” عبق زمان” دائمًأ ما يلقى اهتمامًا من الجميع، فالكل يعاوده الحنين إلى الماضي، لا سيما إذا كان الأمر يتعلق بالعاصمة المقدسة، وحاضرة الإسلام مكة المكرمة، التي تهفو إليها النفوس، وتشد إليها الرحال. وقد شهدت العاصمة المقدسة تطورًا كبيرًا وسريعًا في السنوات الأخيرة بفضل دعم واهتمام أولي الأمر بالعاصمة العالمية للإسلام، ما بين التوسعات الكبيرة للمسجد الحرام وأماكن الشعائر الدينية التي تعج بها مكة المكرمة، بهدف مواكبة التزايد الكبير في أعداد الحيجيج والمعتمرين، وتسهيلًا عليهم أداء المناسك وزيارة الأماكن التاريخية بمكة المكرمة. وقد صاحب هذه التغييرات والتطورات التوسعات في الشوارع والميادين واختفاء البعض منها، خاصة المباني والميادين القديمة وما تضمه من ذكريات لا تزال عالقة بأذهان الكثيرين من أبناء مكة وزائريها. وعلى الوجه الآخر أدى هذا التطور الكبير في المدنية الحديثة وعصر التكنولوجيا المتلاحقة إلى اختفاء العديد من الآلات والأدوات وأيضًا الألعاب وغيرها، إلى جانب التأثر بالمد المتلاحق من قاصدي بيت الله على اختلاف أجناسهم وما يحملونه من ثقافات وعادات وأكلات . من هنا تكمن أهمية فعالية ” مكة زمان التي دشنها – مساء أمس الأربعاء – أمين العاصمة المقدسة المهندس محمد القويحص برفقة عدد من أعضاء مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة ، والتي تنظمها جمعية أم القرى النسائية، والتي تستمر بمقر الغرفة حتى السبت القادم. وقد شهدت الفعالية الاستثنائية حضورًا لافتًا من أهالي مكة المكرمة وزوارها الذين توافدوا منذ وقت مبكر، واكتظت بهم الساحات والصالات المخصصة للفعالية التي استمرت في يومها الأول حتى قبل منتصف الليل، واشتمل الافتتاح حزمة من الفعاليات والتراحيب والأهازيج المكية بأصوات المنشدين، ومشاركة فرق متخصصة في تنظيم الحفلات والاستقبالات. وأول ما يلتقيك بالمعرض ماء زمزم المبرد والمبخر بالمستكة ، الذي كان حاضرًا في استقبال ضيوف الفعالية، محمولة على أوانٍ فضية ومذهّبة، شكلت رمزا للضيافة المكية على مر السنوات، كما احتوت الفعالية على عدد من المعروضات التي تحكي تاريخ مكة القديم، وعادات أهلها واستخداماتهم في الأزياء والأطعمة وأدوات التجميل والعطارة. ولعل أهم ما تشهده في الفعالية المسرح الذي أعد للزوار، وتقام عليه مسابقات تستهدف الأطفال والعائلات والزوار، وتوزع من خلاله الهدايا والمحفزات، فيما تتراص على الساحات الخارجية للفعالية سيارات الأطعمة المتنقلة التي تملأ أرجاء المكان بالتنوع الغذائي والتعدد المذاقي وفق العادات والتقاليد المكية القديمة، إضافة إلى الأركان الثابتة والمخصصة للأكلات المكية والتي من ضمنها الكبدة، والبليلة، والبسبوسة والكنافة والمطبق والفول. ولا تفوتك الجلسة على المقاعد “الكرويتات” المكية التي هيئت لاستراحة الزوار وسط أجواء ملؤها المرح والتسوق والترفيه، ولهواة السيارات القديمة المستعملة التي عرفتها شوارع مكة خلال العقود السابقة لا يفوتهم زيارة ركن السيارات القديمة ، هذا الركن الذي استهوى الزورا ، ولاقى حضورًا لافتا أعاد ألق الماضي للزوار الحاضرين بفعالية مكة زمان. وأكد أمين العاصمة المقدسة؛ المهندس محمد القويحص عراقة مكة المكرمة التي تعد من أقدم المدن في الحضارة ، لافتًا إلى التنوع بجميع أنواعه، مشيرًا إلى أنها ظلت من أهم المدن على مستوى المملكة والعالم أيضًا، مؤكدًا أن مكة المكرمة محل اهتمام القيادة من حيث التطوير ورفع سقف الخدمات المتعلقة بها، لتكون ضمن مصاف المدن العالمية. وتتجلى الأهمية الاقتصادية للفعالية في ركن المعروضات الذي يشكل تجمعا عائليًا في أمسيات مكية، وما تضمه من عروض الأسر المنتجة والصناعات التي تنتجها تلك الأسر والمهن المكية القديمة، والتراث الذي اعتاده كبار السن والأجيال السابقة. ويصب “معرض مكة زمان” في التوجه الجديد والحميد الذي أتت به رؤية المملكة 2030 ، من توجيه الأنظار للمزايا الأخرى وتبيان الوجه الآخر من مكة المكرمة بخلاف المشاهد الدينية المباركة، وجعل العاصمة المقدسة عاصمة للمعارض والمؤتمرات، وهذا ما بينه أمين العاصمة المقدسة الذي أكد أن إنشاء الهيئة الملكية لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة يأتي لمكانتها عند القيادة، واهتمامهم بها، الأمر الذي يتطلب وقفة الجهات الاجتماعية في مكة المكرمة لتنظيم الفعاليات والبرامج التي تعزز هذا التوجه وتدفع به إلى الأمام. ويبدوا الجهد المبذول والكبير وراء هذه الاحتفالية المتمثل في الإعداد لها ، وهو ما أوضحته مساعد المدير العام للتنمية والشراكات بجمعية أم القرى النسائية سهى أبوعيش أن استعدادات الجمعية للفعالية استمرت لثلاثة أسابيع، مشيرة إلى أن الجمعية استعانت بشركة متخصصة في الديكورات والتنظيمات لبناء المحال التي تتوسط صالة المهرجان، والتي تضم داخلها 44 محلا مشتركا بين المعروضات التراثية المكية، إضافة إلى الأركان المخصصة للمهن القديمة الموجودة في مكة المكرمة خلال العقود السابقة، مؤكدة اهتمام الجمعية بتأصيل هذا التراث العريق ونقله للأجيال المتعاقبة والمحافظة عليه من خلال إبرازه للأجيال الجديدة وتعريفهم به، إضافة إلى تصميم وتقديم برامج متنوعة وجذابة لتسليط الضوء على الخدمات التي تقدمها جمعية أم القرى النسائية وغرفة مكة المكرمة. كتب : حسين الناظرالحصول على الرابط المختصر
مشاركة :