أجمع عدد من المختصين على قدرة الشاب السعودي على توليّ المناصب القيادية، شريطة توافر البيئة السليمة في أيّ شركة أو دائرة أو قطاع، إلى جانب حصوله على التقدير والتطوير والتدريب، وكذلك ثقة بعض رجال الأعمال ممَّن يرون أنَّ الشاب السعودي حمل ثقيل ينوءون بحمله مقارنةً بغير السعودي، مُضيفين أنَّ على من يُشكك في كفاءة شبابنا أن يتجه إلى الشركات الكبرى، مثل "سابك" و"أرامكو"، وغيرها من الشركات، حيث سيجد نفسه محاطاً بكوكبة من الشباب السعودي المتقد حيوية وحرفية عالية كل في مجاله، مُشيرين إلى أنَّه ليس المطلوب من أرباب العمل، سواء كانت جهات حكومية أو خاصة تقليد الشاب منصب قيادي من أول وهلة، بل إنَّ المطلوب هو أن يكون هناك مجال للتطوير وبيئة خصبة تشجع الشاب على الابتكار والإبداع. ورأى آخرون أنَّ فكرة توليّ الشباب لمناصب قيادية، فكرة غير سديدة، - على حد ذكرهم - مُشيرين إلى أنَّه يمكن الإفادة من طاقاتهم المكبوتة فى مواقع أخرى تكون لهم بداية لتولي المناصب العليا مستقبلاً، مُشدّدين على أهمية إنشاء مراكز ومعاهد متخصصة لإعداد القادة تكون مهتمة بتهيئة الموظفين علمياً ونفسياً وإدارياً لتوليّ المناصب القيادية مستقبلاً، على أن يخضع المتدربون فيها إلى الاختبارات وصقل المهارات. تصحيح الأخطاء وقال "وائل الشدي" -موظف: "إنَّ ضخ الدماء الجديدة في الإدارات الحيوية تجدد فيها النشاط، حيث الشاب الطموح لديه القدرة على معالجة أخطاء من سبقه، كما أنَّ بإمكانه الإفادة من التجارب الناجحة في الدول المتقدمة، ما يُساهم في تصحيح الأخطاء التي واجهها خلال عمله، إلى جانب ابتكار أفكار جديدة بناءة"، مُضيفاً أنَّ من أبرز معوقات وصول الشاب للمناصب القيادية، هو عدم وضع الموظف المناسب في المكان المناسب. وبيَّن أنَّ من بين هذه المعوقات، وجود نوع من المحاباة في الترشيح لبعض المناصب العُليا، مُضيفاً أنَّ هذا هو من الأسباب المؤدية للاخفاق الحاصل في بعض القطاعات الحكومية، مُشيراً إلى أنَّ الموظف السعودي في عدد من شركات القطاع الخاص يحصلون على رواتب اقلَّ من المطلوب مقابل إنجاز مهام لا تتناسب مع هذا الراتب، كما أنَّه يفتقد إلى الأمان الوظيفي، ما يجعله غير قادر على إتمام ما هو مطلوب منه على الوجه الصحيح. إرادة كبيرة وأوضح "سليمان اليوسف" - طالب جامعي - أنَّ القيادة الإدارية والفنية في القطاعات الحكومية والأهلية بحاجة إلى إرادة كبيرة وعزم قويّ وإخلاص واضح من أبناء الوطن، مُضيفاً أنَّ الشاب السعودي أولى من يُمسك بزمام المناصب القيادية، وذلك للأسباب الثلاثة التالية، وهي: امتلاكه الوازع الديني، حيث ثقافة المجتمع السعودي المحافظ تنبثق منها كل سمات النزاهة والعدل ومراقبة الله، وبذلك يكون الشاب السعودي دوماً على أهبة الاستعداد لتوجيه دفة القيادة عبر المناصب القيادية نحو التطور. وأضاف أنَّ السبب الثاني يكمن في حب الشاب السعودي وطنه، متسائلاً: كيف لا يكون الإخلاص للمنصب القيادي من قبل الشاب السعودي ووطنه هو أرض الوحي ومهبط الرسالة، موضحاً أنَّ السبب الثالث يتمثل في امتلاك الشاب السعودي الكفاءة المطلوبة، فلو كان للنجاح عين لرأت أنَّ الشاب السعودي يحمل سمات الكفاءة بأعمدتها الثلاثة المهارة والمعرفة والقدرة، مؤكِّداً أنَّ لتطور التعليم دور فاعل في تهيئة الشاب السعودي للتدرّج في المناصب القيادية. دورات تدريبية وتعجَّب "اليوسف" من الأمور التي تحول