تمكنت الاستثمارات الإماراتية في الخارج من التغلب على المخاوف التي باتت تسيطر على الاقتصاد العالمي من خلال استراتيجية تعتمد الحكمة والذكاء، وإعطاء الأولوية في المرحلة المقبلة للدول العربية، بحسب جمال سيف الجروان، أمين عام مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج. وقال الجروان في حوار مع «الاتحاد»، إن تنويع الأصول ومجالات الاستثمار وتعدد الأقاليم والدول منح الاستثمارات الإماراتية في الخارج العديد من الميزات والحصانة ضد تقلبات الاقتصاد العالمي، فضلاً تطرق تلك الاستثمارات للمجالات التقنية الحديثة والمتطورة. وتناول الجروان خلال حواره، الاستثمارات الإماراتية في الشرق الأوسط، والخطط المستقبلية لتحقيق مزيد من الاستثمار في الدول العربية وآسيا وأفريقيا، والقطاعات الأكثر استقطاباً للاستثمارات المقبلة. قال الجروان، إن التوتر الاقتصادي بين الصين وأميركا انعكس على تباطؤ التجارة العالمية والإقليمية لأنهما أكبر اقتصاد في العالم، مشيراً إلى ترقب الكل لاتفاق متوقع بينهما بناء على التصريحات الإيجابية الأخيرة التي خرجت من الجانبين، و«هناك أيضاً توجه للوصول إلى اتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي سيكون له تأثير على الصعيد العالمي، بما يعطي استقراراً وأملاً لإعادة عجلة النمو الاقتصادي في أوروبا، لأن الخروج من دون اتفاق سيؤثر على بريطانيا وعلى الشركاء التجاريين مع بريطانيا تباعاً». وأكد الجروان أن «رأس المال ينظر للأمام دائماً»، والأوضاع العامة في المنطقة تتغير بشكل دائم، وهناك تطورات مهمة في المشهد السياسي، والأمن والاستقرار أساس للتوجه للاستثمار في أي دولة أو منطقة، مضيفاً أن المنطقة العربية، هي الأفضل حالياً للاستثمار رغم الأحداث الجيوسياسية القائمة. وتابع «نأمل أن يتحسن الوضع العام، وهناك مؤشرات تؤكد هذا، مشيداً برؤية الإمارات في تأمين استقرار مصر لجذب الاستثمارات إليها». السعودية ومصر وأشار الجروان إلى أن مجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج يرى أنه ستحدث انفراجة العام الجاري في بعض الدول العربية، بعضها جاذب للاستثمار، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية. وأضاف أن السعودية فيها مشروعات عملاقة، وتنتهج سياسة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، مدعومة بتحسن البيئة الاستثمارية، ما أوجد قناعة لدى المستثمرين الإماراتيين أن السعودية تتجه لمشاركة فعالة مع القطاع الخاص الأجنبي، خاصة بعد إنشاء مؤسسة معنية بالاستثمار الأجنبي. ويرى المجلس وجود فرص كبيرة في مشروعات المملكة، في مقدمتها مشروع «نيوم»، الذي وصفه بالعملاق، لأنه مدينة متكاملة لكل القطاعات الحيوية الاقتصادية، إضافة إلى المشروعات العقارية الجديدة في المملكة، بينها مشروع الرياض الأخير ومشروعات تجارية أخرى. وقال الجروان «هناك بوادر إيجابية، والقطاع الخاص الإماراتي لديه رغبة كبيرة في دخول عدد من المشروعات الحالية في السعودية». وأوضح الجروان، أن قائمة الدول التي ستشهد زيادة في الاستثمارات الإماراتية الخارجية للعام الجاري تتضمن السعودية ومصر والمغرب وعمان والجزائر وتونس، لافتاً إلى أن إجمالي الاستثمارات الخارجية