تظاهرة ثقافية كبيرة تعيشها العاصمة كل عام، وما تكاد تودعها حتى تعد الأيام لعودتها مرة أخرى في حُلة أجمل وأبهى. معرض الرياض للكتاب شرع أبوابه يوم الخميس الماضي لاستقبال مئات الآلاف من الزوار والباحثين عن العلم والمعرفة. معرضٌ يُقام كل عام برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – حريّ به أن يكون على مستوى التطلعات والآمال وأن يضيف لبنة في بناء الثقافة والمعرفة في المملكة العربية السعودية. لا نشك أن الغالبية العظمى من مرتادي المعرض وزواره تحدوهم الآمال وتدفعهم الرغبة في الاطلاع على كل جديد في عامل التأليف والترجمات بمختلف فنونها وآدابها، ولا نشك أيضا أن الجهات المشاركة ودور النشر والمكتبات تحرص أيما حرص على أن تقدم أفضل وأحدث ما لديها من نتاج فكري يوائم رغبات جامحة من طلاب المعرفة ورجالاتها في الاقتناء والعلم بكل ما هو جديد. من هم إذا الذين نقول لهم لطفا (لا تزوروا معرض الكتاب) إنهم نسبة ضئيلة من الزوار تجيء للمعرض كي تبحث عن النواقص والسلبيات، إن وجدت، وتشوه الصورة العامة لهذا المحفل الثقافي والعاملين على إقامته وإنجاحه. تجد الواحد من اولئك يتنقل من دار لأخرى ومن مكتبة لمكتبة يبحث في ثنايا الرفوف عن كتاب سمع أنه مخالف علّه يجده أو غيره من المعروضات كي يعاتب هذا ويصرخ في وجه ذاك ويُجيّش الآخرين ويكيل التهم جزافا لكل من حاول التعليق أو الإيضاح. نحن لا ننزه معرض الكتاب عن بعض نواحي النقص والقصور الرقابية غير المقصودة، ولكننا لا نتفق مع من يُصدر أحكاما على المنظمين ويقوم بتصرفات غير نظامية تمس العارضين ويتهمهم بأن ما أقدموا عليه قٌصد به الإساءة إلى العقيدة أو الدولة أو المجتمع. عندما نعلم أن هناك أكثر من ست مئة ألف عنوان ورقي وإلكتروني في المعرض، كما ذكر الدكتور ناصر الحجيلان وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية، عندما نعلم ذلك فهل نتصور أن الجهات الرقابية مرت على كل صفحة وتأكدت أنه لا يوجد فيها أي محذور. لو كان الأمر كذلك فإننا نحتاج إلى من يقرأ كل عام مئة وثمانين مليون صفحة على اعتبار أن معدل عدد الصفحات هو ثلاث مئة صفحة لكل عنوان. نحن لا ننادي بعدم الرقابة والتأكد، والواقع يقول إن هناك كتبا كثيرة يتم منعها قبل دخولها منافذ المملكة وأخرى يتم استبعادها من قبل المراقبين في المعرض، ومع كل ذلك فلا يمكن استبعاد وجود بعض الموجودات المخالفة التي غفلت عنها عين الرقيب وهي تستوجب الإبعاد. إذا والحالة هذه: ماذا يجب عليك أن تفعل يا من وجدت مخالفة في مطبوعة تستوجب الإبعاد. كل ما عليك هو تعبئة الاستمارات الخاصة بالملاحظات والشكاوى وتسليمها للجهات المختصة في المعرض والتي بدورها ستتابع الموضوع وتتخذ الإجراء المناسب. يا من تزورون المعرض: دعونا نعيش أياما ثقافية بديعة ننهل فيها من المعرفة، وفي الوقت نفسه إن وقعت أعينكم على أي مادة مخالفة لا تسكتوا عنها وتعاملوا مع الموقف بأريحية وأبلغوا الجهات المختصة بهدوء وبما يكفل انسيابية الحركة داخل الأروقة والممرات، ولا تنسوا أن هناك أناسا تكبدوا عناء السفر، وآخرون يتحينون الفرصة ليوم واحد يزورون فيه المعرض لاقتناء ما يريدون فلا تحرموهم متعة الارتياد واقتناء كل ما هو نافع ومفيد.. وبالله التوفيق.
مشاركة :