تحقيق: يمامة بدوان «نشكر لكم تسوقكم، سيتواصل معكم مندوبنا لتوصيل شحنتكم في أقرب وقت ممكن»، بهذه الكلمات يختتم الفرد عملية تسوقه السهلة والسريعة عبر «أون لاين»، من دون أن يعلم أن شراءه لمنتجات من بعض المواقع الإلكترونية، يجعله ضحية لعملية نصب واحتيال، خاصة أن الغالبية من المتسوقين لا يقرأون الشروط الخاصة بعملية الشراء لكل موقع، وما يشملها من فرض رسوم إضافية، أو عملية الإرجاع والاستبدال، في ظل ما يجده من سهولة في التسوق من خلال التطبيقات الإلكترونية، من دون تكبد عناء الذهاب إلى الأسواق، فضلاً عن توفر مزايا للدفع، سواء عبر البطاقة الائتمانية أو عند التسليم.«الخليج» رصدت تجارب تسوق لعدد من المستهلكين، إيجابية وسلبية، فمنهم من أوضح أن تجربته كانت مثالية، سواء في جودة المنتج أو وقت توصيله، إلا أن عدداً منهم قالوا إنهم تعرضوا لعملية نصب بكل معنى الكلمة، فالمنتجات التي تم شراؤها عبر «كبسة زر»، لم تكن مطابقة للمواصفات بحسب الصور المعروضة على تطبيق المتجر الإلكتروني، كما أن توصيلها استغرق وقتاً أكثر من المذكور في رسالة التأكيد التي وردتهم عقب إتمام عملية الشراء، بل إن بعض الشحنات كانت تفوح منها رائحة كريهة، وصناديق الشحن كانت بالية وممزقة.إضافة إلى أن محاولات البعض إرجاع المنتجات باءت بالفشل، حيث إن طلبات الإرجاع التي قاموا بها عبر تطبيق المتجر لم يجب عليها أحد، ومحاولات الاتصال بخدمة العملاء لم تكن إلا مضيعة للوقت والمال.«ستة شهور مضت، وأنا أحاول تتبع قيمة المنتج الذي أرجعته لموقع بيع إلكتروني، لكنني حتى اللحظة لم أعلم أين ذهبت النقود، فخدمة العملاء في الموقع تعترف بأن المنتج تم إرجاعه، لكن قيمته مفقودة، وشركة التوصيل التي استلمت المنتج، تؤكد ذلك، لكن كل طرف يحيلني إلى الآخر، حتى فقدت الرغبة في استرجاع نقودي، وأقسمت على عدم ولوج هذا الموقع مرة أخرى».بهذه الكلمات بدأت آمال الهادي، موظفة قطاع خاص، تسرد حكايتها المريرة مع التسوق الإلكتروني، موضحة أنها وجدت «أون لاين» أسهل الوسائل في تسوق الملابس والأحذية، لكنها لم تكن تعلم أنها وبمجرد إرجاع منتج ما، ستدخل في دوامة من دون أن تصل لرد، وهي تبحث عن قيمة المنتج الذي أعادته، لأن المقاس لم يناسبها، بل وستمضي طوال 6 شهور ساعات وهي تتحدث لموظفي خدمة العملاء عبر الهاتف، وتشرح لهم أن نقودها اختفت بالمعنى الحرفي، يقابلها رد بارد لا يثلج صدرها، واعتذار شفهي لا يعيد الحق إليها. ملابس مستعملة بدورها، أوضحت مها رومية، ربة منزل، أنها تتسوق عادة الملابس والحقائب من عدة مواقع إلكترونية، إلا أنها خاضت تجربة مريرة مع أحد المواقع التي تتخذ من خارج الدولة مقراً لها، عندما اشترت منتجات بقيمة تزيد على 1000 درهم ضمن حملة تخفيضات، لتتفاجأ بأن بعض الملابس مستعملة، فضلاً عن أن قياساتها غير مناسبة لها، بل وأن سياسة الإرجاع الخاصة بالموقع لا تأتي لصالحها، حيث طالبها الموظف بإعادة شحن المنتجات على نفقتها الشخصية، مع خصم 25% من قيمة مدفوعاتها المسبقة على المشتريات.