خلال تناولي طعام الغداء في لوس أنجلس، قبل عدة أسابيع، حضر أحد الأصدقاء، وكان معه بعض منتجات اشتراها من صيدلية محلية، وقال إنه سيشحنها الى أقاربه في الصين. وقد لاحظت أن مشترياته موجودة في الأساس هناك. ووافقني الرأي، لكنه قال إن أقاربه يفضلون أن تشحن المنتجات مباشرة من الولايات المتحدة، فقلت له إذن أنت رجل منصة "دايغو" فوافقني الرأي. تعتبر دايغو واحدة من أكثر قنوات التسويق أهمية في الصين، لكن طريقة عملها هي الأقل فهما هناك، وفي البعض من الحالات الناجحة يمكن لأحد متاجرها الإلكترونية أن يسوق بضائع أكثر كثيرا من المتجر "الرسمي" المقابل. وقد حققت "بالي"، وهي ماركة ألمانية للعناية بالجلد، حوالي ثلث مبيعاتها عن طريق دايغو وقنوات غير مباشرة. فلنر كيف يمكن لعلامة تجارية أن تستخدم مثل هذه المنصة لتحسين مبيعاتها. كلمة دايغو تعني "مندوب شراء"، وتشير الى التجار الذين يشترون منتجات ويعيدون بيعها حتى مع كونهم ليسوا موزعين مخولين، وهي بشكل أساسي قناة غير رسمية (من مستهلك الى مستهلك) وهي تتكاثر في النظام الاقتصادي الصيني، وتحقق الكثير من المزايا للمستهلك الصيني. • أولاً، يوفر المتسوقون الشخصيون تجربة تسوق حسب الطلب، ويشرك المستهلك الصيني دايغو في مشكلة أو حاجة معيّنة، وتعمل دايغو على مساعدة المستهلك في توضيح المسألة الى المستهلك وتوفر الحل. ويعيش متسوقو دايغو خارج الصين، ويستطيعون الحصول على منتجات أجنبية ذات جودة عالية. وهكذا فإن دايغو تعمل وفق الطلب وتحتفظ بالقليل من المخزون (على الرغم من أن هذا قد بدأ بالتغير). • ثانياً، توفر دايغو منتجات أصلية، إذ إن منتجاتها تستورد مباشرة من بلد المنشأ. ويعتقد بعض من المستهلكين الصينيين أن المنتجات التي تباع في الصين تقل في جودتها عن نظيرتها التي تباع في بلد المنشأ. وقد يخشى البعض من الغش التجاري، أو قد لا يثق بالمتجر. وتعالج دايغو هذه المخاوف عن طريق نشر صفحة على شبكة الإنترنت تبين مكان الشراء، بل وتوفر صورة للمشترية وعائلتها خلال عملية التسوق. • ثالثاً، تستطيع دايغو توفير أسعار أفضل أو عروض أحسن من المتاجر الرسمية التي تضطر إلى زيادة سعر البيع في الصين بسبب التعرفة أو رفع تكلفة التسويق والتشغيل. وهي تعمل في أغلب الأحيان عبر أفراد أو شركات صغيرة قليلة الإنفاق، وبذلك تكون الأسعار أقل بالنسبة الى المستهلك الصيني. وفي الأيام الأولى من التجارة الإلكترونية في الصين كان المتسوق لحساب دايغو أحد الطلاب أو السياح الذين يستطيعون إحضار كمية من المنتجات لبيعها أون لاين. وقد تطور هذا الأسلوب الآن لتصبح دايغو أكبر كثيراً، وتستطيع إقامة علاقات رسمية مع ماركات. وتقدر مجموعة فرونتير استراتيجي أن 7 في المئة من تجارة الصين الالكترونية تتم عن طريق قنوات دايغو. من جهتها يحتمل أن تهدف الماركات الى تنشيط عمل دايغو. وأكثر فئات السلع في دايغو هي: الاكسسوارات والملابس الفاخرة ومستحضرات التجميل ومواد التغذية، بما في ذلك منتجات الأم والطفل. وجهة نظر الحكومة الصينية كانت الحكومة الصينية داعمة الى حد كبير لقنوات دايغو، وهي تدرك أنها تغطي حاجة السوق وتساعد في حالة عدم قدرة ماركة على دخول الأسواق الصينية أو الاتصال الفعال مع المستهلك الصيني. وفي الوقت نفسه هناك مخاوف من استغلال دايغو لبعض الثغرات. وتتركز هذه المخاوف على التهرب من الضرائب وعلى سلامة المنتجات وموثوقيتها، ولذلك تقوم إدارة الجمارك الصينية في أغلب الأحيان بالتحقق من جوانب مثل موعد انتهاء الصلاحية وصحة منشأ المنتجات، إضافة الى قلة من التغييرات الأخرى مثل طلب السلطات الآن من وكلاء دايغو تسجيل أسمائهم بموجب القانون الصيني – وهذا يعني أن أعمالهم يجب أن تكون مرتبطة بكيان صيني ودفع ضرائب عن منتجات تدخل عبر حدود البلاد. ولم يعد يسمح للطلبة بإدخال حقائب محملة بالبضائع. وقد اتخذت "وي تشات" و"تاوباو" خطوات للتعريف بوكلاء دايغو غير المسجلين على منصاتهما وإزالة مواقعهم. 3 دروس مستفادة تشير هذه الاتجاهات الى أنه حتى مع نمو مبيعات دايغو فإنها ستشغل عددا أقل لكنهم أكثر مهنية. والسؤال هو كيف يؤثر هذا على تصرفات الماركة؟ أولا، كانت أسواق دايغو المحرك الرئيسي لتدويل المستهلك الصيني ونشر ثقافة الماركة العالمية. ولدى وكلاء دايغو المحترفين كتاب يشمل أسماء العملاء الأوفياء الذين يوثق بهم ليس فقط بسبب توفير منتجات ذات جودة، بل لنصحهم بمنتجات جديدة يعتقد الوكلاء أنها مناسبة لأسلوب حياة عملائهم، مع التركيز على علاقات قوية في الثقافة الصينية، وتلك الديناميكية واضحة تماما في سوق دايغو. ثانياً، لا يشعر وكلاء دايغو الذين يتمتعون بالجدية بالخوف من السياسات الجديدة، وهم يتبنونها في حقيقة الأمر. ولدى وكلاء دايغو الموارد لبناء أعمالهم، مع التقيد التام بالقوانين المحلية، وعلى الرغم من احتمال حدوث تعديلات لاقتصاداتهم، فإن هؤلاء الوكلاء يرحبون بالتحقق الإضافي الذي يطرد العناصر السيئة – وتعني هذه "الرحلة الى الجودة" زيادة في إنفاق المستهلك عبر هذه القناة. ● فرانك لافن
مشاركة :