الإماراتية حالياً في السعودية تبلغ 10 مليارات دولار، ومصر 16 مليار دولار، والمغرب 15 مليار دولار، وتونس 4 مليارات دولار، وسلطنة عمان 4 مليارات دولار، والأردن 15 مليار دولار، ودعا القطاع الخاص للنظر إلى ليبيا وسوريا والعراق ولبنان، متوقعاً حدوث انفراجة في تلك الدول وظهور فرص استثمارية كبيرة، مؤكداً وجود توجه إماراتي إيجابي تجاه لبنان، وأنه مقصد استثماري هام. 1.5 تريليون دولار وقال «نرى ضرورة تكثيف الاستثمارات في العالم العربي، لمضاعفة وجود الإمارات والحافظ على موقعها الاستثماري في الخارطة الاقتصادية بالمنطقة بالمركز الأول»، لافتاً إلى أن تقديرات إجمالي الاستثمارات الإماراتية في الخارج، سواء حكومية أو خاصة، تبلغ 1.5 تريليون دولار، موزعة بين استثمارات البنوك، البالغة نحو 190 مليار دولار، والصناديق السيادية 1.2 مليار دولار، والشركات العائلية والخاصة وشبه الحكومية. وأشار إلى أن الاستثمارات الإماراتية بدأت في الأوراق المالية، وخلال السنوات العشر الماضية توجهت إلى البنية التحتية، قائلاً «لابد أن يرتبط الاستثمار بالأمن السياسي والأولوية للدول العربية ويجب أن يكون للإمارات تواجد أكبر، لذا علينا أن نراقب ما يحدث في سوريا والعراق وليبيا، وهناك تحديات ومشاكل يجب علينا التعامل معها ومواجهتها وأن نكثف من جهودنا الاستثمارية لتحقيق مزيد من الاستقرار، لافتاً إلى أن هذه الثقافة هي امتداد لنهج زايد في تحقيق الاستقرار للشعوب عبر الاستثمارات التنموية». ووصف الجروان، توجه الإمارات بالاستثمار في الصين والهند بـ«التوجه الحكيم والذكي»، لأن النمو قادم من آسيا، قائلاً «هناك توجه لآسيا ممتاز»، مضيفاً أن الإمارات تنتهج الشفافية والتوازن والوضوح، وتعمل بأفضل الممارسات السياسية الاقتصادية العالمية، واستشراف المستقبل مدللاً على ذلك بالتوجه لليابان، حيث تشير تقارير «مورجان ستانلي»، التي صدرت حديثاً إلى أن اليابان مقبلة لتكون أحد مراكز أسواق المال العالمية. أفريقيا الديناميكية وحول التوجه لأفريقيا قال الجروان «السوق الأفريقي يتسم بالديناميكية، ونحن ننظر إليه بشكل متكامل لأنه يتطلب آلية عمل مختلفة، وتواجدنا فيه مهم، ويجب التركيز في قطاع تجارة التجزئة لتوفر فرص كبيرة هناك إذا توفرت الفرص الصحيحة»، مشيراً إلى تنافس 3 دول في السوق الأفريقية، هي مصر والمغرب والجزائر، وتونس في الطريق، لافتاً إلى مباحثات مع الإمارات للدخول إلى السوق الأفريقية في شراكات عربية عربية. ويرى الجروان أن عام 2019 سيشهد زيادة في الاستثمار نحو قطاع النفط والغاز نتيجة لارتفاع العائد بنسبة 29 % عالمياً، وفقاً لأحدث المؤشرات السوقية مشيداً بأداء وتوجهات «أدنوك» و«مبادلة». ديناميكية استخدام مختلف القنوات الرسمية لحل القضايا أكد جمال سيف الجروان، أمين عام مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، أن المجلس يستخدم مختلف القنوات الرسمية في التعامل مع قضايا المستثمرين الإماراتيين في الخارج، لافتاً إلى أن «اتصالات» حصلت على براءة تامة في قضية الهند، و«يبقى استرداد الأموال وفقاً لآليات اتصالات في استرداد المبلغ الذي تم رصده»، مشيراً إلى «ضرورة وجود هيكلية قانونية صحيحة». وقال الجروان «زرت بعض