دون وصول الشباب في المملكة إلى تولي المناصب القيادية، مُضيفاً: "أنا كطالب في كلية الهندسة، أجد أنَّ التفاؤل بمنصب قيادي مجرد وهم، حيث يسيطر العنصر غير السعودي على عدد من المناصب القيادية في القطاع الخاص، ولأنَّ الانسان عالمٌ من الموضوعية والتحيّز، فإنَّ انحياز العنصر غير السعودي لبني جلدته أمر واضح وشائع بين موظفي القطاع الخاص، حتى في حال كان الشاب السعودي أكثر كفاءة وأمانة منه. وبيَّن أنَّنا لو أخذنا نظرة عابرة على القطاع الحكومي، فإنَّنا سنجد أنَّ فرص التطوير ضئيلة أو معدومة، حيث تقل الدورات التدريبية والندوات التثقيفية، إلى جانب عدم توافر الحوافز التشجيعية لكثير من الموظفين في القطاع الحكومي. توطين الوظائف وأكَّد "صالح الغامدي" - خبير إداري - أنَّ الشاب السعودي قادر من دون أدنى شك على توليّ المناصب القيادية، موضحاً أنَّه كلَّما وجد الشاب البيئة السليمة في أيّ شركة أو دائرة أو قطاع يُستقبل فيه بكل تقدير ويجد التطوير والتدريب وقبلهما يجد من يحترمه ويقدره، فإنَّه سيبدع، مبينًا أن بعض رجال الأعمال لديهم عقدة فيما يتعلّق بتوطين الوظائف، حيث يرون أنَّ الشاب السعودي حمل ثقيل ينوءون بحمله. وأضاف أنَّه حينما يُفرض على هؤلاء تعيين الشاب السعودي من قبل "وزارة العمل"، فإنَّ الشاب قد يجد نفسه محاطاً بغير السعوديين الذين لا يهمهم ساعات العمل إن طالت، وبالتالي فإنَّ صاحب العمل يتحجج بعدم إمكانية هذا الشاب من العمل أصلاً، ويرى أنَّه من الإجحاف المقارنة بينهم وبين الشاب السعودي الذي لديه بالطبع أسرة وأصحاب و متطلبات أخرى، مُشيراً إلى أنَّ على من يشك في قدرة الشباب على توليّ المناصب القيادية أن يتجه إلى الشركات الكبرى. تجربة «سابك» و«أرامكو» فجّرت طاقات الشباب.. نعم يستطيعون! بيئة خصبة وأشار "الغامدي" إلى أنَّ من يذهب إلى الشركات الكبرى، مثل "سابك" و"أرامكو"، وغيرها سيجد نفسه محاطاً بكوكبة من الشباب السعودي المتقد حيوية وحرفية عالية كل في مجاله، مُضيفاً أنَّه ليس المطلوب من أرباب العمل، سواءً كانت جهات حكومية أو خاصة أن يُسلِّموا الشاب منصب قيادي وريادي من أول وهلة، فهذه مجازفة لن يقوم بها أحد وليس هناك من يطالب بها، لافتاً إلى أنَّ المطلوب هو أن يكون هناك مجال للتطوير وبيئة خصبة تشجع الشاب السعودي على الابتكار والإبداع. وأوضح أنَّ التحجّج بالمؤهلات أصبح شماعة عند بعضهم، مُشيداً بأحد رجال الأعمال ممَّن ذكر أنَّ التخصص انطلاق وليس انغلاق، حيث إنَّه لم يكن يكترث بالتخصص عند البحث عمَّن يشغل الوظيفة، مُضيفاً: "نعم يهمه أن يكون المتقدم للوظائف القيادية يحمل مؤهلا جامعيا، بيد أنَّ التخصّصات التقنية الأخرى كان يقبل بها الجميع، ومن ثمَّ فإنَّ التقويم لديه في الشركة يتم من خلاله معرفة الجيد ومن هو حريص على الوظيفة". وانتقد من يدعي أنَّ الشباب في المملكة غير مؤهل علمياً ونفسياً لصنع الانجازات أسوةً بنظرائهم في الغرب، مُضيفاً: "مع احترامي لمن يقول هذا الكلام، إلاَّ أنَّ الواقع والنجاحات التي يحققها شبابنا هنا وهناك دليل على أنَّهم مؤهلون، بل ويتفوقون على قرنائهم، بشرط أن تتوافر لشبابنا البيئة الصحية اللازمة لصناعة الإبداع". قرارات مصيرية وقال "د. محمد بن دليم القحطاني" - باحث اقتصادي: "إنَّ فكرة توليّ الشباب مناصب قيادية أو ريادية، سواء في القطاع الخاص أو الحكومي فكرة غير سديدة - من وجهة نظره - مضيفاً أننا لا نحتاج إلى شباب ذوي فكر محدود، فالشباب يحتاج إلى من يقودهم، فكيف يقودون أناساً أكثر منهم خبرة وأكبر عمراً؟"