عشْ أنتَ.. كما أنتَ

  • 3/29/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قُلْتُ: أيها السابح في جو الفضا أفق هواك شوقاً قد مضىٰ يداعب قلبي كبريق السنا لاح فأمطر وابلاً قد سقىٰ عش أنت كما أنت في علو الهمة، والتواضع، والتفاؤل، وطيب النفس، وجمال المعشر؛ فالحياة تحلو بهذا وتُزْهِر، فالتواضع خلق جميل يعشقه من تاقت نفسه للخير، ويدل على حسن السريرة وجمال الإحساس، يشعرك بإنسانيتك تجاه الغير وأن له من الحقوق ما لك وأكثر، فتندفع باذلاً كل قول جميل وفعل جزيل لإسعاده وإشعاره بمكانته العالية عندك، فينقاد لك طواعية؛ حساً وعقلاً، يقاسمك ذات الشعور وحسن الفِعَال، ويجعل العلاقة ودية تسودها المحبة؛ فالسوي من البشر ينقاد إلى الخير، أما المتكبر فيزداد غروراً وصلفاً ويعد التواضع ضعفاً. وعلو الهمة أسمى المطالب لنفس تألف التميز والإبداع، وتسعى إلى تغيير كل واقع إلى الأفضل، فلا غاية تتوقع، ولا أمنية تتحقق، إلا بدافع ذاتي يتسع له فضاء العمل وحسن الأداء. ومن لوازم علو الهمة الدقة في إنجاز العمل واستحضار وسائل النجاح ومكامن الفلاح، وصولاً لأفضل النتائج. والتفاؤل دائماً يصنع الأمل حتى في أحلك الظروف وأقساها. والإنسان المتفائل يجعل للحياة عنواناً يقينياً أن كل عسر يتبعه يسر، وأن كل صعب حتماً يذلل، ولا حياة لمن ركبه اليأس فركن إليه. والتفاؤل يجلب سعادة نفسية تعين على تجاوز العثرات والنكبات، ويدفع صاحبه إلى السعي الحثيث لاستجلاب الأسباب المفضية إلى إيجاد الحلول لكل معضلة. وطيب النفس خلق الصالحين من الناس في شتى الشرائع، وخبثها يدل دلالة قطعية على فساد المقصد والعمل، ولا تعجب إن رأيت نفساً طيبة يُسَاءُ فهمها، أو أنها تؤخذ غيلة دونما مبرر، لأن من يترصد لها لا يعدو أن يكون ناقماً وحاسداً، أو مزهواً في نفسه التي تضمر للآخرين الشر ولواحقه. أما جمال المَعْشَر فيبلغ صاحبه أعلى مراتب القرب، يُشعِرُ من يقترب بأنه معه سواءً بسواء، فَحُسن الخلق يقودهما ويؤلف بينهما، ويجعل العلاقة أكثر ثباتاً وديمومة، والفرحة تغمرهما كلما التقيا، فاشتاق كل منهما للآخر، وحرصا على الإتيان بكل مقرب من القول والفعل. إنها حياة ألفة ومحبة تجعلها أكثر جمالاً وَدِعَة. تلكمُ المحبة بين بني البشر تحتاج إلى بذل كل جميل يؤصل فيها التواصل والتوافق وروح الجماعة، ويبعدها عن الشقاق والافتراق. ويا فوز من حَسُنَت أخلاقه، وزانت طباعه، وتألف الغير بجزيل العطاء من دون مَنٍ ولا أذى، فكان كما هو، لا يغيره طول المدى في أحواله وأوقاته وعمره الذي يعيشه. د. سعود محمد العصفورdr.al.asfour@hotmail.co.uk

مشاركة :