قبل سنة لم يكن كثير من الفرنسيين يعرفون من تكون «كريستين أند ذا كوين». بل إن اسمها الفني الحالي لم يكن قد خطر في بال صاحبته بعد. وفجأة، في الحفل الأخير لتوزيع جوائز «فيكتوار» للموسيقى، وقفت على المسرح مغنية مذهلة في صوتها واستعراضها واستحقت جائزة أفضل موهبة مكتشفة خلال 2014. اسمها الأصلي الذي تود لو تنساه هو إلوييز ليتيسييه. وهي شابة تبلغ من العمر 26 عامًا، من مواليد ضواحي مدينة نانت، غرب فرنسا، تفوقت في الدراسة ونالت الإجازة في علوم المسرح لكن كل هذا لم يكن يرضيها أو ينسجم مع طموحها إذ توجهت إلى باريس وفي رأسها مشروع يجمع ما بين الغناء والاستعراض والفيديو والرسم والتصوير. تروي إلوييز أن الإلهام هبط عليها حين كانت في رحلة إلى لندن، قبل 4 سنوات. لقد دعيت إلى حفل في ناد يقدم عروضًا راقصة. ورغم أنها ليست من النوع الذي يرتاد الملاهي الليلية لكنها لبت الدعوة لأن المناسبة كانت خطوبة صديقة عزيزة عليها. وهناك شاهدت رجالاً يغنون وهم متنكرون في ثياب نساء، أي ممن يطلقون عليهم تسمية «دراغ كوين»، فخطر في بالها أن تتخذ اسمًا فنيًا هو «كريستين أند ذا كوين». كانت من المعجبات بالفنان ديفيد بوي وتملك مواهب في التأليف والتلحين والغناء والرقص. فقررت أن تقدم استعراضًا ترتدي فيه البدلة الرجالية الغامقة مع القميص الأبيض. وهي تدافع عن مظهرها الملتبس بالقول إن من حق الفرد ألا يجري تصنيفه وفق نوعه أو جنسه. لكن الحقيقة هي أن الشابة الفرنسية كانت حادة الذكاء وقد درست الوسط الفني وبحثت عن نكهة جديدة غير موجودة على المسرح. ولما بدأت تقدم أولى استعراضاتها، مع موسيقيين وراقصين يعدون على الأصابع، فإنها كانت واثقة من النتيجة ومن تأثير عملها على الجمهور. وكان يكفي أن تقدم أغنيات تنطوي على شيء من الحنين، مثل «سان كلود» أو «فردوس مفقود»، لكي تصبح الكلمات على كل شفة ولسان وتتراكم أرقام المبيعات. في استعراضها الذي قدمته في حفل جوائز الموسيقى، لم تبهر الجمهور بصوتها وموسيقاها فحسب، بل بالإخراج المركب من رقص وصور وأفلام ومن منظرها وهي تطير في فضاء المسرح، عند انتهاء الأغنية. وهو المشهد الذي قلدته النجمة الأميركية مادونا في أحد أفلامها الدعائية، فيما بعد. ولم تكن تلك أولى جوائزها، بل حصلت على جائزتين، الأولى في مهرجان «ربيع بورج» الذي يقام في بلجيكا والثانية من مهرجان «فرانكوفولي». وحال ذيوع اسمها تعاقدت معها إحدى شركات الإنتاج المرموقة في فرنسا ووفرت لها أفضل الإمكانيات الفنية لتسجيل أسطواناتها. وهكذا ظهر ألبومها الأول حاملاً عنوان «دفء إنساني». إنها لا تغني للشبيبة المراهقة فحسب، بل تجتذب نصوص أغنياتها جيل الآباء والأمهات أيضًا. قدمت كريستين أند ذا كوين نوعًا مبتكرًا و«عاقلاً» من موسيقى «الإلكترو بوب». واختارها النجم الصاعد «ستروماي» لتغني في القسم الأول من حفلاته. وكتبت عنها جريدة «الفيغارو» تصفها بأنها مغنية تعرف كيف «تكهرب» المستمعين. وهكذا استقلت الموهبة الجديدة عن غيرها وبدأت تقدم حفلات خاصة بها وقامت بجولات في كبريات المدن الفرنسية. ولما سافرت للغناء في كندا، مؤخرًا، استقبلها الجمهور هناك وكأنها من النجمات المكرسات وكان يردد معها أغنياتها ويحفظها على ظهر قلب. أما التتويج فجاء من صالة «الأولمبيا» في باريس، المسرح الذي لا يقف عليه إلا الكبار في عالم الموسيقى. وقد نفدت كل تذاكر حفلتها التي قدمتها أمس، خلال ساعات من طرحها للبيع.
مشاركة :