حتى تتحقق العدالة والمساواة في السكن؟!!

  • 3/30/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الاقتراح برغبة الذي تقدم به السادة النواب: حمد الكوهجي، وعمار قمبر، وزينب عبدالأمير، بشأن إعادة النظر في أسعار الوحدات السكنية على أساس مساحة كل وحدة، وإعادة احتساب الأقساط على أساس سعر ومساحة كل وحدة، هو واحد من الاقتراحات برغبة المهمة والهادفة والعملية جدا التي تعالج مشكلة ظلت مسكوتا عنها سنين طويلة، وكان هذا لا يجوز السكوت عنه أبدا، ذلك لأن أسلوب المساواة في أسعار الوحدات الإسكانية التي تمنحها الحكومة الموقرة للمواطنين مع اختلاف مساحاتها ومواقعها ومستوى تشطيبها يتجسد فيه الظلم بعينه، ويأتي بعيدا عن كل مقتضيات العدالة الواجبة. الأخذ بالأسلوب السابق أو الحالي على أساس نظرية «أنت وبختك يا بو بخيت» أو «أنت وحظك».. قد يشكل اتهاما للمسؤولين بوزارة الإسكان بارتكابهم تهمة التكاسل، وعدم رغبتهم في بذل أي جهد يقودهم نحو تحقيق العدالة الناجزة. يقول النواب الأربعة الأفاضل في أسباب مشروعهم المتميز إن هذا الاقتراح برغبة يهدف إلى حث الحكومة على تحقيق مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين المستفيدين من الوحدات السكنية التي تقدمها وزارة الإسكان، وذلك بإعادة تقييم أسعار هذه الوحدات التي يسددها المنتفعون على أساس تفاوت مساحة الوحدات السكنية. على الجميع من السادة النواب التمسك بهذا المقترح من حيث مطالبته بإعادة تقييم أسعار الوحدات السكنية التي تم تسليمها بالفعل للمنتفعين، حيث إنني أعتبر هذه خطوة جبارة لأنها تحقق العدالة والمساواة بين المواطنين.. وعلاج حالات من الظلم البيّن التي لا يجوز السماح لها بأن تتكرس أبدا. وعلى فكرة.. لا يجوز لأحد الادعاء بأن ما حدث قبل ذلك قد تحصن، كما لا يجوز القول بعدم جواز الاقتراب منه أو إعادة النظر فيه.. فمن أجل تكريس العدالة كل شيء يهون! وإن كان المهم بالدرجة الأولى هو عدم استمرار أو استمراء حالات الذين حصلوا على وحدات سكنية محدودة المساحة في دفع مقابل وأقساط متساوية مع من حصلوا على وحدات «فسيحة يجري فيها الخيل»!! أقول، المهم ما أشرت إليه عاليا.. وبعد ذلك يمكن للحكومة إذا أرادت بحث إعادة النظر في وضعية الذين حصلوا على وحدات فسيحة بمقابل أقل مما كان يجب أن يحدد بالنسبة إليهم.. ذلك لأن مثل هذه الحالات هي موضع إعادة النظر.. وفي مثل هذه الحالات يمكن النظر في مسألة التحصن والتحصين.. مادام المستفيدون لا دخل لهم في تحديد أسعار المساحات أو تحديد قيمة الأقساط. على أي حال فإن التوجيهات المشددة لصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر بالبدء في بناء مساكن الحكومة التي توزع على المواطنين بمساحات فسيحة.. حيث كان يجب الالتفات مبكرا إلى هذا التوجه، وحيث ثبت أنه توجد شقق إسكانية يعيش فيها أو يسكنها ثلاثة أجيال «الجد وأبناؤه، والآباء وأبناؤهم وبناتهم، والأحفاد وأبناؤهم وبناتهم!!». على العموم.. لا يمكن القول إلا إنها لفتة إنسانية كريمة ورائعة من لدن سمو رئيس الوزراء.. ذلك لأن هذه اللفتة سيترتب عليها مراعاة ظروف الأجيال المتعاقبة التي يفرض عليها تواصل العيش في شقة واحدة حتى يأتي عليهم الدور لتحقيق طلباتهم الإسكانية وتحقيق المساواة بين الجميع. لكن هذا التوجه الكريم من لدن سمو رئيس الوزراء لا يقلل من أهمية وجدوى الاقتراح برغبة الذي قدمه السادة النواب الأفاضل الأربعة.. لأنه من الصعب الوصول إلى هدف جعل جميع الشقق متماثلة المساحة على طول الخط، بسبب تفاوت بعض مساحات ومواقع الأراضي التي يتم بناء الوحدات عليها.. فهذا البعض تفرض عليه تفاوت المساحات بمعنى الاضطرار إلى جعل مساحات بعض الوحدات شاسعة، أما البعض الآخر فقد تشوبه أو يعتريه الضيق.. وقد يكون هذا التفاوت في مساحات الوحدات حتميا، ومن الصعب تفاديه.. أقول حتميا حتى يستقيم البناء وإنجاز المشاريع الإسكانية في انسيابية وسلاسة ضرورية لسرعة الإنجاز وعدم التعطيل. ويبقى أن توجيهات سمو رئيس الوزراء بزيادة مساحات الوحدات السكنية سواء التي تبنيها الحكومة أو التي يشيدها القطاع الخاص ثم يسلمها إلى الحكومة تمهيدا لتوزيعها على المواطنين هي التوجيهات التي أثلجت صدور الكثير من المواطنين.. لأن هناك من يفضلون الشقق الإسكانية الفسيحة على البيوت، لأن سعرها يكون أقل، ثم إنها تكون آمنة ومحمية.. ثم إن هذه الشقق الفسيحة هي التي تحكمها مستحكمات شح الأراضي التي يتم البناء عليها وهي التي سوف يفرضها المستقبل في إلحاح كبير وبدرجة أشد. وفي الختام نعود إلى ما بدأنا به من حيث الإشادة برغبة السادة النواب الأربعة من حيث إعادة تقييم أسعار الوحدات السكنية المتفاوتة المساحات للوحدات الإسكانية الموزعة على المواطنين. وقد حرص مقدمو الاقتراح على تأصيله بالقول إن هذا الاقتراح ملزم بنص المادة (4) من دستور البحرين، حيث إنه يتماشى مع أن العدل هو أساس الحكم والتعاون، وأن التراحم صلة وثقى بين المواطنين، وأن الحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والتضامن الاجتماعي، وتكافؤ الفرص بين المواطنين، هي كلها دعامات للمجتمع تكفلها الدولة.. كما نصت الفقرة (د) من المادة (9) من الدستور على: «أن تعمل الدولة على توفير السكن لذوي الدخل المحدود من المواطنين»، وأشارت مذكرتهم بشأن هذا الاقتراح أيضا على أن مساحات الوحدات السكنية تختلف من منطقة إلى أخرى، كما تختلف مساحاتها من مشروع إسكاني إلى آخر، ولا بد أن يترتب على ذلك بالضرورة اختلاف أسعارها.. كما أن تساوي الأقساط في جميع المساحات لا يمكن أن يتوافق مع مقتضيات العدالة والمساواة.

مشاركة :