الدول العربية لحل بعض مشاكل المستثمرين وبعد النقاش مع المسؤولين هناك قالوا، إن هناك ضعفاً في الأداء القانوني لأن المستثمر الإماراتي لا يقوم أحيانا بدراسة السوق من مختلف النواحي بصورة دقيقة». ويضم مجلس الإمارات للاستثمار مجموعة مستثمرين ومندوبين من وزارات الاقتصاد والتعاون الدولي والطيران المدني، ووزارة الخارجية، ويعمل المجلس على إدارة الاستثمارات والتنسيق مع الحكومات لحل المشاكل وتذليل الصعوبات أمام المستثمرين، ويجتمع المجلس 4 مرات سنوياً بحضور القطاع الحكومي والخاص برئاسة معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد. وتشكل الاستثمارات الحكومية 80% من الاستثمارات الإماراتية في الخارج، وهي من نصيب الصناديق السيادية، والنسبة المتبقية للشركات الإماراتية العائلية والخاصة وشبه الحكومية. وبدأت الإمارات استراتيجية التنويع الاقتصادي بالاستثمار في الخارج منذ 47 عاماً، ليتجاوز حجم الاستثمارات الخارجية للدولة، حكومية وخاصة، بحلول 2019، نحو 1.5 تريليون دولار في أكثر من 70 دولة. ويعد المجلس المظلة لتنمية الاستثمارات الوطنية الصادرة وحماية المستثمرين، وتوفير المعرفة التي تساهم في نمو أعمالهم بالخارج. واستطاعت الاستثمارات الإماراتية الخارجية تحقيق ثقة العديد من الأسواق الخارجية، وتنوعت هذه الاستثمارات في قطاعات عديدة، وتولي أهمية أكبر لقطاعات الطاقة، والاتصالات، والعقار، والتجزئة، والأوراق المالية، والسندات، والبنوك، والتعدين، والسياحة، والزراعة. وأكد الجروان أن المجلس قيمة كبيرة للاستثمارات الإماراتية العاملة في أنحاء العالم ويعزز مكانتها الإقليمية، ويعمل على دعم الشركات الاستثمارية الحالية وعلى توسعة مشروعاتها. إصدار وثيقة الهيكلة القانونية للمستثمر الإماراتي بالخارج كشف جمال سيف الجروان، أمين عام مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، اعتزام المجلس، إصدار الوثيقة الهيكلية القانونية المثلي للمستثمر الإماراتي في الخارج، خاصة فيما يتعلق بالعقود، مضيفاً أنه سيتم تقديمها خلال اجتماع المجلس الشهر المقبل لاعتمادها. وأشار إلى أن المجلس جهة استشارية لإبداء الرأي، والقرار النهائي يقع على المؤسسات في التعامل مع الشركاء في الخارج، واستشهد على أهمية العقود بشركة دانة غاز، التي حصلت على أموالها نتيجة تضمين العقد بنداً أنه في حالة الخلاف يتم الاحتكام إلى القانون البريطاني، مطلقاً على ذلك البند مصطلح «فقرة الساعة 12». ودعا المستثمر الإماراتي بضرورة دراسة السوق وتقييمه وتوقيع شراكات صحيحة ومراجعة العقود الموقعة. وطالب بإجراء «الفحص النافي للجهالة»، الذي يشمل 10 قطاعات ومحاور تتعلق بالاستثمار، وتشمل الجانب التجاري والقانوني، حيث يتطلب القوانين والضرائب وتاريخ الشريك بنكياً ومصداقيته والمنافسين والنمو الاقتصادي والمتابعة الدورية للتقارير والحوكمة. كما دعا المستثمر الإماراتي في حال، حصة الأغلبية، إلى أن يضمن الإدارة عبر تعيين رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، والرئيس المالي، إضافة إلى ضرورة إنشاء وحدة مختصة بمتابعة الاستثمارات الخارجية للمؤسسة، عازياً أغلب القضايا التي حدثت للمستثمرين بسبب غياب المتابعة.
مشاركة :