وأضافت أنها وبعد تفكير عميق، تبين لها أنها في كلتا الحالتين هي الخاسرة، كونها تعرضت لنصب من موقع لا يتخذ من الدولة مقراً له، وبالتالي فإن ملاحقته قضائياً ستكون في مهب الريح، حيث قررت عدم التعامل معهم مرة جديدة، وإبلاغ صديقاتها ومعارفها بذلك، كي لا يقعوا ضحايا جدد لمثل هذه المواقع. التوصيل ليس مجانياً أما بالنسبة لنزار بن مسعود، موظف قطاع خاص، فقال إن تجربته مع التسوق الإلكتروني في البداية كانت صعبة، حيث تعرض لخدعة عندما اعتقد أن التوصيل مجاني بحسب ما ذكر أحد مواقع البيع.وتفصيلاً أوضح أنه اختار ميزة الدفع عند التسليم، عندما اشترى قطعة صغيرة لديكور منزله، إلا أنه وعند توصيل المنتج إليه، تفاجأ بأن رسوم التوصيل تجاوزت نصف سعر القطعة المشتراة، بالإضافة إلى أن تغليف المنتج كان في أسوأ حالاته، حيث كان بالياً، وعندما حاول إرجاعه، تفاجأ بأن رقم هاتف خدمة العملاء مقطوع، الأمر الذي جعله على يقين أنه تعرض لاحتيال صارخ.إلا أن محمد حكيم، ويعمل في القطاع الطبي، قال إنه دائم التسوق من موقع واحد، يعرض منتجات لماركات معروفة، وبالتالي فإن عملية الغش غير واردة، كما أنه لم يتعرض لأي تأخير في توصيل طلبه، خاصة أنه يختار دائماً ميزة الدفع عند التسليم، بل ويمنحه موظف التوصيل خاصية معاينة الطلب قبل الدفع له، الأمر الذي يجعله في منأى عن الاحتيال، سواء في جودة السلعة أو غيرها.وطالب المتسوقين بتوخي الحيطة لدى الشراء من «أون لاين»، وعدم الانجرار وراء الإعلانات البراقة لبعض المواقع، والتأكد من تفاصيل المنتج وسياسة الإرجاع قبل الشراء. 10 نصائح للتسوق الآمن توجهنا إلى أحمد الزعابي مدير إدارة المستهلك بدائرة التنمية الاقتصادية في دبي، وعرضنا عليه عدداً من شكاوى المستهلكين، فقال إنه على الرغم من الميزات الكثيرة للشراء عبر الفضاء الإلكتروني، لكن على النقيض، وقع كثير من المستهلكين في فخ عمليات النصب والاحتيال، من خلال مواقع إلكترونية وهمية، فضلاً عن تعرضهم لقرصنة حساباتهم البنكية أو أجهزتهم المحمولة، التي قد تحتوي معلومات خاصة جداً.وأشار إلى أنه في إطار حرص الإدارة على توعية المستهلكين، فإنها تقدم لهم 10 نصائح للشراء المثالي عبر الإنترنت، ليتمكنوا من شراء منتجاتهم المفضلة بشكل أكثر أمناً من جهة، ويحافظوا على مواردهم المالية من جهة أخرى.وأوضح أن أولى هذه النصائح تتمثل في حرص المستهلك على أن يكون الموقع الذي يريد شراء منتج منه يبدأ عنوانه ب (https)، الذي يزيد من الخواص الأمنية للموقع المتعامل معه، داعياً المستهلكين إلى تجنب شراء أي منتجات، من خلال الاتصال بالإنترنت عبر الشبكات العامة public network، مشدداً على إجراء عملية الشراء عبر شبكات خاصة بالمستهلكين أنفسهم، أو بشبكات مضمونة يتطلب الدخول إليها رقماً سرياً، كي لا تتعرّض حساباتهم وأجهزتهم للاختراق.