ردود فعل إيجابية في الأسواق أحدثها الإعلان عن صفقة استحواذ "أرامكو" على "سابك"، حيث عد محللون نفطيون أن تنفيذ تلك الصفقة يعد خطوة مهمة نحو تحول "أرامكو" إلى شركة طاقة متكاملة تشمل صناعات مختلفة وموارد طاقة متعددة، فيما عدتها شركة "أويل برايس" نقلة نوعية نحو ازدهار الاقتصاد السعودي. وعد المحللون أن هذا الاستحواذ الضخم يعد استثمارا استراتيجيا واعدا سيضيف كثيرا للاقتصاد السعودي، حيث إن الصفقة مهمة ومربحة للجانبين وتنقل الصناعة السعودية نقلة نوعية مهمة نحو مزيد من النمو والازدهار. وفي هذا الإطار، أوضح لـ"الاقتصادية"، كيريل فيدرشيفون المختص في الطاقة الدولية والمحلل في "أويل برايس"، أن الصفقة تعد إنجازا حقيقيا متميزا وستؤدي إلى عديد من الآثار الإيجابية بعد الاندماج بين أكبر شركة نفط في العالم وأكبر شركة للبتروكيماويات في العالم. وأشار فيدرشيفون إلى أنه في ضوء عملية الاستحواذ ستتمكن أرامكو من تحقيق أهدافها المتمثلة في زيادة طاقة التكرير الحالية من 4.9 مليون برميل يوميا إلى نحو 8-10 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2030، وذلك بشكل أسرع بكثير منوها إلى أنه من بين ثمانية إلى عشرة ملايين برميل يوميا تريد أرامكو تحويل من اثنين إلى ثلاثة ملايين برميل إلى منتجات بتروكيماوية. من جانب آخر، تسبب ارتفاع مفاجئ في مستوى المخزونات الأمريكية في كبح المكاسب السعرية الخام على الرغم من الدعم القوي الذي تتلقاه الأسعار من خفض تحالف المنتجين في أوبك وخارجها لمستويات الإنتاج لامتصاص تأثير الزيادات الواسعة في الإمدادات النفطية الأمريكية. وما زالت السوق في حالة شد وجذب بين عدد من العوامل المتضادة التأثير، حيث نجد المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي تلقي بظلال قوية على مستويات الطلب ومن ثم الأسعار، بينما في المقابل يؤدي الارتفاع المستمر في مستويات المطابقة بتخفيض الإنتاج إلى تعزيز فرص زيادة الأسعار في الأشهر المقبلة. وشدد المحللون على أهمية المفاوضات التجارية الأمريكية الصينية التي استؤنفت أمس، التي يراهن كثير أنها قد تسجل تقدما في احتواء النزاعات التجارية وتقليل حالة الخوف من المخاطر التي قد يتعرض لها الاقتصاد العالمي. ولفت هؤلاء إلى أن بعض الساسة الأمريكيين يضغطون في اتجاه وقف التنازلات الممنوحة لمشتري النفط الإيراني رغم أنهم من الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة وعلى رأسها الهند واليابان وذلك بهدف تضييق الخناق على حكومة طهران للقبول باتفاق نووي جديد. ومن ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز إن صفقة استحواذ "أرامكو" على "سابك" سيكون لها نتائج إيجابية واسعة على السوق، وعلى دور الشركة السعودية في الصناعة خلال السنوات المقبلة، حيث ستكون أكثر كفاءة وتطورا وتجاوبا مع متغيرات الصناعة وجهود التنمية بحسب "رؤية 2030". وأضاف كروج أن المحادثات التجارية الأمريكية الصينية تشهد تقدما ملحوظا وهذا الأمر مبشر بقرب احتواء النزاعات، وبالتالي تفادي تباطؤ الاقتصاد العالمي لافتا إلى أن توقعات الطلب على الطاقة جيدة وهناك رغبة في دفع النمو بتجنب مزيد من النزاعات. يرى كروج أن المهمة ليست سهلة وتحتاج إلى مزيد من الوقت والعمل المكثف ولكن بالتأكيد التوترات تنخفض وتيرتها في ضوء توقعات وشيكة بحدوث انفراجة، منوها إلى أن مصلحة الاقتصاد العالمي ورواج صناعة الطاقة، أمر محل تطلع جميع الأطراف سواء المنتجين أو المستهلكين. ومن جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت"، أن الارتفاع الطارئ في مستويات المخزونات الأمريكية كبح بالفعل مسيرة تعافي الأسعار مؤقتا، مضيفا أن "أوبك" وحلفاءها من المؤكد سيواصلون الجهود للسيطرة على ارتفاع المخزونات وإعادتها إلى المستويات الطبيعية عند المتوسط في خمس سنوات. ونوه لديسما إلى أن تركيز السعودية على خفض مستوى صادراتها طوعيا إلى السوق الأمريكي يجيء في إطار الرغبة في الحد من تفاقم نمو المخزونات، مشيرا إلى أن السعودية نفذت أكثر من المطلوب منها في اتفاق كانون الأول (ديسمبر) 2018، وهذه الجهود تترجم تدريجيا إلى نتائج إيجابية في السيطرة على فائض المعروض والمخزونات ومن ثم استعادة توازن السوق. ومن ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، بيل برايس مدير شركة "بتروليوم بوليسي إنتلجنس"، إن اجتماع المنتجين الموسع في فيينا في 25 حزيران (يونيو) المقبل سيكون مفصليا في تقييم وضع السوق وتدارس مدى إمكانية الاستمرار في خفض الإنتاج بمستوى 1.2 مليون برميل يوميا بحسب اتفاق كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وأضاف برايس أن الاجتماع سيجيء عقب انتهاء فترة التنازلات الممنوحة من الإدارة الأمريكية لمشتري النفط الإيراني ووضوح حجم الخسائر في الإنتاج الفنزويلي، ما يمكن من تحديد خطة العمل المستقبلية للمنتجين في ضوء متغيرات السوق، لافتا إلى أن التباطؤ المتوقع في الإمدادات الأمريكية يمكن أن يسهم في تعزيز فرص تخفيف تخفيضات الإنتاج. وبدوره، أوضح لـ"الاقتصادية"، دان بوسكا كبير محللي بنك "يوني كريديت" البريطاني، أنه مع اقتراب موعد مراجعة التنازلات الممنوحة لمشتري النفط الخام الإيراني تتعالى أصوات داخل الإدارة الأمريكية بأن الطبيعة غير الكاملة للعقوبات الأمريكية لن تمثل ضغطا على طهران لإبرام اتفاقية نووية جديدة ومن ثم هناك حاجة إلى وقف هذه التنازلات وعدم تمديدها. وذكر بوسكا أنه بحسب بعض التقارير الدولية، فإن الإنتاج الإيراني لا يزال يسجل خسائر فادحة على الرغم من وجود التنازلات التي لم تتمكن من إنعاشه وخسر نحو مليون برميل يوميا منذ إعادة فرض العقوبات، مشيرا إلى أن الخسائر فادحة رغم الإنكار الإيراني لتأثير العقوبات الواسعة على صناعة النفط لديها. إلى ذلك، هبطت أسعار النفط أمس، مواصلة خسائرها للجلسة الثانية على التوالي عقب زيادة مفاجئة في مخزونات الخام الأمريكية. وبحسب "رويترز"، انخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت إلى 67.56 دولار للبرميل، بتراجع 27 سنتا بما يعادل 0.4 في المائة عن أحدث إغلاق لها، وكان برنت قد أغلق منخفضا 0.2 في المائة أول أمس. وسجلت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 59.09 دولار للبرميل، بتراجع 32 سنتا أو 0.5 في المائة عن التسوية السابقة، ونزل غرب تكساس 0.9 في المائة يوم الأربعاء. وتعرضت الأسعار لضغوط من ارتفاع المخزونات الأمريكية، لكن المحللين أشاروا إلى دعم من جهود منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك+" لتقليص الإنتاج. وقال إدوارد مويا كبير محللي السوق في "أواندا"، إن "التراجع لا يخرج مبرر الرهان على ارتفاع الأسعار في المدى القصير عن مساره وهو أن كلا من تخفيضات إنتاج أوبك+ وتعطيلات المعروض ستطغى على مخاوف النمو العالمي وتنامي الإنتاج الأمريكي". وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن مخزونات الخام بالولايات المتحدة زادت الأسبوع الماضي 2.8 مليون برميل، بينما كانت توقعات المحللين أن تنخفض 1.2 مليون برميل، مضيفة أن صادرات الخام نزلت بمقدار 506 آلاف برميل يوميا. في المقابل، تدعمت الأسعار بفعل تراجع متوسط إنتاج روسيا، أكبر حليف لأوبك من خارج المنظمة، إلى 11.3 مليون برميل يوميا منذ بداية آذار (مارس)، مقارنة بـ11.34 مليون برميل يوميا في الشهر السابق.
مشاركة :