، مُشيراً إلى أنَّ القيادة تحتاج إلى حكمة فى اتخاذ القرارات المصيرية، سواء لشركة أو مشروع أو حتى دولة، موضحاً أنَّ الحكمة تأتي نتاجاً لخبرة السنين التي تعصف بالإنسان. وبيَّن أنَّه نشأ في العالم العربي ما يسمى "موضة الشباب"، وهي تعيين الشباب الذين لم يخوضوا العمل الصعب ولم تصفعهم تجارب الحياة، مُشيراً إلى أنَّه كم من شخص تولى منصبا قياديا لم يستطع إنجاز شيء يذكر، وكل الذي استطاع تحقيقه هو من جهد من سبقه أو الذين يعملون تحت رئاسته، موضحاً أنَّهم بعيدون كل البعد عن ملامسة الإنجازات وحل المشكلات التي تصادف الناس، مؤكّداً أنَّ القيادي الناجح هو من يضع خططاً وأهدافاً بعيدة المدى. معاهد متخصصة وأوضح "د. القحطاني" أنَّ الفساد لا يكون في المال فقط، بل إنَّ إهمال المعاملات في المكاتب يُعدّ فساداً أيضاً، كما أنَّ تأخير المستفيدين يُعد من الفساد، مُشدّداً على أهمية إنشاء مراكز ومعاهد متخصصة لإعداد القادة تكون مهتمة بتهيئة الموظفين علمياً ونفسياً وإدارياً لتوليّ المناصب القيادية مستقبلاً، على أن يخضع المتدربون فيها إلى الاختبارات وصقل المهارات؛ لكي يكونوا قادة فاعلين في المجتمع، موضحاً أن المنصب القيادي يحتاج إلى إنسان كبير في السن وقادر على حل المشكلات. ودعا إلى عدم تعيين الشباب ذوي الخبرة المحدودة في مثل هذه المواقع الحساسة، مُضيفاً أنَّه يمكن الإفادة من طاقاتهم المكبوتة فى مواقع أخرى تكون لهم بداية لتولي المناصب العليا مستقبلاً، مستدلاً بأنَّ القيادات في أوروبا أغلبهم من كبار السن، كما أنَّ معظم القياديين اليابانيين هم من كبار السن، إذ لا يمكن أن يتعدى أحد على أحد أكبر منه سنّاً. وزراء شباب لفت "سليمان اليوسف" - طالب جامعي - إلى أنَّ تعيين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيَّده الله- وزراء شباب في عدد من الوزارات المهمة يُعدّ إيماناً منه - حفظه الله- بالشباب، إذ يتميز الشاب السعودي بالإيمان والإخلاص والقوة والأمانة المفعمة بروح الشباب وقبس الحكمة المضيء، حيث استمدوها من ثقة ولي الأمر أولاً، إلى جانب ما حصلوا عليه من مهارات ومعلومات في حياتهم العلمية، وكذلك القدرة الواضحة الجليَّة التي أثبتوها في حياتهم العملية لاحقاً. وأبدى اليوسف تفاؤله في ثقة خادم الحرمين الملك سلمان بالشباب، متمنياً إيجاد كادر هندسي يُحفز الشباب على التدرّج في الوصول للمناصب القيادية. نحتاج ل«هيكل حلزوني» لا يعترف برئيس أو مرؤوس! أكَّد "د. محمد بن دليم القحطاني" - باحث اقتصادي-" أنَّ ما نحتاجه في العالم العربي هو ما يسمى بالهيكل التنظيمي الحلزوني الذي لا يعترف برئيس أو مرؤوس، بل العمل بروح الفريق الواحد الذي يطمح إلى إنجاز الأهداف بسرعة واحتراف، إلى جانب الفكر اللحظي واتخاذ القرارات اللحظية. ولفت إلى أنَّ الحاجة تتطلَّب وجود أناس يتخذون أفضل القرارات المصيرية في ثوانٍ قليلة، موضحاً أنَّ ما ينقص دول العالم الثالث حتى تصل إلى مصاف الدول المتقدمة هو وجود نظام إداري لحظي مرتكز على روح الفريق الواحد، إلى جانب التآزر بين أعضاء الفريق لتسيير الأعمال وفق هيكل تنظيمي، وكذلك وجود نظام واضح لتسيير الأعمال، ونظام النزاهة الإدارية، وهو ما يُعدّ من أهم الأمور إن لم يكن أهمها على الإطلاق.
مشاركة :