ودعا إلى التأكد من استخدام آليات الأمن الإضافية لشركات بطاقات الائتمان، مثل خدمة Verified by Visa أو خدمة Master Card secure، إذ تعد هذه من آليات الأمن الحديثة المطورة من قبل شركات بطاقات الائتمان، التي تؤمن بطاقات الائتمان من عمليات القرصنة.وأضاف أنه يجب على المستهلكين التأكد من الفواتير البنكية بعد عملية الشراء، لضمان عدم إضافة الموقع الإلكتروني المشترى منه أي رسوم إضافية، أو عدم تعرّض الحساب البنكي للاختراق من الخارج، كذلك ضرورة البحث عن العنوان الفعلي للموقع الإلكتروني، لتعزيز صدقيته كمعرفة اسم الدولة والمدينة الموجود فيها حتى رقم الشارع، فضلاً عن معرفة رقم الهاتف للتأكد أنه موقع غير وهمي، وضرورة قراءة الشروط والأحكام كشروط الاستبدال، أو شروط توصيل المنتجات للمستهلكين بعد إتمام عملية الشراء.ونبه إلى أهمية وجود برامج مكافحة الفيروسات الإلكترونية في الجهاز الذي يدخل من خلاله المستهلك إلى الإنترنت.وشدد على عدم تخزين معلومات بطاقات الائتمان الخاصة بالمستهلكين على أي موقع إلكتروني مهما كانت إمكاناته الأمنية، وأن أي موقع إلكتروني معرّض للاختراق في أي وقت، مطالباً بالحرص الدائم على الشراء من المواقع بعد الدخول إليها باسم مستخدم وكلمة سر، إضافة إلى التأكد من تسجيل الخروج منها بعد عمليه الشراء. ترويج وإغراء بدوره، قال المحامي علي مصبح عضو جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين: لا شك في أن التطور الإلكتروني الذي طرأ علينا في الآونة الأخيرة، خاصة التسوق الإلكتروني، أصبح من متطلبات الحياة العصرية، تزامناً مع كثرة الزحام وقلة ذهاب الأغلبية للأسواق، فكان التسوق عن طريق المواقع الإلكترونية هو الذي أخذ نصيب الأسد للقيمة الشرائية، إلا أن خطورة تكمن في بعض المواقع التي تروج عن البضائع وتغري المشتري بالعروض الأقل سعراً مقارنة بالسوق، حيث إن بعضها ليس سوى مواقع تنصب الفخ للمتسوقين من ناحيتين، الأولى من حيث نوعية البضاعة المعروضة سواء في جودتها أو بلد الصنع، من دون أن تكون كما كانت في العرض، أو الناحية الثانية والمتعلقة بلجوء هذه المواقع إلى سحب المبالغ المالية من دون قيامها بتوريد أي منتج، الأمر الذي يجعل المستهلك يقع ضحية احتيال إلكتروني، خاصة أن أغلب هذه المواقع تكون خارج نطاق دولة الإمارات، ومنها غير معلومة المقر أو بلد المنشأ.وقال إنه في هذه الحالة، يكون المتسوق الذي تعرض لاحتيال، من المتعذر عليه فتح بلاغ لدى الجهات المعنية، كون الموقع الإلكتروني غير معلوم ولا يمكن الوصول إليه، بل إن بعض هذه المواقع متمرسة في عمليات الاحتيال الإلكترونية.