«سبق السيف العذل»، مثل عربي ضرب قديما ولا يزال يضرب لكل من استعجل في أمر، فأحدث أمرا لا يمكن إصلاحه، وقد يكون مشابها في معناه المثل الشعبي القائل: إذا فات الفوت ما ينفع الصوت.. فوراء ذلك المثل حادثة. يقال إن لضبة ابن أد بن مضر، وهو من أغنياء القوم، ابنين، هما سعد وسعيد، وحصل أن نفرت إبل له تحت جنح الظلام، فوجه ابنيه في طلبها، فتفرقا، فضل كل منهما الآخر، فوجد سعد إبل والده، فردها الى حيهما. أما سعيد، فقد مضى في طلب الإبل، وهو لا يعلم أن أخاه قد وجدها، فلقيه الحارث بن كعب، وكان على سعيد بردان، فسأله الحارث إياهما، فأبى عليه، فقتله وسلب برديه. أما ضبة فأخذ في لهفة ينتظر رجوع سعيد الذي لن يرجع اليه أبداً، فكان إذا أمسى الليل سوادا، ورأى طيفا من بعيد، قال: أسعيد هذا؟ لفرط خوفه عليه، ولشوقه له، ومكث ضبه على هذه الحال الى ما شاء الله له أن يمكث. ثم ان ضبة حج فوافى سوق عكاظ، فلقي بها الحارث بن كعب، ورأى عليه بردي ابنه سعيد فعرفهما، فقال له: هل أنت مخبري ما هذان البردان اللذان عليك؟ قال الحارث: بلى، لقيت غلاما وهما عليه، فسألته إياهما، فأباهما عليّ، فقتلته وأخذتهما. فسأله ضبة، وهو يتميز قهرا لولده الذي قتل غدرا، أبسيفك هذا؟ قال: نعم، فقال ضبة: فأعطنيه أنظر إليه، فإني أظنه صارما، فأعطاه الحارث سيفه، فلما أخذه ضبة من يده، هزه، ثم قال: الحديث ذو شجون، ثم ضربه به حتى قتله، فقيل له: يا ضبة، أفي الشهر الحرام؟ فقال: «لقد سبق السيف العذل»، فذهب قوله هذا مثلا لا يزال يضرب به حتى يومنا هذا. طلال عبدالكريم العربtalalalarab@yahoo.com
مشاركة :