تعقد فعاليات القمة العربية الدورية العادية الـ 30 في تونس بمشاركة قادة وزعماء ورؤساء الدول العربية، تستمر على مدى يومين، في أجواء من التوتر متنوعة الأسباب يمر بها العالم العربي، ويغلفها اضطرابات سياسية وإقليمية وأزمات عالقة دون حلول فعلية، وعدم استقرار في عدد من الدول العربية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.ورغم كل التحديات التي تواجه المنطقة العربية إلا أن القضاء على تنظيم داعش في العراق يظل أيقونة تلك الدورة لما يترتب عليه من دحر للإرهاب بكافة أشكاله وصوره.ويبقى انعقاد القمة العربية أمر ليس ضروريا فقط بل حتميا ومطلوبا لإحداث الغطاء العربي المطلوب لاستمرار العرب كقوة سياسية واقتصادية ملموسة، لما يناقشه من موضوعات وملفات تتسم بالحساسية أحيانا وبالمصيرية أحيانا أخرى، ويتيح الفرصة للقاءات الثنائية والتباحث بين القادة العرب.وتمثل القضايا المطروحة على جدول أعمال القمة تحديا بالغ الخطورة، حيث ستسعى القمة إلى بحث ودراسة هذه القضايا واتخاذ قرارات مصيرية بشأنها، الأمر الذي يجعل القادة العرب مطالبين باتخاذ قرارات جريئة حيالها، وتعزيز التنسيق ودفع عجلة التضامن العربي إلى مستويات أكبر مع الوضع في الاعتبار جسامة التحديات وتعددها، إضافة إلى تعزيز آليات العمل العربي المشترك في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. ومن الملفات الأكثر تعقيدًا والتي فرضت نفسها بشكل كبير على جدول أعمال القمة، الوضع في سوريا حيث دخلت الأزمة السورية عامها الثامن ولا تزال وتيرة العنف مستمرة فيها وتعجز القرارات الأممية على إيجاد حل سياسي لها وفقا لمخرجات بيان جنيف "1" في عام 2012، بالإضافة إلى قرار الرئيس الأمريكي الصادر مؤخرا بالاعتراف بأحقية إسرائيل في هضبة الجولان، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وأهمها القرار "2254" لعام 2015.كما ستناقش القمة القضية الفلسطينية وما تواجهها من تحديات تزايدت بشكل ملحوظ في الأونة الأخيرة وأصبحت معها آفاق السلام مسدودة، وكذلك الوضع في اليمن وليبيا وتزايد تكلفتهما المادية والبشرية دون حلول سياسية تذكر، حيث يتطلب الوضع في اليمن المزيد من العمل في ظل ما تقوم به ميليشيا الحوثي الانقلابية من تجاوزات وما آلت إليه الأمور بسبب انقلابها على الحكومة الشرعية وانحراف البوصلة السياسية في اليمن، بعد أن شكلت مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربي ومخرجات الحوار الوطني طريقًا سياسيًا ناجحًا لحل الأزمة ومساعدة اليمن على الخروج من عنق الزجاجة.وتظل التدخلات الخارجية خاصة الإقليمية في الشئون الداخلية للدول العربية مصدرًا للخطر يتوجب مواجهته بفاعلية لما تشكله هذه التدخلات من خطر حقيقي وداهم على الأمن القومي العربي.
مشاركة :