عصر المرئياتوقال الدكتور محمد النائب، عميد العلاقات والإعلان بكلية المدينة الجامعية في عجمان، إنه في زمن متلازمة الاتصالات والمعلومات، أصبح من العصي حتى على المتزمتين تكنولوجياً أن لا يتبعوا الأسلوب العصري الأكثر جدوى في التسوق، عبر «التسوق الإلكتروني»، حيث إننا وبدون شك في عصر المرئيات والخيارات المتعددة، ومن الندرة بمكان أن يوفر لك أي متجر أو مول تقليدي تلك الخيارات الواسعة على صعيد الماركات التجارية والتصاميم المختلفة من حيث الأشكال والألوان، والتي تبغي المفاضلة بينها قبل اتخاذك قرار الشراء، ناهيك عن أن تلك المتاجر الإلكترونية انتشرت كالنار في الهشيم، مستغلة ارتباط العالم بأسره بالشبكة العنكبوتية وتوفر وسائل الخوض بها بين أيدي البشر عبر هواتف ذكية وغيرها.وأشار إلى أن إضفاء لمسات تجميلية على المنتجات يسبب خداع المتسوقين. حذف المنتج أكد كاوشيك موخرجي، نائب الرئيس الأول، نون، منصة رائدة للتسوق الإلكتروني محلياً وعالمياً، إن «نون» تتبع سياسات وإجراءات صارمة فيما يتعلق بالمنتجات المقلدة، ففي حال العثور على أحدها، يتم إجراء تحقيق شامل، بالإضافة إلى حذف المنتج من الموقع الإلكتروني وإزالته من المخازن، كما يتم التوقف فوراً عن التعامل مع البائع. وحول شروط عملية تغليف المنتج وشحنه إلى المستهلك، قال إنه لدينا فرق خبيرة ومتخصصة في مراكز تهيئة البضائع في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، تتولى الإشراف على الطلبيات بدءاً من لحظة تسجيل الطلب، مروراً بإحضار المنتجات وتغليفها وانتهاءً بتسليمها، حيث نولي أولوية قصوى لضمان تغليف بضائع العملاء بأمان ودقة وكفاءة فائقة، لتصل إليهم بأفضل حالة. وذكر: تقدم «نون» خدمة توصيل مجانية وسريعة وعالية الكفاءة في كافة أسواقها. وحول عمليات الإرجاع والاستبدال، أوضح موخرجي أنه يتم اتباع سياسة إرجاع مفتوحة تتسم بالبساطة وسهولة الاستخدام، ففي حال كان المنتج مدرجاً بصفته «قابلاً للإرجاع» عبر الموقع، يمكن للعملاء إعادته واسترجاع كامل المبلغ الذي دفعوه، وهو ما يخضع بطبيعة الحال للشروط والأحكام المعمول بها. 1829 شكوى خلال 3 شهور كشف قطاع الرقابة التجارية وحماية المستهلك في اقتصادية دبي، عن تلقي إدارة حماية المستهلك 1829 شكوى ضد مواقع للتجارة الإلكترونية، خلال الربع الرابع من العام الماضي، بزيادة نسبتها نحو 90%، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2017.وأوضح أحمد الزعابي مدير إدارة حماية المستهلك، أن أعلى 3 أنواع من الشكاوى، خلال تلك الفترة، شملت عدم الالتزام بشروط الاتفاق، بنسبة بلغت 55%، بواقع 651 شكوى، إضافة إلى شكاوى جراء الغش التجاري، بنسبة 18%، وبإجمالي 325 شكوى، ورغبة المستهلكين في الاسترداد النقدي، بنسبة 12% وبواقع 221 شكوى.وقال إن النمو اللافت في عدد الشكاوى يعود إلى تضاعف الطلب على الشراء عبر الإنترنت، بسبب زيادة رغبة المستهلكين في التسوق الإلكتروني، إضافة إلى الزيادة الواضحة في عدد المواقع التي توفر تلك الخدمات، فضلاً عن استخدام بعضها لمنصات التواصل الاجتماعي، التي ترتفع مع انتشار استخدام الهواتف الذكية، علاوة على تضاعف تنافسية الشراء الإلكتروني للتجارة التقليدية، من حيث التنوع والوفرة والأسعار.
مشاركة :