علّقت الحكومة السودانية عمل آلية تحديد سعر الصرف الأجنبي «صناع السوق» التي كانت تستهدف السيطرة على انفلات أسعار النقد الأجنبي إلى أجل غير محدد. وارتفعت أسعار الدولار في السودان من جديد لتتخطى حاجز السبعين جنيها اليوم، مقابل الدولار الواحد عند الدفع نقدًا، في حين يصل السعر إلى 90 جينها لكل دولار عند السداد بشيكات بنكية. ووفق لمصادر حكومية، فإن البنك المركزي أبلغ الآلية، تجميد أعمالها دون تحديد توقيت لاستئناف عملها من جديد، مشيرة إلى إخفاق الآلية في تحديد سعر صرف يعمل على استقطاب النقد الأجنبي للبلاد ويحدّ من أسعاره في السوق الموازية. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الآلية طيلة عملها ظلّت عاجزة عن القيام بأي خطوة لردم الفجوة بين اسعارها والسوق الموازية، ما جعل وجودها غير ذي فائدة. وأطلقت الحكومة السودانية -في أكتوبر الماضي- آلية تحديد سعر الصرف «صناع السوق» وتضمّ شخصيات متخصصة مستقلة لتحديد سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية بشكل يوميّ، وفور تكوينها حرّكت سعر الجنيه من 29 جنيها إلى 5ر47 جنيه مقابل الدولار، ولم تفلح الخطوة في كبح جماح السوق الموازية التي واصلت ارتفاعها. وأعلن البنك المركزي السوداني -في يناير الماضي- مجموعة من السياسات المالية الجديدة التي سيتم العمل على تحقيقها خلال عام 2019، في مسعى لتهدئة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد مؤخرًا. ووفقًا لوسائل إعلام سودانية، فقد أعلن محافظ بنك السودان المركزي محمد خير الزبير، أن أزمة شح السيولة النقدية ستنتهي خلال الربع الأول من هذا العام، ونفى تلقّي بلاده أي ودائع من دول خارجية، لكنه توقّع وصول بعضها خلال الفترة المقبلة. ويتطلع البنك إلى استقرار المستوى العام للأسعار باحتواء معدلات التضخم والنزول بمتوسط معدل سنوي إلى حدود 27%، وذلك للإسهام في تحقيق معدل نموّ حقيقي في الناتج المحلي الإجماليّ في حدود 1ر5%. كما ألزم المصارف بتوجيه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية وتوجيه موارد النقد الأجنبي لاستيراد السلع ذات الأولوية من القمح والمشتقات البترولية والسكر والأدوية ومدخلات الإنتاج للقطاع الصناعي والزراعي والآليات والمعدات. وتهدف السياسات الجديدة إلى "تحقيق الاستقرار النقدي والمالي للمساهمة في تحقيق النموّ المستدام؛ وذلك من خلال كبح التضخم واستقرار المستوى العامّ للأسعار، بالإضافة إلى تحقيق الاستقرار لسعر الصرف وتعزيز الثقة في الجهاز المصرفي من خلال توفير الأوراق النقدية وتعظيم موارد النقد الأجنبي والتوسع في تمويل القطاعات الإنتاجية وتعزيز ونشر برامج التمويل الأصغر والصغير والمتوسط، واستهداف تحقيق الاستقرار المالي والسلامة المالية". وتشهد عدة مدن وولايات سودانية منذ التاسع عشر من الشهر الماضي احتجاجات على تردي الأوضاع الاقتصادية، تخللتها أعمال عنف. وتضررت السودان بشدة من جراء انفصال جنوب السودان، الغني بالموارد النفطية، عنها في عام 2011، في وقت لا تزال تخوض الحكومة قتالًا مع عديد من الجماعات المتمردة. وأفاد حزب الأمة القومي السوداني المعارض بسقوط 45 قتيلًا ونحو ألف مصاب منذ انطلاق الاحتجاجات الأخيرة.
مشاركة :