدولة يؤدي -بالقطع- إلى رداءة مخرجات عمل السلطات الدستورية في البرلمان، وأعمال الحكومة، والسلطات الأخرى. ومن ثمَّ يضعف مرتكزات سيادة القانون التي تستند أساساً لفرض هيبة الدولة بالقوة عند الإخلال بتلك المفاهيم.تفزيم الحكومات للموقع العام، وصلاحيات شاغليه أسهم لحدٍ كبير في تراجع هيبة الدولة لمستويات قياسية، فتقاعد النواب، والوزراء، والتي قامت لها الدنيا ولم تقعد، رغم ضرورته وأهميته لحفظ كرامة كبار رجال الدولة من العوز والحاجة،والمزاودات التي رافقت ذلك، ونفقات السفر في الزيارات الرسمية والتي في غالبها تكون مغطاة من منظمات دولية لا تساوي فتات الفساد في عطاء واحد من العطاءات العامة الكبيرة، ذلك إن رضوخ الحكومات لمطالب الناس غير المدروسة، والاستسلام للمزاج العام المحتقن أصلاً أدى إلى تراجع مفهوم الدولة في أذهان الناس لصالح فهم الفوضى وهو أمر خطير يتوجب على الحكومة أن تتنبه له وبسرعة.تقزيم صلاحيات الوزراء، وكبار الموظفين، وتحجيم دور النواب في الحياة العامة، وتبخر مفهوم العمل الحزبي من الفهم العام والانقياد لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، والاختيار العشوائي غير المدروس لكبار رجال الدولة أسهم لدرجة كبيرة في انزلاق الفهم العام إلى ضرورة تحجيم كل المسؤولين وإقصائهم بالجملة، ورفض البدائل وهذا أخطر ما وصلت إليه الدولة الأردنية منذ تأسيسها، ويؤشر لحالة مقلقة بوجود حلقة مفقودة تنخر في الدولة لمصالح خارجية بأدوات داخلية ودون أن يتنبه لها أحد.تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحقيق متطلبات سيادة القانون لا يأتيان من خلال تقزيم الموقع العام، وتحويله إلى موضع للشجب، والتندر، وإنّما من خلال تعزيز الرقابة على نمو الثروة لكل من يشغل الموقع العام من جهة، والابقاء على الحد المعقول من الصلاحيات، والحقوق التي تحفظ للموقع العام هيبته، ووسائل استمراره، والأهم من كل ذلك ضرورة أن يعاد للقيادات الحزبية، والنخب الوطنية الناضجة دورها في قيادة الرأي العام، وليس انقيادها له. فالوطن لم يعد يحتمل مزيداً من الشك والإخفاق والتراجع ....!!!

مشاركة :